بحوث الاختصاصات العلمية في الجامعات اللبنانية تطغى على الاهتمام بالعلوم الإنسانية

باتت تواكب حاجات سوق العمل بعد أن طورت إمكاناتها البحثية

مجمع رفيق الحريري الجامعي في محلة الحدث اللبنانية
مجمع رفيق الحريري الجامعي في محلة الحدث اللبنانية
TT

بحوث الاختصاصات العلمية في الجامعات اللبنانية تطغى على الاهتمام بالعلوم الإنسانية

مجمع رفيق الحريري الجامعي في محلة الحدث اللبنانية
مجمع رفيق الحريري الجامعي في محلة الحدث اللبنانية

تشكل إحصائيات الإنتاج العلمي في الجامعات اللبنانية ما نسبته 85 في المائة من بين الإنتاج العربي، وهو إنتاج واعد تؤكد معطيات عالمية أنه يحتل صدارة دول المشرق العربي في مجموع المقالات العلمية الموثقة (1730 مقالا سنويا)، مع تميز واضح في علوم الطب التي تشكل 80 في المائة من هذا الإنتاج.
وبحسب الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة فإن لبنان يسجل أيضا اهتماما متزايدا بعلوم المواد وتطبيقاتها الصناعية، تليها علوم البيئة والموارد الطبيعية، بينما تتراجع وللأسف نسبة المنشورات الموثقة في علوم الإنسان والمجتمع. لافتا إلى أن المجلس باشر مؤخرا بتشجيع الباحثين من خلال «جائزة التميز في البحوث» التي أضحت سنوية في 4 اختصاصات مختلفة، يتم تحديدها كل عام.
ومن بين الاختصاصات التي تضمن مستقبلا لائقا للطلاب في لبنان وفي المهجر هي الاختصاصات العلمية. فما هذه الاختصاصات التي توفرها الجامعة اللبنانية، ما واقعها وآفاقها، وما علاقتها بسوق العمل والقطاعات الإنتاجية، وما دورها في تطوير الإنسان والمجتمع؟
يقول عميد المعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا فواز العمر في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مكتبه في مجمع رفيق الحريري في محلة الحدث: «نعطي نوعين من الشهادات، الدكتوراه والجدارة أو التأهيل لإدارة البحث العلمي. وبهدف مواكبة النهضة العلمية والتطور التكنولوجي، أنشأنا 3 منصات بحثية، الأولى تتعلق بعلوم البيئة، والثانية بعلوم النانو تكنولوجيا، أما الثالثة، فتركز على علوم البيو تكنولوجيا، وتقع هذه المختبرات المركزية في الحدث والفنار وطرابلس على التوالي، والأخيرة تتضمن عدة فرق، ومنها فريق يهتم بموضوع الميكروبيولوجيا الطبية».
وإذا ما توقفنا عند الاختصاصات التي يقدمها هذا المعهد – وهو أحد ثلاثة معاهد عليا للدكتوراه أنشأتها الجامعة اللبنانية - نجد أنه يهدف إلى إعداد ومنح شهادة الدكتوراه ودبلوم التأهيل في إدارة الأبحاث HDR في الاختصاصات التالية: العلوم والتكنولوجيا، والعلوم الصحية (طب، صحة، صيدلة، طب أسنان) والزراعية والهندسة المعمارية، كما يعمل على تكوين الخبرات البحثية في المجالات العلمية والتقنية المتقدمة، لتلبية احتياجات مؤسسات التعليم العالي وقطاعات الإنتاج والخدمات في المجتمع اللبناني.
بدورها توفر الجامعة اللبنانية للطلاب الحائزين على الثانوية العامة فرع العلوم العامة، أو علوم الحياة اختصاصات علمية عدة، منها: «إجازة في مواد الرياضيات، والمعلوماتية، والإحصاء، والفيزياء، والكيمياء، والكيمياء الحياتية، وعلوم الحياة والأرض، والإلكترونيك». وتعتمد الكلية نظام الأرصدة، وتمتد الدراسة فيها على 6 فصول دراسية.
