الاتفاق القلق على وقف «نبع السلام» اختبار للثقة بين أنقرة وواشنطن

تركيا مقتنعة بحصولها على ما تريد في شرق الفرات... وتهم «بيع الأكراد» تلاحق ترمب

الاتفاق القلق على وقف «نبع السلام» اختبار للثقة بين أنقرة وواشنطن
TT

الاتفاق القلق على وقف «نبع السلام» اختبار للثقة بين أنقرة وواشنطن

الاتفاق القلق على وقف «نبع السلام» اختبار للثقة بين أنقرة وواشنطن

بعد 8 أيام من القصف المكثف والاشتباكات العنيفة بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لأنقرة، من ناحية، وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية مكوّنها الأساسي، من ناحية أخرى، أوقفت تركيا بضغط أميركي عمليتها العسكرية التي أطلقت عليها «نبع السلام».
العملية كانت قد بدأتها أنقرة يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري من أجل السيطرة على منطقة شرق الفرات والقضاء على وجود ميليشيا «الوحدات» الكردية فيها. غير أن القيادة التركية وافقت على وقف اجتياح مناطق شمال شرقي سوريا أول من أمس (الخميس) لمدة خمسة أيام من أجل السماح للميليشيات الكردية بالانسحاب من «المنطقة الآمنة» التي تسعى أنقرة لإنشائها في المنطقة تشمل بلدتي رأس العين وتل أبيض، ووصولاً إلى الحدود مع العراق، بعمق 32 كيلومترا وامتداد 444. بحسب آخر حدود لـ«المنطقة الآمنة» التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
جرى الإعلان عن الوقف المؤقت للعملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا على لسان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، في أعقاب مباحثات مطولة أجراها في أنقرة مع الرئيس التركي، وشارك فيها أيضا وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن الأميركي روبرت أوبراين. ولقد جاءت هذه الخطوة بعدما وصلت العلاقات التركية - الأميركية إلى منعطف حاد بسبب الاندفاع التركي نحو الانتهاء من فرض «المنطقة الآمنة» التي حددتها أنقرة من جانب واحد، وهو ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تحت ضغوط شديدة من الكونغرس إلى فرض عقوبات «ناعمة» على تركيا شملت وزراء الدفاع خلوصي أكار والداخلية سليمان صويلو والطاقة فاتح دونماز، ووزارتي الدفاع والطاقة، مع تهديده بتدمير الاقتصاد التركي ما لم توقف أنقرة العملية العسكرية.

استخفاف تركي
تهديد الرئيس الأميركي قابلته تركيا بالاستخفاف، والتأكيد على الاستمرار في العملية العسكرية حتى تحقيق جميع أهدافها التي حددتها في سياق «القضاء على التنظيمات الإرهابية» - وتقصد بها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، وأضافت إليها «داعش» من أجل الحصول على المباركة الأميركية -، وكذلك إعادة ما يتراوح بين مليون ومليوني لاجئ سوري من أصل 3.6 مليون لديها ومنع إقامة ما تسميه «ممرا إرهابيا» على حدودها الجنوبية.
لقد بنت تركيا موقفها على قرار ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا الذي كان قد أصدره في السادس من أكتوبر، والذي قرأته تركيا على أنه «ضوء أخضر» أميركي لشن غزو بشمال شرقي سوريا وسحق المقاتلين الأكراد، الذين هم حلفاء لواشنطن، قبل أن يتخلى عنهم ترمب ويتركهم فريسة سهلة لتركيا.
هذا، وشجّعت الرسائل المتناقضة الصادرة عن ترمب تركيا على المضي قدُماً في عمليتها العسكرية، إضافة إلى المواقف الأوروبية التي جاءت «في الحد الأدنى»، للتأثير على الموقف التركي أيضا بإدانة العملية العسكرية والتلويح بعقوبات «غير محددة»، وإعلان بعض الدول – منها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والسويد - وقف تصدير السلاح لتركيا.
كل ذلك دفع إردوغان إلى التمادي، رغم المؤشرات التي كانت تقطع بأن المواقف الدولية، سواءً الأميركية أو الأوروبية، قد تتطوّر إلى ما هو أبعد في معاقبة تركيا، وصولاً إلى تدمير اقتصادها بالفعل.
لكن الرئيس التركي أدرك بعدما رفض مقابلة الوفد الأميركي أن ثمن عداء أميركا قد يكون فادحاً، وأن تركيا قد تجد نفسها في عزلة تامة وظهرها للحائط... ولذا عاد وقبل بلقاء الوفد.
وهنا يقول مراقبون إن القطع بفكرة أن الولايات المتحدة «باعت» الأكراد افتراض خاطئ، نتج عن تغريدات ترمب المتناقضة التي تحدث فيها تارة عن فك الارتباط مع «وحدات حماية الشعب» الكردية بعدما قاتلت مع أميركا ضد «داعش»... وكلامه عن «تلقيها الكثير من المال مقابل ذلك»، وأن «عليهم - أي الأكراد - أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، لأن أميركا لن تبقى في رمال سوريا لخمسين سنة قادمة من أجل حمايتهم».

