إردوغان: سنتخذ خطوات بعد لقاء بوتين اليوم

TT

إردوغان: سنتخذ خطوات بعد لقاء بوتين اليوم

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه سيحدد الخطوات اللازمة بشأن المنطقة الآمنة في شرق الفرات بناء على مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، اليوم (الثلاثاء)، مؤكداً أن تركيا ليست لديها أطماع في أراضي سوريا أو غيرها.
وأضاف إردوغان، في كلمة خلال منتدى في إسطنبول أمس (الاثنين)، أن المدة المحددة لخروج مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من المنطقة الآمنة (120 ساعة، تنتهي بنهاية اليوم)، بموجب الاتفاق التركي - الأميركي، أوشكت على الانتهاء، قائلاً: «غداً، سنبحث مع الرئيس بوتين هذا المسار. وبعد ذلك، سنقدم على الخطوات اللازمة».
وتابع إردوغان: «على مدار 17 عاماً من حكمنا في تركيا، لم نجلس مع التنظيمات الإرهابية على طاولة واحدة، ولن نجلس (في إشارة إلى رفض المقترح الأميركي بالتفاوض بين تركيا وقسد). بإمكان الآخرين الجلوس مع الإرهابيين، هذا الأمر لا يعنينا، ولكن في الوقت نفسه يظهر المستوى الذي وصلت إليه السياسة الدولية وقوانين الحرب ومكافحة الإرهاب».
وقال: «الذين يقولون إنهم الأقوى في العالم (في إشارة إلى أميركا) كيف سيوضحون إرسالهم 30 ألف شاحنة أسلحة وذخيرة وعتاد إلى شمال سوريا عن طريق العراق؟ بأي مفهوم ديمقراطي سيفسرون ذلك؟ أين نجد هذا الفعل في القوانين الديمقراطية؟ ليخبرونا إن كان هذا الفعل موجوداً في السياسة الدولية، وإن كانت قوانين الحرب تنص على ذلك». وأضاف إردوغان أن «تركيا ليست لديها أطماع في أراضي أي دولة، ولا ترمي للحد من حرية أي شعب، أو إلحاق الضرر بمصالحه... وتختلف بوجودها عن الذين يبيتون النوايا الخبيثة في سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا وأفريقيا والبلقان، فنحن هناك للمصير المشترك الذي يجمعنا، وهذا الشيء عصي على فهم من يعد قطرة النفط أغلى من قطرة الدماء». وتابع إردوغان: «تبين جلياً أن الدول التي رسمت حدودها بالمسطرة، وليس بالدماء والعرق، لن تكون دولاً حقيقية أبداً... ومخطئ من يعتقد أن مشكلة الإرهاب واللاجئين ستظل محصورة بتركيا إلى الأبد... الغرب كله، بما في ذلك الناتو والاتحاد الأوروبي، اصطفوا إلى جانب الإرهاب، وهاجمونا معاً».
ومن جانبه، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن بلاده تخطط لتأمين عودة نحو مليوني لاجئ سوري إلى المنطقة الآمنة في شمال سوريا، مشيراً إلى عودة 360 ألف سوري طوعاً إلى منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون. وأضاف أنه تم تطهير 65 تجمعاً سكنياً في شرق الفرات، من ضمنها مدينتي رأس العين وتل أبيض، من الإرهابيين (مقاتلو قسد)، وأنّ بلاده توفر البنية التحتية في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا، دون التمييز بين السكان. وتابع: «ينبغي على (الإرهابيين)، في مهلة الـ120 ساعة، الخروج من أوكارهم، ومغادرة المنطقة».
وفي السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية، نديدة شبنام أك طوب، في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس لعرض نتائج عملية «نبع السلام» في شرق الفرات، إن القوات التركية تمكنت من تحييد 765 من عناصر «قسد»، وتحرير 111 منطقة سكنية، والسيطرة على 1500 كيلومتر مربع، في إطار العملية.
