قضية اختطاف الناشط ميثم الحلو تثير جدلاً واسعاً في العراق

مجلس القضاء يصدر توضيحاً بشأن المغيبين في المحافظات السنية

TT

قضية اختطاف الناشط ميثم الحلو تثير جدلاً واسعاً في العراق

تتفاعل منذ اليوم الأول لانطلاق المظاهرات في العراق مطلع الشهر الجاري، قضية الشباب وبعض الناشطين الذين اعتقلوا أو اختطفوا من قبل جهات أمنية، وجهات غير معروفة في بعض الأحيان، وما زال مصير بعضهم مجهولا.
وفيما أصدر مجلس القضاء الأعلى بيانا حول المغيبين والمختطفين في المحافظات السنية التي سيطر عليها «داعش» بعد عام 2014. تفاعلت بقوة في اليومين الأخيرين، قضية اختطاف الناشط الدكتور ميثم الحلو، استشاري الأمراض الجلدية، التي وقعت قبل نحو أسبوعين، وبينما أفرجت السلطات عن بعض الناشطين في اليومين الأخيرين ومنهم المهندس عقيل التميمي، ظل مصير الحلو مجهولا، ولم تعرف الجهة التي تقف وراء اختطافه من أمام مقر عيادته في حي الشرطة بجانب الكرخ في بغداد، ما أثار موجة كبيرة من الانتقادات والمطالبات للسلطات من أفراد أسرته أو زملائه وأصدقائه من الأطباء والناشطين والكتاب بالكشف عن مصيره.
ومن المقرر أن ينظم طيف واسع من الناشطين وأصدقاء الحلو اليوم وقفة احتجاجية في ساحة كهرمانة وسط بغداد لـ«المطالبه بالإفراج العاجل عنه وعن معتقلي الرأي والاحتجاج» استنادا إلى بيان مقتضب نشره الناشطون. وكتبت ابنته، زهراء، كتبت منشورا مؤثرا أول من أمس، عبر «فيسبوك» وباللهجة العراقية المحلية قالت فيه: «صار أكثر من عشرة أيام ولحد الآن ماكو أي خبر موثوق، لحد الآن لا نعرف الموضوع، اختفاء، اختطاف، أو اعتقال، لحد الآن ماكو (لا يوجد) مبرر للذي يحدث».
أما وفاء، شقيقة الدكتور الحلو، فقد خاطبت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في رسالة قائلة: «هل تعلم يا سيادة الرئيس أن لي أخا مغيبا ومختطفا كباقي الناشطين المدنيين، لا نعرف ما الذنب الذي اقترفه، أو حتى مكان احتجازه». وأضافت «أخي ميثم الحلو طبيب استشاري جلدية، كاتب وروائي وشاعر وزوج وأب لثلاث فتيات، اليوم هو الـ13 على غيابه، أتمنى من كل الشرفاء مساعدتي».
الروائي الفائز بجائزة البوكر العربية أحمد السعداوي، كتب عبر «فيسبوك» قائلا: «قضية ميثم الحلو مثال على قضايا لمختطفين آخرين لا يعرف أحدٌ مصيرهم منذ بداية هذا الشهر وحتى الساعة، والدولة تقوم بردّ الفعل نفسه؛ الصمت والتجاهل». وأضاف: «لا مشكلة مع الاعتقالات بأمر قضائي ومن قبل جهات معلومة، وحق المعتقل بتوكيل محامٍ وما إلى ذلك من إجراءات معهودة في دولة القانون المحترمة، لكن هذا الصمت على قضية الدكتور ميثم الحلو وبقية المختطفين، يؤكد أننا في بلد عصابات لا بلد قانون، وفي بلد العصابات كلّنا على لائحة الاعتقال والتغييب».
من جهة أخرى، وبالتزامن مع الأحاديث المتواصلة عن قضية المحتجزين والمغيبين من النشاط في المظاهرات الأخيرة، أصدر مجلس القضاء الأعلى، أمس، بيانا حول الشكاوى العديدة التي صدرت عن شخصيات وأحزاب سياسية تتعلق بالكشف عن مصير العشرات من الأشخاص الذي فقدوا في المحافظات السنية أثناء وبعد سيطرة «دعش» عليها عام 2014.
وذكر المجلس في بيانه أنه تلقى «قائمة من المفقودين من قبل إحدى الجهات السياسية وتم الإيعاز إلى كافة المحاكم للمباشرة بالتعاون مع الجهات المعنية للتوصل إلى مصيـرهم الحقيقي». وحسب الحصيلة التي أعلنها بيان مجلس القضاء، فإن «قسماً من الأشخاص الواردة أسماؤهم ضمن القوائم كانوا موقوفين على ذمة قضايا تحقيقية وقد صدر قرار بالإفراج عنهم في حينه». وأحد المتهمين الوارد اسمه في قوائم المفقودين «توفي بتاريخ 2017-9-9 أثناء رقوده في مستشفى الحلة التعليمي وتم تسليم جثته إلى ذويه». وبعض المتهمين حكم عليهم بالسجن المؤبد في جنايات بابل، وبعضهم صدرت بحقه مذكرات قبض وما زالوا هاربين. وذكر البيان أن المفقودين في محافظة صلاح الدين «مسجل أخبار بفقدانهم وجاري البحث والتحري عنهم».
ولم تخرج قضايا بقية المخطوفين أو المغيبين في بقية المحافظات، مثل كركوك وديالى والأنبار عن الإطار العام الذي كشفه البيان. لكن مجلس القضاء تعهد بـ«استمرار التحري عن الذين لم يتم التوصل إلى مصيرهم بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمن في السلطة التنفيذية بمختلف مسمياتها».
بدوره، يقول مصدر مطلع بشؤون المغيبين والمختطفين في محافظة صلاح الدين لـ«الشرق الأوسط» بأن «بيان مجلس القضاء لم يؤخر أو يقدم في ملف المختطفين، وقد جاء من باب ذر الرماد في العيون لا أكثر، لأنه لم يكشف عن أي شيء في الحقيقة، نحن نتحدث عن آلاف المغيبين، فيما لم يكشف القضاء إلا عن بضعة أسماء». ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الكشف عن اسمه «من المستبعد أن يقوم القضاء العراقي بالكشف عن أسماء المغيبين، لأن الجهات المعروفة التي تقف وراء تلك العمليات فوق المساءلة القانون، لذلك أطراف كثيرة تفكر في طلب المساعدة الدولية في هذا الاتجاه».
من جانبها، قدمت «جبهة الإنقاذ والتنمية» التي يتزعمها رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، أمس، شكرها إلى مجلس القضاء على استجابته لمتابعة ملف المفقودين، لكنها شددت على «ضرورة مواصلة البحث واتخاذ الإجراءات القانونية كافة لكشف مصير المخفيين قسراً». ودعت «أهالي المخطوفين والمخفيين قسراً بضرورة مراجعة الهيئات القضائية في المحافظات التي جرت فيها هذه الجرائم، وعدم التردد في اتهام أي جهة متورطة في اختطاف أبنائهم».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».