اختبار للثقة
في الواقع، عكس الاتفاق الذي أعلنه بنس من أنقرة أول من أمس حالة انعدام الثقة بين أنقرة وواشنطن. إذ تضمّن وقف تركيا عمليتها العسكرية لمدة 5 أيام «للسماح بانسحاب وحدات حماية الشعب خلال هذه الفترة مع عدم فرض عقوبات أميركية جديدة على تركيا خلال الأيام الخمسة»، على أن يتم إلغاء العقوبات التي سبق فرضها بسبب العملية العسكرية بعد أن تعلن تركيا وقفاً نهائيا لإطلاق النار.
وفي البنود الأخرى، حصلت تركيا على العمق الذي تريده لـ«المنطقة الآمنة»، وهو 20 ميلا (32 كيلومترا) بينما لم يذكر شيء عن طول المنطقة التي تطالب أنقرة بأن يكون 444 كيلومتراً من منبج إلى حدود العراق، وإنهاء تركيا العملية العسكرية مع اكتمال انسحاب الميليشيات الكردية وامتناعها عن أي عمل عسكري في مدينة عين العرب (كوباني) التي دخلتها قوات نظام دمشق. كذلك، لن يكون للولايات المتحدة جنود على الأرض، بينما تلتزم أميركا وتركيا بالتوصل لاتفاق سلمي بشأن «المنطقة الآمنة» في سوريا، يضمن أمن أنقرة والأكراد، وضمان حماية الأقليات في شمال سوريا، وحماية السجون الموجودة هناك، مع التأكيد على أن هزيمة «داعش» هو الهدف المشترك لكل من أنقرة وواشنطن.
من جانبه، أكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن «المنطقة الآمنة» ستكون بعمق 32 كيلومترا في سوريا وتمتد من شرق الفرات وحتى الحدود العراقية. وأنه جرى الاتفاق على تسليم الميليشيات الكردية سلاحها الثقيل إلى الجيش الأميركي، وأن تكون السيطرة على «المنطقة الآمنة» للقوات التركية، ومناقشة وضع منبج ومناطق أخرى بين تركيا روسيا، لافتاً إلى أن بلاده لم تقدم أي ضمانات بشأن عين العرب. وما يستحق الإشارة، أن نائب الرئيس الأميركي اعتبر أن «ما اتفق عليه سيخدم مصلحة الأكراد في سوريا ويؤسس لمنطقة عازلة طويلة الأمد»، ووصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الاتفاق مع تركيا بأنه «نجاح كبير وسينقذ حياة الملايين». وذكر بيان أميركي تركي مشترك أن القوات المسلحة التركية ستتولى إقامة «المنطقة الآمنة»، ورأى مسؤولون أتراك أن أنقرة حصلت على ما تريد بالضبط من المباحثات مع واشنطن.
هذا، وفي حال تنفيذ الاتفاق، يرى مراقبون أن الهدنة ستحقق الهدفين الرئيسيين اللذين أعلنت عنهما تركيا عندما شنت الهجوم قبل ثمانية أيام، وهما: السيطرة على شريط من الأراضي السورية بعمق يتجاوز 30 كيلومتراً، وإخلاء المنطقة من ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، الحليف السابق لواشنطن.

تحفظ كردي
أما بالنسبة للأكراد، فقد صرّح القيادي الكردي البارز آلدار خليل بأنه يرحب بوقف المعارك مع تركيا في شمال سوريا، لكنه أكد أن الأكراد «سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم، ثم إن إردوغان يريد التوغل 32 كيلومترا في سوريا وسبق لنا أن رفضنا ذلك». وقال مظلوم عبدي، القائد العام لميليشيا «قسد» بأن الميليشيا قبلت بالاتفاق مع تركيا في شمال سوريا و«سنفعل كل ما يلزم لإنجاحه»، لافتاً إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار هو «البداية، فحسب»، ويجب ألا تتحقق أهداف تركيا التي شنت توغلا في شمال سوريا الأسبوع الماضي، مركزاً على أن الاتفاق يقتصر على المنطقة الواقعة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض الحدوديتين.

