أميركا تفعّل الجبهة الأوروبية لحرب الرسوم... من الطائرات إلى الزيتون

تشمل بضائع بـ7.5 مليار دولار... وتحذيرات أوروبية من العواقب

دخلت الرسوم الأميركية على البضائع الأوروبية ومن بينها زيت الزيتون إلى حيز التنفيذ أمس ما يهدد بفتح جبهة مشتعلة لحرب التجارة عبر الأطلسي (رويترز)
دخلت الرسوم الأميركية على البضائع الأوروبية ومن بينها زيت الزيتون إلى حيز التنفيذ أمس ما يهدد بفتح جبهة مشتعلة لحرب التجارة عبر الأطلسي (رويترز)
TT

أميركا تفعّل الجبهة الأوروبية لحرب الرسوم... من الطائرات إلى الزيتون

دخلت الرسوم الأميركية على البضائع الأوروبية ومن بينها زيت الزيتون إلى حيز التنفيذ أمس ما يهدد بفتح جبهة مشتعلة لحرب التجارة عبر الأطلسي (رويترز)
دخلت الرسوم الأميركية على البضائع الأوروبية ومن بينها زيت الزيتون إلى حيز التنفيذ أمس ما يهدد بفتح جبهة مشتعلة لحرب التجارة عبر الأطلسي (رويترز)