وأضافت أنهم يتابعون عن كثب خروج عناصر «قسد» من المنطقة في غضون مهلة الـ120 ساعة، بموجب الاتفاق التركي - الأميركي الموقع الخميس الماضي، مؤكدة خروج 125 عربة من المنطقة الآمنة بسوريا حتى الآن.
ونفت أك طوب أن تكون القوات المشاركة في العملية العسكرية التركية قد استخدمت أي ذخيرة أو أسلحة كيماوية محظورة بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الدولية.
ومن جهته، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من أن بلاده ستستأنف عمليتها العسكرية، إذا لم ينسحب المسلحون الأكراد من «المنطقة الآمنة»، في إطار المهلة المتفق عليها بين تركيا والولايات المتحدة.
وأضاف في تصريحات له أمس: «بقي 35 ساعة من المدة المحددة لانسحاب الإرهابيين (وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات قسد) بموجب الاتفاق التركي - الأميركي. وفي حال لم ينسحبوا، فإن عملية (نبع السلام) ستُستأنف».
وجدد جاويش أوغلو رفضه للاتهامات باستهداف القوات التركية للمدنيين، وقال إن العملية «استهدفت (الإرهابيين) فقط، وتم بذل جهود حثيثة لتجنب إلحاق ضرر بالمدنيين، وإن الأكراد ليسوا أعداء لتركيا التي استقبلت 350 ألفاً منهم، بعدما لجأوا إليها من سوريا».
ومن ناحية أخرى، أكد جاويش أوغلو أن العقوبات أو التهديدات بفرض عقوبات لن تجبر بلاده على وقف عمليتها العسكرية في شمال سوريا، أو استعمال حقها في الدفاع الشرعي عن النفس.
وأضاف: «نتوقع من المجتمع الدولي، وتحديداً من الشركاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، دعمنا في الحرب على الإرهاب».
إلى ذلك، سمح الجيش التركي لمصابي «قسد» بمغادرة مدينة رأس العين، بعد حصارها، في إطار التفاهم مع واشنطن الذي ينص على انسحابهم خلال 120 ساعة.
ونقلت العشرات من سيارات الإسعاف والسيارات المدنية الجرحى عبر الممر الذي فتحته القوات التركية في مدينة رأس العين إلى مدينة القامشلي، بريف محافظة الحسكة.
ويواصل الجيش التركي إرسال تعزيزات إضافية إلى وحداته العاملة قرب الحدود مع سوريا. ووصلت تعزيزات جديدة من القوات الخاصة التركية (الكوماندوز) إلى ولاية غازي عنتاب (جنوب) لتعزيز الوحدات المتمركزة على الحدود مع سوريا. كما انتقل رتل يضم قوات من الكوماندوز إلى ولاية كليس الجنوبية.
وفي الأثناء، قال نائب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان التركي، أيكوت أردوغدو، إن إردوغان رضخ لمطلب واشنطن، بالموافقة على وقف إطلاق النار في شرق الفرات، بعد التلويح بإعادة فتح قضية انتهاك بنك «خلق» الحكومي التركي للعقوبات الأميركية على إيران، والتهديد بتجميد ثروته وعائلته، مما دفعه إلى وقف العملية العسكرية على الفور.
وأضاف أردوغدو، بحسب وسائل إعلام تركية، أن إردوغان لم يهتم بتهديدات فرض العقوبات على تركيا وشعبها، لكنَّه خاف فقط على نفسه وأسرته من العقوبات، حيث تراجع كلياً عن موقفه من وقف إطلاق النار عقب تهديدات فرض العقوبات على أملاكه وأسرته في قضية بنك خلق المنظورة في الولايات المتحدة.
والثلاثاء الماضي، وجه الادعاء الأميركي 6 تهم إلى بنك خلق، تتعلق بانتهاك العقوبات الأميركية على إيران في الفترة ما بين عامي 2010 و2015، عبر التلاعب في النظام المصرفي من جانب البنك، بأوامر من رئيس الوزراء التركي آنذاك (الرئيس الحالي) رجب طيب إردوغان.
وقال المعارض التركي إنه إذا استخدمت دولة أخرى ورقة الضغط هذه في أمر استراتيجي آخر، فإنَّ تركيا سيصيبها شلل دبلوماسي، وهو ما حدث بالعملية العسكرية في سوريا.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.