أزمات متعددة
على صعيد متصل، فجّر الهجوم الذي كانت تركيا بدأته الأربعاء قبل الماضي أزمة إنسانية جديدة في سوريا تمثلت بنزوح ما بين 200 و300 ألف مدني، وأثار هذا الأمر مخاوف أمنية تتعلق بآلاف من مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في سجون الأكراد، بالإضافة إلى أزمة سياسية يواجهها ترمب في الداخل، منها الاتهامات بالتخلي عن المقاتلين الأكراد الذين كانوا شركاء واشنطن الرئيسيين في معركة إنهاء «داعش» في سوريا. ويبدو أن تركيا لم تتجنب تماماً خطر العقوبات بسبب غضب المشرّعين الديمقراطيين والجمهوريين مما قامت به في شمال شرقي سوريا، فلقد تعهد نواب في الكونغرس بمواصلة العمل بكل قوة لفرض عقوبات صارمة على تركيا رغم إعلان وقف إطلاق النار بشكل مؤقت في سوريا.
غير أن الأمم المتحدة رحبت، من جانبها، «بأي جهود» لوقف تصعيد الموقف في شمال سوريا وحماية المدنيين، وذلك بعدما وافقت تركيا على وقف هجومها داخل المنطقة.
أما ترمب نفسه، فإنه أثنى على نظيره التركي إردوغان، وهو الذي كان قد كشف قبل مباحثات الوفد الأميركي في أنقرة عن رسالة بعث بها إليه يوم انطلاق العملية العسكرية وصفه فيها بالمتصلب والأحمق وهدده بتدمير الاقتصاد التركي، قبل أن يعود ليصفه بأنه «زعيم فذ». وجاء في ثناء ترمب قوله «إردوغان صديق لي، وأنا سعيد بأننا لم نواجه مشكلة، لأنه بصراحة زعيم فذّ... إردوغان رجل قوي وقد فعل الشيء الصحيح، وأنا أقدر ذلك، وسأظل أقدره في المستقبل».

مخاوف عودة «داعش»
جدير بالذكر، أنه منذ إعلان إردوغان عن بدء عملية «نبع السلام» تفجرت المخاوف من عودة «داعش» إلى الظهور من جديد عبر الهجوم التركي الذي قد يمتد إلى السجون التي وضعت فيها قسد الآلاف من عناصر التنظيم المتطرف. وفعلاً، أعلنت ميليشيا «قسد» أن 800 من أفراد عائلات مقاتلي «داعش» فرّوا من مخيم في بلدة عين عيسى (محافظة الرقة) بسبب القصف التركي، وأن خمسة من المتشددين فروا من مركز احتجاز. واسترجعت تقارير بهذا الشأن المواقف السابقة لتركيا تجاه «داعش»، وادعاءات دعمها للتنظيم وإمكانية تجنيد عناصره في صفوف الجيش الوطني للقتال ضد «قسد»، أو إطلاقهم إلى مناطق صراعات كحال ليبيا مثلاً، أو استخدامهم ضد بعض دول المنطقة والدول الأوروبية.
ومن جانبه، استغل «داعش» الغزو التركي للأراضي السورية، بإطلاقه سراح عدد من المحتجزات التابعات للتنظيم، غرب مدينة الرقة.
وادعت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش»، في بيان أول من أمس، أن عددا من عناصر التنظيم الإرهابي تمكنوا من مهاجمة مقر تابع لـ«قسد» في قرية المحمودلي، غربي الرقة، ونجحوا في إطلاق سراح مجموعة من الداعشيات. وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قد قال، أول من أمس، إن 9 فرنسيات من المنتميات لتنظيم داعش قد فررن من مخيم خاضع لسيطرة الأكراد في شمال غربي سوريا
من جانبه، قال عبدي، القائد العام لـ«قسد»، بأن قواته لن تسلم عناصر التنظيم المتطرف وعائلاتهم المعتقلين لديها إلى أي جهة. وأضاف «أن عناصر «داعش» وعائلاتهم لدينا، نحن من ألقى عليهم القبض، ونحن من يحدد مصيرهم». ويذكر أنه، وفق المعلومات المتوافرة، تحتجز «قسد» نحو 11 ألف عنصر من «داعش»، بينهم 9 آلاف من العراق وسوريا و2000 ينتمون إلى نحو 50 دولة. وسبق أن حذرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدول الأوروبية من نقل المئات من عناصر «داعش» من سجون «قسد» في سوريا إلى العراق، بالتزامن مع العملية العسكرية التركية شرق الفرات.
وأعربت المنظمة عن قلقها من أن «بعض الدول الأوروبية لا تريد استعادة مواطنيها الدواعش، بل تسعى لنقلهم إلى العراق، بعدما أثار هجوم بدأته أنقرة قبل نحو أسبوع ضد المقاتلين الأكراد في سوريا خشيتها من أن يتمكن هؤلاء من الفرار من السجون». ودعت المنظمة كلا من «فرنسا والدنمارك وألمانيا وبريطانيا» ودولا أخرى لاستعادة مواطنيها، مع العلم أن محاكم عراقية أصدرت خلال الصيف أحكاما بالإعدام على 11 فرنسياً كانوا قد اعتقلوا في سوريا، بسبب انتمائهم إلى تنظيم داعش. وأعلنت بلجيكا، أمس، فرار عناصر من التنظيم يحملون جنسيتها من أحد السجون الخاضعة لسيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا. وفي المقابل، دعت أنقرة، مع انطلاق عمليتها، الدول الأوروبية إلى التعاون واستعادة عناصرها الذين قاتلوا من قبل في صفوف «داعش»، وادعت أنها ستكون قادرة على السيطرة على عناصر التنظيم الموجود في السجون متهمة «قسد» بتوظيفهم.

