مظاهرات لبنان جمعت مشاهير في مجال الفن والإعلام

صور المشاركين فيها غزت وسائل التواصل الاجتماعي

نادين نجيم شاركت في الاحتجاجات حاملة علم لبنان
نادين نجيم شاركت في الاحتجاجات حاملة علم لبنان
TT

مظاهرات لبنان جمعت مشاهير في مجال الفن والإعلام

نادين نجيم شاركت في الاحتجاجات حاملة علم لبنان
نادين نجيم شاركت في الاحتجاجات حاملة علم لبنان

لم تخلُ المظاهرات الشعبية والاحتجاجية التي تشهدها مختلف المناطق اللبنانية منذ 17 الجاري مشهديات إنسانية وفنية وإعلامية تم تداولها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة. فمعظم اللبنانيين ومن جميع الشرائح الاجتماعية شاركوا في هذه الانتفاضة التي أطلق عليها اسم «كلنا عالشارع». كما أن الحماس الذي أصاب المواطنين من مختلف المهن والمستويات الاجتماعية دفع بكثيرين من أهل الفن والإعلام بالانضمام إلى حشود المتظاهرين. فعبّروا بدورهم ومن دون تردد عن معاناتهم كمواطنين لبنانيين. وأرادوا بذلك التأكيد على أنهم لا يختلفون عن غيرهم من الناس، ولو أنهم يعيشون تحت الأضواء ويحققون الشهرة من خلال أعمالهم التلفزيونية والإذاعية والغنائية والدرامية. وكان أول الوافدين إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت التي شكّلت أهم نقطة استيعاب لأكبر عدد من المحتجين، مجموعة من الممثلين اللبنانيين أمثال نادين نسيب نجيم وكارمن لبس وكارين رزق الله ووسام حنا. وكان سبقهم إليها كل من الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان، فيما قاد الإعلامي وسام بريدي تحركات هذه المجموعات بعد أن أمسك بمكبر الصوت وبدأ في ترديد النشيد اللبناني ليبث روح الحماس في المتظاهرين.
ورغم أن بعض المشاهير لم يواكب هذه التحركات على الأرض مباشرة كمايا دياب وإليسا، فإنهم حاولوا التعبير عن دعم المحتجين من الأماكن الموجودين فيها، وذلك عبر حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتداول اللبنانيون على هذه المواقع فيديوهات ولقطات مصورة تظهر المشاهير وهم يهتفون ويشاركون المحتجين طلباتهم. وفي إحدى الصور ظهرت بها نادين نسيب نجيم وهي تحمل العلم اللبناني، حيث نشرتها على حسابها على «إنستغرام»، وعلقت عليها: «نحنا معكم نحنا نزلنا ونحنا منكم... لبنان وبس، كلنا لبنانية بلا طائفية». فيما أظهر فيديو مصور هتافات نادين وزملائها كارين رزق الله وكارمن لبس ووسام حنا يصرخون ويكررون عبارة «ثورة». أما الإعلامي نيشان فساهم في الكشف عن وجوه بعض من قاموا بأعمال تخريبية في المظاهرات التي شارك فيها، فنشر فيديو مصور على «إنستغرام» علق عليه: «هذا يسمى تخريباً... هذا اعتداء يهين التظاهر».
ورغم خضوعها لعملية جراحية قبل فترة قصيرة خرجت الفنانة ماغي بو غصن لتشارك في المظاهرات. ووقفت متأثرة أما مشهدية مشاركة عدد من رجال الدين على اختلاف طوائفهم ممسكين بأيادي بعضهم البعض. وعلّقت في لقطة مصورة نشرتها بدورها على «تويتر» تقول: «ما أحلى هذا المشهد... إن أي شخص لم يشارك أو ينزل إلى الشارع سيشعر لاحقا بالندم».
وكان لمشاركة المطرب معين شريف في المظاهرة التي أحاطت بالقصر الجمهوري في بعبدا، وقعها على جمهوره وعلى المحتجين الموجودين فيها. فصرّح بأنه حمل معه ابنه الصغير كي يتعلم المطالبة بحقوقه. وذكّر بقول حفظه من رئيس الجمهورية ميشال عون في أحد لقاءاته به ويقول: «تنظيف الدرج يبدأ من فوق لتحت» مشيراً إلى ضرورة مكافحة الفساد من رأس الهرم إلى أسفله.
أما الممثلة نادين الراسي فظهرت في فيديو مصور وهي ترمي عجلة كاوتشوك وتحرقها أسوة بتحركات المتظاهرين وهي تقول: «احترقنا... وأنا نادين الراسي جعت لسبعة أيام، علي ديون كثيرة، وحالي ليس أفضل منكم، وتبهدلت وصرت بلا بيت، أعيش على الطرقات وليس لدي الإمكانية لأستأجر منزلا».
وآثر نجوم كثر على أن تتصدر صورة العلم اللبناني حساباتهم الإلكترونية مرفقة مع تعليق: «بدنا نوحّد البروفايل بيكتشر».
ومن المشهديات الأخرى التي لفتت اللبنانيين من قلب مواقع المظاهرات تلك التي ركع فيها أحد الشبان يعرض الزواج على حبيبته وليحملها ويدور بها إثر موافقتها على طلبه. أما مدينة عاليه التي تشهد بدورها مظاهرات احتجاجية فقد زفّت أحد شبانه قبيل موعد زفافه بدقائق قليلة، فحمله المتظاهرون على الأكتاف ليعلق: «لم أشأ أن أعبر إلى خطوة مهمة في حياتي الاجتماعية قبل أن أهتف لوطني لبنان وأشارك في هذه المظاهرات». وكان لبعض الشبان الذي تطوعوا صباح أمس من أجل تنظيف ساحة رياض الصلح من الركام والنفايات التي تغطيها بسبب بعض أعمال تخريبية شهدتها، وقعه الإيجابي على اللبنانيين سيما وأن أحد المتطوعين علق يقول: «إذا لم نقم بتنظيف بلدنا بأيدينا فلا تنتظروا أن يقوم الغريب بهذه المهمة».
ولم يتوان أحد رجال الدين المسلمين في مدينة طرابلس من حمل كدسة من الدولارات وراح يوزعها على المتظاهرين في ساحة النور من دون استثناء. وعندما سألته المذيعة التلفزيونية عن سبب قيامه بهذه اللفتة أجاب: «لو قام كل نائب وزعيم بما أقوم به اليوم لوفروا على أنفسهم الكثير. فشبابنا يجوع وهو عاطل عن العمل ولا أحد يرأف إلى حاله».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».