ويؤكد العمر أن التعليم والبحث العلمي المتعدد الاختصاصات، يواكبان الرؤية الجديدة للعلوم وحاجات سوق العمل، فالماستر والدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا لم تعد وجهة للتعليم، بل «تذكرة» يجب صرفها في القطاعين الصناعي والاقتصادي.
وفي لغة الأرقام استطاع المعهد العالي للدكتوراه إنشاء أكثر من 31 فرقة بحثية، تضم 276 باحثا، تشكل شبكة أساسية وفاعلة لوضع أسس البحث العلمي المثمر والمستمر، فيما تجاوز - وضمن سياسة الانفتاح الواسع - عدد الاتفاقيات مع الجامعات الأوروبية 50 اتفاقيه عامة مع الجامعات الفرنسية، واتفاقيات الإشراف المشترك على الدكتوراه 160 اتفاقية، وبرامج المنح لطلاب الدكتوراه منذ عام 2008 لتصل إلى 132 منحة مشتركة.
وانتقالا إلى كلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية ذات الـ31 عاما، يفتخر عميد الكلية الدكتور بيار يارد بخريجي الكلية معتبرا أنهم «نخبة النخبة المشهود لكفاءاتهم في لبنان والخارج». مشيرا إلى تخريج 2200 طالب منذ تأسيسها، فيما يتوزع 1200 طالب حاليا على نحو 30 اختصاصا.
فيما يتعلق باتفاقات التعاون ثمة الكثير منها مع جامعات فرنسية وبلجيكية وأميركية، يقابلها اتفاقات تعاقد مع 18 مستشفى عاما وخاصا من بينها مستشفيات جامعية كالمستشفى اللبناني، ورفيق الحريري وبعبدا الحكومي، ومشاريع لتحويل مستشفيات أخرى إلى مستشفيات جامعية لتكون مراكز تدريب ذات مستوى.
وردا على سؤال يجيب: «حلمنا الأكبر هو أن يكون للكلية مستشفى جامعي خاص بها، المشروع سيبصر النور في يونيو (حزيران) المقبل ويتضمن إنشاء مركز عيادات خارجية متكامل في حرم الكلية بالتعاون مع كلية الصحة بإشراف أساتذة الكليتين، وسيتضمن 7 عيادات خارجية ومختبر ومركز أشعة وتصوير صوتي وصيدلية ومركز علاج فيزيائي، وسيستقبل المرضى (بكلفة رمزية) لعلاجهم في أمراض القلب، والعيون، والأنف والأذن والحنجرة، والجراحة العامة والعظم وأمراض الأطفال والأمراض النسائية».
ويشدد يارد على أهمية اتفاق التعاون الذي وقع أخيرا مع «مركز رفيفا الطبي» في بصاليم في مجال البحث العلمي للعلاج بالخلايا الجذعية، موضحا أنه يوسع دائرة الإمكانات البحثية للكلية ويسمح لطلابنا وأساتذتنا بالإفادة من هذا المركز المتطور لعلم الخلايا الجذعية، نظرا لآفاقه الكبيرة ولإمكانات تطبيقه في العلاجات المستقبلية التي لا تحصى.
ووفق إحصاءات الكلية فإن سوق العمل اللبناني يستوعب ما بين 70 و80 في المائة من طلاب الجامعة اللبنانية المتخرجين، فيما تسافر النسبة المتبقية إلى الخارج. أما معدل الطلاب المقبولين عند الانتساب فثابت ويبلغ 100 طالب منذ 4 سنوات يقابله ما بين 70 و100 طالب في الجامعات الخاصة.
وتبلغ مدة الدراسة 7 سنوات، السنة الأولى تحضيرية في كلية العلوم والـ6 الأخرى تعتبر سنوات اختصاص في كلية الطب، تمنح الطالب لقب «دكتور في الطب».
ويضيف يارد أننا «منذ 3 سنوات افتتحنا اختصاص طب في الشيخوخة، الطوارئ، طب حديثي الولادة وطب السرطان عند الأطفال، كما أنشأنا دبلوما بحثيا جامعيا للبحث السريري، وهذا ما يحتاجه سوق العمل».
وفي الختام فإن الباحث العلمي يؤدي دور الوسيط بين الجامعة والمجتمع، ويتعين أن يقنع الشرائح الاجتماعية بأهمية بحثه وتداعياته التقنية، والتنموية، والاقتصادية. فالعلوم - وبحسب منظمة اليونيسكو - تساهم في فهم الطبيعة والمجتمع، وتساعد على حل المشكلات العالمية من تغير في المناخ، وتدهور البيئة، وأزمة الطاقة وغيرها.



تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن
TT

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

أثار تحقيق تربوي مستقل، صدر منذ أيام، موجة جدل في بريطانيا بعد كشفه عن تردّي أوضاع أكثر من 1500 مدرسة غير مرخصة في مقاطعة هاكني اللندنية.
هذا التحقيق الذي استغرق عاماً من العمل، انتقد سلامة الطلاب والمناهج التعليمية في تلك المدارس اليهودية «المتشددة دينياً»، وأسند معلوماته إلى إثباتات وبيانات من وزارة التعليم، وهيئة تقييم المدارس البريطانية (أوفستيد) إلى جانب شهادات من بلدية هاكني ورابطة المدارس العبرية، ودعا بإلحاح إلى تحرك حكومي.
وقال التقرير إن القوانين البريطانية لا تتعامل بحزم مع المدارس غير المرخصة، معبراً عن استيائه من رد الفعل اللامبالي من الحكومة.
ووفقاً لما نقلته «بي بي سي» على موقعها الجمعة الماضي، فإن القائمين على التحقيق أجروا استفتاءً بين أهالي الجالية اليهودية «المتشددة» لمشاركة تجاربهم، من دون الكشف عن هوياتهم. ووجدوا أنّ التعليم الذي يتلقاه طلاب أبناء الجالية لا يتماشى مع معايير التدريس في البلاد.
وكشفت هيئة «أوفستيد» أنّ نحو 6 آلاف طالب في إنجلترا يدرسون في مؤسسات تعليمية غير مرخصة معظمها مدارس دينية، يهودية ومسيحية وإسلامية.
من جانبها، طالبت بلدية هاكني في العاصمة البريطانية، بتشديد القوانين على تلك المدارس، لكنّ وزارة التعليم في البلاد لم تبد نيّة لإجراء أي تعديلات. ودعا التقرير المستقل بتشديد القوانين على التدريس المنزلي، ومنح البلديات الصلاحية لضمان تعليم ذات جودة تتماشى مع الأسس البريطانية لمرتادي هذه المدارس، ولمن اختار أهلهم تدريسهم في المنزل. كما حثّ البلدية أن تطوّر آلية موحدة للتعامل مع الكم الهائل من مدارسها غير المرخصة التي تزيد من التفرقة الاجتماعية في البلاد، وتؤدي بالتالي إلى إنتاج فكر متشدد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُوضع فيها المدارس الدينية في بريطانيا تحت المجهر، حيث أفاد تقرير لأوفستيد في فبراير (شباط) 2016، بأنّ أداء تلاميذ مدرسة «بيس أهارون» الابتدائية، يُجمعون على فكرة أنّ دور المرأة يقتصر على «الاهتمام بالأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام»، منتقداً مستوى التعليم في المدرسة الذي «لا يرقى إلى المستوى المنتظر من مدرسة مستقلة»، ويقدّم «الشعائر الدينية على المعايير التعليمية» المتعارف عليها. واعتبرت الهيئة الحكومية أنّ هذه المدرسة الابتدائية الخاصة التي تكلّف ما يقارب الـ3000 جنيه إسترليني في السنة (أي نحو 4300 دولار أميركي)، لا تحضّر تلاميذها بشكل مناسب للانخراط في «الحياة البريطانية الحديثة».
وفي السياق ذاته، قال مفتشو هيئة «أوفستيد» إن نقاشاتهم مع التلاميذ كشفت أن «معظمهم عبّروا عن آراء في الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في المجتمع، لا تتوافق ومبادئ المجتمع البريطاني الحديث»، كما «فشلوا في إظهار الاحترام والتسامح تجاه أشخاص من ديانات مختلفة»، فضلاً عن أنّ معرفتهم بديانات أخرى وثقافات مغايرة «محدودة للغاية».
يذكر أن الهيئة نفسها كانت قد انتقدت 7 مدارس إسلامية مستقلة في منطقة «تاور هاملتس»، شرق لندن، لفشلها في أداء واجبها لحماية الأطفال من التطرف. وأشارت «أوفستيد» في تقريرها الذي نشر بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إلى تساهل بعض هذه المدارس مع ممارسات قد تعتبر مشجعة للتطرف، وعبرت عن مخاوف جدية تجاه تدابير حماية التلاميذ ورعايتهم من خطر الانجرار وراء الفكر التطرفي، حسبما أفادت «الشرق الأوسط» سابقاً.