فرضت الولايات المتحدة الجمعة رسوما جمركية على سلسلة واسعة من السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 7.5 مليار دولار، تشمل الطائرات والنبيذ الفرنسي والأجبان الإيطالية والويسكي الأسكوتلندي، في إجراء هجومي جديد للرئيس الأميركي دونالد ترمب رغم التهديدات الأوروبية باتخاذ تدابير انتقامية. ودخلت هذه الرسوم الجمركية حيز التنفيذ عند الساعة 00:01 بتوقيت غرينتش، بعد أربعة أيام من إعطاء منظمة التجارة العالمية الضوء الأخضر النهائي لواشنطن لفرض عقوبات على الاتحاد الأوروبي رداً على الإعانات الممنوحة لمجموعة صناعة الطائرات الأوروبية إيرباص.
وتأتي هذه الحملة الجديدة التي يشنها ترمب في الوقت الذي تخوض فيه واشنطن حرباً تجارية مع الصين، الأمر الذي يهدد بزعزعة استقرار الاقتصاد العالمي. والأربعاء، هاجم ترمب مجدداً الأوروبيين الذين اتهمهم بأنهم يتصرفون بشكل غير عادل من خلال إقامة «حواجز هائلة» أمام الواردات الأميركية إلى الاتحاد الأوروبي... لكنه لم يغلق مع ذلك الباب أمام التوصل إلى اتفاق بين الطرفين من شأنه وضع حد للنزاع.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت مطلع الشهر الجاري عزمها على فرض هذه الرسوم على سلع أوروبية بقيمة 7.5 مليار دولار، بعدما أجازت منظمة التجارة العالمية لواشنطن المضي قدما في خطوتها ردا على دعم الاتحاد الأوروبي شركة «إيرباص» لصناعة الطائرات.
وتبلغ هذه الرسوم عشرة في المائة على الطائرات المستوردة من الاتحاد الأوروبي، و25 في المائة على منتجات أخرى بينها النبيذ والجبن والقهوة والزيتون، حسب لائحة نشرها مكتب الممثل الأميركي للتجارة.
وأوضح أن الجزء الأكبر من العقوبات سيطبق على السلع المستوردة من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا «الدول الأربع التي تقف وراء الدعم المالي غير القانوني» المقدم لمجموعة الصناعات الجوية الأوروبية.
وجاء هذا الإجراء الجديد للرئيس الأميركي رغم التحذيرات الأوروبية من فرض رسوم جمركية على بضائعها، وكذلك التهديدات الأوروبية باتخاذ تدابير انتقامية... حسبما أفادت قناة «سكاي نيوز» أمس.
ولطالما دعا الأوروبيون إلى التفاوض بدلاً من الانجرار إلى حرب تجارية، خصوصا أنهم على الأرجح سيحصلون على إذن من منظمة التجارة العالمية العام المقبل لفرض عقوبات جمركية على الولايات المتحدة لمعاقبتها بسبب دعمها شركة بوينغ. وأكثر ما يخشونه أن يواصل ترمب اندفاعه ويفرض رسوماً جمركية أعلى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) على السيارات الأوروبية، الأمر الذي سيؤثر بشكل خاص على صناعة السيارات الألمانية التي تعاني بالفعل، حتى وإن كانت فولكسفاغن أو بي إم دبليو تصنع سياراتها أيضاً في الولايات المتحدة.
وحذّر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الخميس من أنه إذا مضى الرئيس ترمب في خطته بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية بسبب الخلاف حول شركة إيرباص، فسيكون لذلك تداعيات «ملموسة».
وقال لومير للصحافيين بعد اجتماعه مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين بأن «هذه القرارات سيكون لها عواقب سلبية للغاية؛ سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية».
وحذّر لومير الولايات المتحدة من فتح جبهة أخرى في حروبها التجارية، مع انغماس واشنطن بالفعل في معركة رسوم مكلفة مع الصين. وكان من المقرر أن يجتمع لومير مع الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر بعد ظهر أمس الجمعة، وقال إنه سيحضّ مرة أخرى على العمل من أجل التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بالرد برسوم عقابية خاصة به بموازاة قضية أخرى في منظمة التجارة العالمية ضد شركة بوينغ. وحذّر لومير قائلا: «أعتقد أن هذا لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة، ولن يكون في مصلحة الاتحاد الأوروبي، وسيكون له بالطبع عواقب سلبية على مستوى النمو العالمي». وأضاف أنه «مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، أعتقد أن مسؤوليتنا هي بذل قصارى جهدنا لتجنب هذا النوع من النزاعات».
من جانبها، أعربت الحكومة الألمانية عن أسفها لبدء الولايات المتحدة فرض قيود جمركية جديدة على وارداتها من أوروبا. وقالت متحدثة باسم وزير الاقتصاد الألماني، بيتر التماير، الجمعة في برلين، إن هذه الجمارك تضر أيضا بالمستهلكين الأميركيين.
وذكرت المتحدثة أن الوزارة ليس بمقدورها حاليا التحدث عن تأثيرات محددة لهذه الجمارك على ألمانيا، مضيفة أن الوزارة تتابع الأمر حاليا عن كثب.
وحاول الاتحاد الأوروبي حتى اللحظات الأخيرة التوصل إلى حلول في الخلاف حول العقوبات بالنسبة لإيرباص على طاولة المفاوضات. وتهدد بروكسل حاليا بفرض رسوم جمركية مضادة على الواردات الأميركية.
ويشكو ترمب من الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في بيع منتجاتها ولا سيما السيارات في أوروبا، بينما يمكن للأوروبيين بيع منتجاتهم بسهولة في الولايات المتحدة. وليس النزاع بين مجموعتي الطائرات إيرباص وبوينغ سوى واحدة من العديد من المشكلات التي غذت التوترات عبر الأطلسي وتصاعدت بسرعة مع تولي دونالد ترمب منصبه في بداية 2017.
وباعتماده سياسة حمائية صارمة، فرض الرئيس الأميركي بالفعل تعرفة أعلى على شحنات الصلب والألومنيوم المستوردة من الاتحاد الأوروبي ودول حليفة أخرى، مع التهديد بالقيام بذلك مع السيارات أيضاً. وفي يوليو (تموز) 2018، اتفق ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على نوع من الهدنة في واشنطن، ووعدا بإجراء مفاوضات لم تؤد إلى نتيجة تذكر حتى الآن.
وتعود المعركة القانونية بين إيرباص وبوينغ أمام منظمة التجارة العالمية إلى عام 2004. عندما اتهمت واشنطن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا بمنح إعانات غير قانونية لدعم إنتاج طائرات إيرباص. بعد عام، جاء دور الاتحاد الأوروبي في اتهام شركة بوينغ بالحصول على 19.1 مليار دولار من الإعانات غير القانونية بين عامي 1989 و2006 من الحكومة الأميركية. وأعقبت ذلك معركة قانونية لا تنتهي مع سلسلة من الاستئنافات والاستئنافات المضادة.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».