الدور الروسي
في هذه الأثناء، يتوقع العديد من المراقبين أن يتعاظم دور روسيا في رسم خارطة الشمال السوري في الفترة المقبلة رغم الاتفاق التركي – الأميركي، إذ انتقل ملف منبج وعين العرب فعلياً إلى روسيا الآن، وذلك بعدما دخلت قوات نظام دمشق المدينتين السوريتين بدعم من روسيا للتوصل إلى اتفاق بين النظام و«قسد». وهو ما يعني أن تركيا ستحتاج في جميع خطواتها القدمة إلى التنسيق مع روسيا.
ومعلوم، أن أنقرة فتحت بالفعل مشاورات مع موسكو بشأن الوضع في المنطقة. وأعلن وزير الخارجية التركي أول من أمس أن روسيا تعهدت بإبعاد الميليشيات الكردية عن الحدود التركية، كما أعلن عقب مباحثات الوفد الأميركي، أنه تم الاتفاق على التنسيق مع روسيا بشأن منبج و«مناطق أخرى»، في إشارة إلى عين العرب.
وحسب المعطيات، لا تمانع أنقرة في سيطرة نظام دمشق على المدينتين، بل رحب إردوغان بذلك قائلا «ليس لدى تركيا نية للهجوم على عين العرب»، لافتا إلى أن اتفاق «خارطة الطريق» في منبج، الموقع مع أميركا في يونيو (حزيران) 2018، لم يتحقق. والمرتقب أن يزور إردوغان موسكو في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لبحث التطورات في سوريا.
ومن المنتظر، وفق المراقبين، أن يطلب الدعم الروسي بالنسبة لـ«المنطقة الآمنة» مع ضمان عدم حدوث اشتباكات بين قوات نظام الأسد والقوات التركية وحلفائها، في ظل موقف دمشق من الاتفاق التركي - الأميركي بشأن شرق الفرات، إذ رأت أنه «اتفاق غامض».

حقائق وأرقام عن العملية حتى الآن
> خسرت تركيا 8 جنود في الاشتباكات و20 مدنياً بالإضافة إلى عشرات المصابين جراء قصف ميليشيا «قسد» المناطق الحدودية، بالإضافة إلى آليات عسكرية عدة.
> قتل من «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا 46 مسلحاً وأصيب 136 آخرون خلال الاشتباكات مع «قسد».
> تسببت عملية «نبع السلام» العسكرية في تراجع سعر صرف الليرة التركية، بأكثر من 5 في المائة لتصبح صاحبة الأداء الأسوأ بين العملات الرئيسية في أكتوبر الجاري. وصنف بنك «جي بي مورغان» الأميركي الليرة التركية، مع الروبل الروسي، كأكثر العملات انكشافا على التقلبات السياسية.
> علقت مجموعة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات خططها لإنشاء مصنع جديد لها في تركيا بسبب الغزو التركي لشمال شرقي سوريا.
> خسرت ميليشيا «قسد» 702 من عناصرها، إلى جانب مفاجأة تخلي ترمب عنهم بعد سحب جنوده من شرق الفرات.
> بسبب خروج الجيش الأميركي، واتخاذه موقف الحياد تجاه ما يحدث للأكراد، اضطر الأكراد إلى عقد صفقة مع نظام دمشق، برعاية روسية. وبارك الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه الخطوة، قائلا إن «النظام السوري أولى بالدفاع عن الأكراد في المنطقة».
> قدم الاتفاق فرصة للنظام لاستعادة السيطرة على مدينتي منبج وعين العرب بمباركة الأكراد أنفسهم وامتناع أي طرف سواء روسيا أو أميركا أو تركيا عن الاعتراض. ولقد وصل النظام إلى الحدود السورية التركية ومناطق شرق الفرات الغنية.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.