شاي التندوري... خلطة أعشاب مدخنة على الفحم

ينتشر في شبه القارة الهندية وشعبيته في ازدياد

شاي التندوري... خلطة أعشاب مدخنة على الفحم
TT

شاي التندوري... خلطة أعشاب مدخنة على الفحم

شاي التندوري... خلطة أعشاب مدخنة على الفحم

تزداد شعبية شاي التندوري، وهو شاي مدخن معد داخل فرن طيني، في الهند. فما هو هذا الشاي؟
التندوري فرن من الطين منتشر كثيراً في شبه القارة الهندية، حيث ترتبط به كثير من الأطباق المميزة الشهيرة، مثل تندوري بانير، أو تندوري الدجاج، أو تندوري الكباب. لا بد أنكم قد سمعتم جميعاً بكل تلك الأطباق، لكنكم لم تسمعوا يوماً بمشروب تندوري. ما يميز ذلك المشروب هو طريقة إعداده أكثر مما يتميز بالمذاق. ويتم وضع أكواب الفخار التقليدية، التي تسمى «كولهادز»، داخل الفرن المليء بالفحم المتقد. وتتم عملية إعداد الشاي بإضافة نكهات النعناع والقرفة والحبهان والزنجبيل. وبعد ذلك، يتم صب الشاي في كوب مسخن مسبقاً. والحرارة الموجودة داخل الكوب تساعد على نضج الشاي الساخن بدرجة أكبر، وتنتهي عملية إعداده تماماً. ويوجد إناء ذو يد طويلة أسفل الكوب الفخار للاحتفاظ بأي كمية زائدة منسكبة. ويتم صب الشاي في أكواب أخرى جديدة من الفخار المصقول، مما يكسبه نكهة مدخنة فريدة، ومذاقاً رائعاً بفضل الفخار.
وتعود جذور ذلك الشاي المدخن المعد على طريقة التندوري إلى باكستان، لكنه وصل إلى الهند بمرور السنوات عبر مدينة بونه الهندية على أيدي أمول راجديو، صاحب متجر «شاي لا» للشاي، ويعد حالياً من المشروبات المحببة في أنحاء الهند. ويتذكر أمول قائلاً: «في مساء شتوي عام 2017، كنت أعاني من السعال والبرد، وأجلس بالقرب من نار في باحة منزل قديم في مدينة أحمد نجار براهوري، عندما أعدت لي جدتي بعض اللبن بالكركم في كوب فخاري، ووضعته بجوار النار حتى يصبح دافئاً. كانت تلك اللحظة هي لحظة ميلاد الفكرة، وما حدث بعد ذلك تاريخ كما يقولون».
ويضيف أمول قائلاً: «لم يكن من السهل العمل على الفكرة، من حيث تطبيقها على الشاي. ومع ذلك، كنت مفعماً بالإصرار، وربما ذلك ما ساعدني على تخطي كل الحواجز. واليوم، يتحدث أناس مما يزيد على 13 ولاية معي بشأن تدشين سلسلة لـ(شاي لا) في مدن أخرى، وكذلك هناك اقتراحات بالتوسع في الخارج في 10 دول».
المثير للاهتمام هو أن أمول يجني 1.5 مليون روبية شهرياً من وصفات الشاي الخاصة به. وإذا كان هناك ما يوحد الهنود أكثر من لعبة الكريكيت، والهوس بنجوم السينما الهندية، فهو بالتأكيد حب الشاي الذي يجري في شرايين الهنود مثل الدماء. فبحسب استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب»، يشرب الهندي أكثر من كوبين من الشاي يومياً في المتوسط.
وفي الوقت الذي يفضل فيه الناس، خصوصاً في شمال الهند، تناول الشاي مع إضافة السكر وبعض التوابل، مثل الزنجبيل والفلفل والحبهان، هناك أنواع أخرى مختلفة من الشاي. وفي «تندوري شاي باغان»، الذي يديره إس دي في غوروغرام بضواحي العاصمة الهندية دلهي، إن لم ترغب في تناول شاي التندوري، يمكنك تناول قهوة التندوري التي يتم تقديمها أيضاً مع شعرية التندوري. ويقول إس دي: «أبقي على سرية وصفات مشروبات التندوري وطريقة إعدادها». وكذلك تقول الطاهية ريتو أوداي كوغاجي: «لقد جربت وصفة الشاي تلك في بونة، ثم بدأت إعدادها في المنزل. إن له نكهة محببة مدخنة. لإعداد الشاي في المنزل، يمكن وضع إناء فخاري على النار، وتسخينه لمدة 10 دقائق على نار متوسطة أو فرن مسخن مسبقاً. ويمكن إعداد الشاي بغلي المياه، وإضافة السكر وأوراق الشاي، وعشبة الليمون، وأوراق النعناع، وبهارات الشاي. وبمجرد غليان المياه، يتم إضافة اللبن وغليه لمدة دقيقتين. ويتم صب الشاي باستخدام مصفاة مخصصة داخل إبريق. ويتم وضع الإناء الفخاري باستخدام ملقط داخل إناء عميق، ثم صب الشاي الساخن فيه.
وسيبدأ الشاي في الغليان داخل الإناء الفخاري، ويفور في النهاية. ويمكن نقل الشاي إلى كوب آخر، واحتساء الشاي مع وجبة خفيفة أو بسكويت. وأضاف محمد عبد السهيل نكهته الخاصة، وقال إنه في أثناء تجاربه استهلك كمية لبن تتراوح بين 10 و15 لتراً للحصول على نكهة دقيقة بمكونات ذات مقادير متكافئة. وبعد تجارب استمرت من 13 إلى 15 يوماً، توصل إلى النكهة المنشودة، بإضافة خليط من 8 مكونات، مثل: اللبن، والشاي الخاص، والقهوة، والحبهان، والزنجبيل المجفف، وجوزة الطيب، وغيرها من المكونات السرية التي تدخل في إعداد شاي التندوري.
ويضيف سهيل قائلاً: «بدأت في بيع ما يتراوح بين 30 و40 لتر لبن لإعداد نحو 300 كوب. وتوسع العمل حالياً، وأبيع ما يتراوح بين 600 و700 كوب من الشاي يومياً، يتم إعدادها باستخدام بين 50 و60 لتراً من اللبن».
ويبيع محمد إسلام، المهندس الميكانيكي الذي أصبح صاحب مطعم، هذا الشاي من خلال منفذ البيع «أرابيان تندور شاي». ويوضح إسلام قائلاً: «شاهدت مقاطع مصورة على الإنترنت، يظهر فيها تقديم شاي معد على البخار في بونة، وخطرت لي فكرة تقديمه في مدينتنا. إنها فكرة تجارية اقتصادية مبتكرة تناسب أصحاب الأعمال الرائدة من الشباب أيضاً». ويضيف قائلاً: «نقدم ألفي كوب من شاي التندوري يومياً، لذا نحتاج إلى استبدال الأكواب الفخارية التي نضعها داخل الفرن كل 4 أو 5 أيام»، وأوضح أنه قد تلقى أكثر من 40 طلباً لفتح أفرع لمتجره منذ بدأ العمل.
ويتم تحلية الشاي المدخن بقليل من السكر، مع نفحة من النعناع والقرفة والحبهان والزنجبيل، ويعد مناسباً بعد وجبة دسمة، أو يمكن تناوله سريعاً قبل بدء يوم عمل شاق.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».