«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي يزيد حصته في قطاع إعادة التدوير

إتمام عملية استحواذ لتشكيل أكبر لاعب في إدارة المتبقيات الصناعية والخطرة في الخليج

صندوق الاستثمارات العامة يمضي في خطوات تنويع محفظته الاستثمارية (الشرق الأوسط)
صندوق الاستثمارات العامة يمضي في خطوات تنويع محفظته الاستثمارية (الشرق الأوسط)
TT

«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي يزيد حصته في قطاع إعادة التدوير

صندوق الاستثمارات العامة يمضي في خطوات تنويع محفظته الاستثمارية (الشرق الأوسط)
صندوق الاستثمارات العامة يمضي في خطوات تنويع محفظته الاستثمارية (الشرق الأوسط)

في خضم حراكه المستمر لتنويع محفظته الاستثمارية، يزيد صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذراع الاستثمارية للسعودية، من حيز استثماراته في قطاع إعادة تدوير النفايات الصناعية والخطرة، بإعلان إحدى الشركات التابعة له إتمام عملية استحواذ كامل مع شركة عالمية، لتشكيل أكبر لاعب في إدارة تدوير النفايات الصناعية في الخليج.
وكشفت أمس الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، استكمالها جميع إجراءات الاستحواذ النهائي على كامل أسهم شركة إدارة الخدمات البيئية العالمية (GEMS) المملوكة بالكامل لصندوق «جدوى» للفرص الاستثمارية في إدارة النفايات الصناعية، مفصحة عن عزمها إعادة تدوير 85 في المائة من النفايات الصناعية والخطرة في المملكة، ونحو 15 في المائة من مدافن النفايات المتبقية بحلول عام 2035.
وتتطلع الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، التي أنشأها صندوق الاستثمارات العامة في عام 2017 لتطوير وامتلاك وتشغيل والاستثمار في قطاع معالجة المواد القابلة للتدوير داخل المملكة، للمساهمة بأكثر من 37 مليار ريال (9.8 مليار دولار) من إجمالي الناتج المحلي، وجذب ما قيمته 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار) من الاستثمارات الخارجية إلى المملكة، وخلق نحو 23 ألف فرصة عمل جديدة، وذلك بحلول 2030.
وجاءت عملية الاستحواذ بين شركتي «السعودية لإعادة التدوير» و«جدوى للاستثمار» مع اكتمال الإجراءات النظامية المطلوبة، واستيفاء جميع الشروط اللازمة لاستكمال الصفقة، وسط حضور حكومي بوجود وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، ورئيس مجلس إدارة شركة «جدوى للاستثمار»، أديب بن عبد الله الزامل، وذلك في المقر الرئيسي لوزارة البيئة والمياه والزراعة، بحضور عدد من المسؤولين.
ويمثل الانتهاء من الإجراءات النظامية المطلوبة واستكمال صفقة الاستحواذ تطوراً لافتاً في مهمة الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، الرامية إلى إيجاد حلول تدعم استرداد الموارد، من خلال إعادة التدوير وتقليل كمية النفايات المتجهة إلى مدافن النفايات، وذلك تماشياً مع «أهداف ورؤية المملكة 2030».
ويأتي هذا التوجه نحو الاستثمار في إعادة التدوير مع وجود فرصة ضخمة في الوقت الراهن، إذ بحسب دراسات أولية أجراها صندوق الاستثمارات العامة، تقوم المملكة بإعادة تدوير ما يقرب من 10 في المائة فقط من المواد القابلة لإعادة التدوير، التي يبلغ حجم إنتاجها السنوي نحو 50 مليون طن، في حين يتم التخلص من نحو 90 في المائة من المواد عن طريق الطمر، مما يلحق ضرراً كبيراً بالبيئة، ويمنع الاستفادة من المواد القابلة لإعادة التدوير.
من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لإعادة التدوير المهندس جيرون فنسنت، أن صفقة الاستحواذ على حصة 100 في المائة من أسهم شركة إدارة الخدمات البيئية العالمية، ستتيح لـشركة السعودية لإعادة التدوير، أن تصبح أكبر لاعب في قطاع إدارة النفايات الصناعية والخطرة في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى توفير منصة لمواصلة تطوير القدرات والتقنيات الحديثة لمعالجة النفايات الخطرة بطريقة صديقة للبيئة.
وأفاد بأن الاستحواذ على إحدى أكبر الشركات المتخصصة في معالجة المواد الصناعية القابلة للتدوير في منطقة الخليج، يمثل تطوراً رئيسياً لـلشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، وسيؤسس لوجودها القوي في قطاع معالجة المواد الصناعية القابلة للتدوير، مع الحفاظ على عمليات شركة إدارة الخدمات البيئية العالمية وتوسيع أعمالها.
وأشار في بيان صدر أمس، إلى أن «السعودية لإعادة التدوير» تعتزم دمج معالجة النفايات الصناعية والطبية بالكامل، في عمليات سلسلة القيمة الخاصة بها، لا سيما في قطاع التعدين والمعادن والصناعات التحويلية، من أجل إعادة استخدام الموارد واستردادها، مؤكداً العمل على زيادة قدرات الشركة الحالية لتلبية احتياجات عمليات إعادة التدوير بنسبة 88 في المائة، وتشغيل كامل منشآت شركة إدارة الخدمات البيئية العالمية، وفتح إمكانات سوق جديدة للمواد الخام المعاد تدويرها من المناجم والنفايات الطبية.
يذكر أن شركة إدارة الخدمات البيئية العالمية (GEMS) تدير في الوقت الحالي 4 منشآت في مدن: ينبع، ورابغ، والجوف، والدمام، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المصنع الخامس هذا العام، في مدينة الجبيل الصناعية، في حين بدأت الاستعدادات لافتتاح المصنع السادس للشركة في جازان.


مقالات ذات صلة

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)

مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

شدد مختصون بالطاقة النظيفة على ضرورة تنويع مصادر الإمداد وتعزيز قدرات التصنيع المحلية لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل وتقليل نقاط الضعف.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)

«بارسونز» الأميركية تفوز بعقد قيمته 53 مليون دولار لبرنامج الطرق في الرياض

فازت شركة «بارسونز» الأميركية بعقد لإدارة تطوير شبكة الطرق بالرياض، في وقت تستعد العاصمة السعودية لاستضافة «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.