أمل فتفاؤل فانتعاش... أسواق العالم العطشى تترقب الأفضل

صندوق النقد يرى انحساراً في توترات التجارة وبكين تتحدث عن تقدم

مقر صندوق النقد الدولي
مقر صندوق النقد الدولي
TT

أمل فتفاؤل فانتعاش... أسواق العالم العطشى تترقب الأفضل

مقر صندوق النقد الدولي
مقر صندوق النقد الدولي

كعطشى عثروا على واحة بالصحراء، تلقف مستثمرو العالم أمس قطرات أمل من لندن وبكين وواشنطن هدأت من روع الأسواق المثقلة بالقلق والتوتر على مدار شهور طويلة، والتي وصلت حدتها إلى ذروتها خلال الأيام الماضية.
وبداية من أنباء التوصل إلى اتفاق أوروبي بريطاني لانفصال سلس خلال اللحظات الأخيرة المتاحة، بعدما كاد الأمر يدخل في دائرة «المحال»، تحولت الأسواق العالمية في ثوان إلى المكاسب بعدما كانت بدأت اليوم في المناطق الحمراء متأثرة بخيبات أمل متوالية حول آفاق الاتفاق التجاري الأميركي الصيني، الذي ما إن يتقدم خطوة حتى يتعثر مجددا في ورطة أكبر. لكن المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، غاو فينغ، صرح خلال مؤتمر صحافي في بكين أمس بأن المسؤولين الصينيين يعملون على نص اتفاق بشأن التجارة وعلى اتصال وثيق مع المفاوضين الأميركيين. وأوضح أن الصين تستهدف إنهاء الحرب التجارية وإزالة كافة الرسوم التجارية، قائلاً: «تحافظ فرق العمل من الجانبين على اتصالات وثيقة بطرق مختلفة، وتتفاوض على النص المحدد للاتفاقية». وأضاف فينغ أن الجانبين يسعيان جاهدين للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن مع مراعاة المساواة والمنفعة المتبادلة.

وبدأ يوم أمس مع تراجع الأسهم الأوروبية في التعاملات المبكرة الخميس، في ظل توتر المستثمرين قبيل قمة الاتحاد الأوروبي التي تركز على جهود اللحظات الأخيرة لإبرام اتفاق بشأن خروج بريطانيا من التكتل. وبحلول الساعة 07:06 بتوقيت غرينتش، كان المؤشر ستوكس 600 الأوروبي منخفضا 0.2 في المائة مع تراجع جميع البورصات الرئيسية. وكان المؤشر فاينناشال تايمز 100 في لندن هو الوحيد الذي لم يطرأ عليه تغير يذكر، إذ استفادت أسهم الشركات التي تعتمد بكثافة على التصدير من ضعف في الجنيه الإسترليني. لكن فور إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر التوصل إلى اتفاق، ارتفع الإسترليني في لحظات، ودفع معه البورصات الأوروبية إلى الانعكاس الإيجابي نحو المكاسب... وإن كانت أغلقت على تراجعات طفيفة، وبنسب تقل عن 0.4 في المائة.
وتسلمت وول ستريت شعلة الانتشاء، وفتحت الأسهم الأميركية أمس مرتفعة مع تراجع المخاوف الجيوسياسية بعد إبرام بريطانيا لاتفاق مبدئي في اللحظات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي، كما دعمت المعنويات أيضا زيادة في أرباح نتفليكس ومورغان ستانلي، إضافة إلى تفاؤل «أعلى قليلا» حول آفاق الاتفاق الصيني الأميركي. وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 30.40 نقطة بما يعادل 0.11 في المائة، ليصل إلى 27032.38 نقطة، وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا 11.08 نقطة أو 0.37 في المائة إلى 3000.77 نقطة، وزاد المؤشر ناسداك المجمع 52.73 نقطة أو 0.65 في المائة إلى 8176.91 نقطة.
ومن بين عوامل التفاؤل، قال صندوق النقد الدولي الخميس إنه يرى بوادر على انحسار في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما قد يقلل الضرر الذي لحق بالفعل بالاقتصاد العالمي بسبب الرسوم الجمركية الانتقامية التي تبادل البلدان فرضها.
وقالت كريستالينا غورغيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد إنها تشعر بتفاؤل لأنباء اتفاق تجاري مبدئي توصلت إليه واشنطن وبكين الأسبوع الماضي، لكنها حثت أكبر اقتصادين في العالم على العمل صوب «سلام تجاري» دائم. ودعت غورغيفا، التي كانت تتحدث إلى الصحافيين على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي، أيضا إلى أن يعمل البلدان معا لإصلاح نظام التجارة العالمي لضمان عالم أكثر سلاما ورخاء في المستقبل.
وكان المؤشر نيكي القياسي في اليابان أغلق منخفضا بسبب جني الأرباح أمس الخميس، وذلك بعد يوم من ارتفاعه لأعلى مستوياته في أكثر من عشرة أشهر في ظل ترقب المستثمرين لمؤشرات على إحراز تقدم في محادثات التجارة الأميركية الصينية ومفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وانخفض المؤشر نيكي 0.1 في المائة إلى 22451.86 نقطة متماسكا داخل نطاق ضيق قرب أعلى مستوياته منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الذي بلغه الأربعاء، بينما تراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.45 في المائة إلى 1624.16 نقطة. وقال محللون إن بعض المستثمرين جنوا أرباحا بعد الارتفاع الذي حدث في الآونة الأخيرة وقبيل موسم الإعلان عن أرباح نصف العام في اليابان. وتراجعت أسهم الشركات المرتبطة بصناعة الرقائق، مقتفية أثر نظيراتها في وول ستريت.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.