ألمانيا: ضغوط داخلية على الحكومة لاستعادة مقاتلي «داعش»

خوفاً من عودة «غير منظمة» للمقاتلين الأجانب إلى أوروبا

أكاليل من الورود أمام معبد يهودي بعد مقتل شخصين في إطلاق نار بمدينة هاله بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أكاليل من الورود أمام معبد يهودي بعد مقتل شخصين في إطلاق نار بمدينة هاله بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا: ضغوط داخلية على الحكومة لاستعادة مقاتلي «داعش»

أكاليل من الورود أمام معبد يهودي بعد مقتل شخصين في إطلاق نار بمدينة هاله بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أكاليل من الورود أمام معبد يهودي بعد مقتل شخصين في إطلاق نار بمدينة هاله بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

مع ازدياد الغموض حول مصير مقاتلي «داعش» الأجانب وعائلاتهم في سوريا، إثر العملية التركية، والمخاوف من عودتهم إلى أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية، تتعالى في برلين الأصوات المُطالبة باستعادة المقاتلين الألمان منهم ومحاكمتهم في ألمانيا.
وانضم لحزبي: «الخضر»، و«دي لينكا» اليساري في مطالباتهما هذه، وزير داخلية ولاية ساكسونيا السفلى، الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم. وقال بوريس بيستوريوس في تصريحات لمجلة «دير شبيغل»: «إنه يتعين محاكمة مقاتلي (داعش) الألمان في ألمانيا، حفاظاً على سمعة الدستور». وأضاف: «ولكن في الوقت نفسه يجب أن يبقى أمن المواطنين هو الأولوية، لذلك على الحكومة الفيدرالية والمحلية الاستعداد بأفضل الطرق».
ولكن المتحدث باسم الداخلية الألمانية قال في تصريحات رداً على بيستوريوس: «إن أمن الشعب الألماني هو أولويتنا... ولا يمكن ضمان هذا الأمن إلا بعد تحديد هويات جميع المشتبه بانتمائهم لـ(داعش)، واتخاذ الإجراءات الضرورية بحقهم لدى إعادتهم لألمانيا».
ويعتقد أن أكثر من 100 مقاتل ألماني ما زالوا في سوريا ضمن المقاتلين الأجانب، معظمهم معتقلون لدى الأكراد، إضافة إلى المئات من النساء والأطفال مع عائلاتهم. وترفض برلين استعادة المقاتلين، بينما تستعيد الأطفال بناء على حالات فردية، والنساء اللائي يمكن محاكمتهن. وتفضل الحكومة الألمانية بقاء المقاتلين في سوريا ومحاكمتهم في محاكم قد يتم إنشاؤها في العراق، لصعوبة إدانتهم في محاكم ألمانية.
وكذلك عبَّر نائب عن حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الحاكم، عن رفضه استرجاع المقاتلين، وقال ثورنتن فراي لصحيفة «دي فيلت»: «مقاتلو (داعش) العائدون يشكلون خطراً أمنياً عالياً جداً. على ألمانيا أولاً وأخيراً أن تتحمل مسؤولية حماية مواطنيها».
وكانت إيرين ميهالك، النائبة عن حزب «الخضر»، التي تعنى بالأمن الداخلي، قد حذرت في تصريحات لصحيفة «دي فيلت»، من أنها «عودة لا يمكن التحكم بها» لمقاتلي «داعش» إلى ألمانيا وأوروبا، و«ستهدد المواطنين وتمثل خطراً إضافياً».
من جهته، قال أوميد نوريبور، النائب عن حزب «الخضر»، الذي ينتمي للجنة السياسة الخارجية في البرلمان الألماني، إن الحكومة تدفن رأسها في الرمال، فيما يتعلق بمواطنيها الذين قاتلوا مع «داعش».
وأضاف خلال مشاركته في برنامج على قناة «إي آر دي»: «إن السياسة الأمنية تفرض ألا نبقى متفرجين بينما يتحرر مقاتلو (داعش) في خضم حملة إردوغان».
ومن المفترض أن يعقد وزراء داخلية الولايات اجتماعاً اليوم، قد يتطرقون فيه إلى هذه المسألة، ولكن الاجتماع سيناقش بشكل أساسي خطر اليمين المتطرف، المتزايد بعد عملية هاله، التي حاول فيها يميني متطرف، تنفيذ هجوم على دار عبادة لليهود. ورغم فشل مخططه، فقد قُتل شخصان في العملية التي أثارت صدمة في ألمانيا وأعادت تسليط الضوء على ازدياد خطر اليمين.
وقال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، في كلمة أمام البرلمان: «إن الخطط التي ستناقش اليوم تتضمن زيادة الأمن أمام دور عبادة اليهود والمؤسسات اليهودية، في مشروع سيتم من خلاله توظيف الآلاف». واعترف وزير الداخلية بأن «معاداة السامية متجذرة في أجزاء» من المجتمع الألماني، داعياً للتصدي لها؛ لأنها تشكل تحدياً كبيراً للسلطات الأمنية. ومن خطط زيهوفر كذلك اقتراح يجبر الأشخاص على الإبلاغ عن أي كتابات على الإنترنت تحرض على العنف والكراهية. كما سيناقش الوزراء إدخال قوانين أشد لحيازة الأسلحة النارية الفردية.
وكان وزير الداخلية قد اقترح تشديد المراقبة على «مجتمع لاعبي الفيديو» الذين يتبادلون الأحاديث في غرف اللعب على الإنترنت، كما حصل مع المتهم الأخير الذي نفذ عملية هاله. ولكن دعوته تلك أثارت كثيراً من الانتقادات والاتهامات، بأنه «يجرِّم» بذلك ملايين المواطنين الذين يستخدمون ألعاب الفيديو. ومقابل ذلك، تسعى أيضاً وزارة العدل لدفع الحكومة لتبني قوانين أشد تتعلق بجرائم اليمين المتطرف، ونشر الكراهية والعنف على الإنترنت.
ووجهت في جلسة البرلمان أمس انتقادات لحزب «البديل لألمانيا»، أكبر كتلة معارضة، بعد أن رفض زعيم الكتلة ألكسندر غولان إبعاد نفسه عن تصريحات لأحد رفاقه في الحزب، يهزأ فيها من الزيارات التضامنية التي قام بها سياسيون ألمان لدور عبادة اليهود. ودعا زيهوفر غولان إلى استنكار تلك التصريحات، إلا أن زعيم الحزب اليميني المتطرف تجاهل الطلب. وعلى العكس، انتقد لوم الأحزاب الأخرى لـ«البديل لألمانيا» على الجريمة، من خلال التحريض على الكراهية. وقال: «إذا قتل إسلامي، تتهموننا بأننا نستغل الأمر، وإذا قتل يميني متطرف تتهموننا بالمسؤولية عبر خلق الأجواء لذلك»، وهذا غير عادل؛ لأن سياسات الحكومة المتعلقة بالهجرة هي التي تلام على استيراد الإسلام المعادي للسامية. ورغم أن عدداً قليلاً من الحوادث سجلت للاجئين يشتمون يهوداً بسبب إسرائيل، فإن معظم الاعتداءات والجرائم ضد اليهود نفذها يمينيون متطرفون ولم ينفذها مسلمون.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.