عباس {المرشح الوحيد} لحركة «فتح»

دحلان يرفض... ومسؤول يشكك في جدية إجراء الانتخابات

إطلاق فعاليات التعاون الفلسطيني الأوروبي للتعليم العالي بحضور رئيس الحكومة الفلسطينية برام الله أمس (وفا)
إطلاق فعاليات التعاون الفلسطيني الأوروبي للتعليم العالي بحضور رئيس الحكومة الفلسطينية برام الله أمس (وفا)
TT

عباس {المرشح الوحيد} لحركة «فتح»

إطلاق فعاليات التعاون الفلسطيني الأوروبي للتعليم العالي بحضور رئيس الحكومة الفلسطينية برام الله أمس (وفا)
إطلاق فعاليات التعاون الفلسطيني الأوروبي للتعليم العالي بحضور رئيس الحكومة الفلسطينية برام الله أمس (وفا)

قال حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، إن الرئيس محمود عباس هو مرشح الحركة الوحيد لانتخابات الرئاسة الفلسطينية. وأضاف الشيح أن عباس سيحدد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، عقب انتهاء لجنة الانتخابات من التحضير لها.
وجاءت تصريحات الشيخ كما يبدو لقطع الطريق على قيادات في «فتح» تفكر في الترشح. وثمة مسؤولون في الحركة يقدمون أنفسهم على أنهم خلفاء محتملون لعباس مع تقدمه بالسن؛ لكن هذه المسألة لم تحسم داخل الحركة.
وكان عباس قد عين محمود العالول نائباً له في قيادة حركة «فتح»؛ لكن من دون أن يتضح إذا ما كان يعده لخلافته. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة خلافة عباس لم تحسم داخل الأطر.
وأعلن عباس عن نيته إجراء الانتخابات العامة، ثم أطلق سلسلة اجتماعات داخلية من أجل وضع خريطة طريق لإجراء هذه الانتخابات، التي يعتقد أن تواجه تعقيدات في القدس وغزة.
وتريد حركة «فتح» إجراء انتخابات لضمان إنهاء الانقسام، على قاعدة أن الذي سيفوز سيتسلم الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ لكن الحركة تواجه معارضة من قبل فصائل فلسطينية، من بينها «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، وتريد أن تكون الانتخابات ضمن توافق عام، وأحد مخرجات المصالحة وليس مدخلاً لها. ولا يعتقد أن توافق إسرائيل على السماح للسلطة بالعمل في القدس، التي تقول إنها عاصمة أبدية لها.
ومن أجل تجاوز الخلافات، كلف الرئيس الفلسطيني رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، ببدء التحضير لإجراء انتخابات برلمانية، على أن تتبعها بعد ذلك الرئاسية. وطلب عباس من ناصر «استئناف الاتصالات بشكل فوري مع القوى والفعاليات والفصائل والجهات المعنية كافة، من أجل التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية»؛ مؤكداً على «ضرورة أن تتبع تلك الاتصالات بعد بضعة أشهر الانتخابات الرئاسية، وفق القوانين والأنظمة المعمول بها».
ويريد عباس تلقي تطمينات حول موقف «حماس» وإسرائيل، قبل أن يعلن مرسومه حول الأمر، ويدرس كذلك ما هي الخيارات البديلة إذا تم رفض إجراء الانتخابات في القدس أو غزة.
وبدأت لجنة الانتخابات إجراء مشاورات مع الفصائل في الضفة الغربية، على أن تنتقل لقطاع غزة هذا الأسبوع.
واجتمعت لجنة الانتخابات المركزية، الثلاثاء، مع ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، في مقرها العام بمدينة البيرة، على أن تنتقل لغزة نهاية الأسبوع.
وأطلع رئيس اللجنة حنا ناصر المجتمعين على جاهزية اللجنة من الناحية الفنية لإجراء الانتخابات، وتوجيهات الرئيس عباس بالدعوة لإجراء انتخابات تشريعية تتبعها انتخابات رئاسية. وأشار ناصر إلى أن هذه الاجتماعات مع مؤسسات المجتمع المدني والفصائل، تأتي في إطار حرص اللجنة ودورها في ضمان أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات، وتهدف إلى الاستماع لمواقفهم وتوجهاتهم فيما يتعلق بالانتخابات، المنوي إجراؤها في الضفة الغربية - بما فيها القدس - وقطاع غزة.
ولم يعقب أي مسؤول في «فتح» على إعلان عباس مرشحاً للحركة؛ لكن القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان الذي يقود «التيار الإصلاحي الديمقراطي»، رفض إعادة ترشيح عباس للرئاسة، قائلاً إنه «بهذا العمر وفي ظل حالته الصحية لا يكون مؤهلاً لأداء مهام رئاسية في السنوات القادمة».
وقال دحلان في بيان صادر عن مكتبه، إن «حركة (فتح) عظيمة وليست عاقراً، وإن بإمكانها، وعبر وسائل ديمقراطية اختيار قيادة جديدة لكل تلك المهام الخطيرة والثقيلة». ورأى أن الترويج لإعادة ترشيح عباس لانتخابات رئاسية جديدة، هدفه تكريس الوضع الراهن، وتجذير حالة الخنوع والانصياع لمتطلبات المحتل، إلى جانب إدامة وإدارة الانقسام الوطني.
ولفت دحلان إلى أن ذلك واقع يحاول عباس وقلة محيطة به تكريسه على المدى الطويل: «وهو ما لا نقبل به مطلقاً، ولن نقبل بتجريب المجرب، بعد مسلسل الإخفاقات المتكررة في الأداء السياسي والوطني والإداري والمالي». وأضاف: «نعلن بشكل واضح ولأسباب وطنية وموضوعية، أن العمل الوطني الفلسطيني بحاجة إلى مراجعة شاملة وتغييرات عميقة، تؤهل إلى إعادة بناء المؤسسات الوطنية بما يليق بشعبنا، وحجم المخاطر المحدقة بقضيتنا العادلة».
ودحلان الذي كان حليفاً سابقاً لعباس، له مريدون في الضفة وقطاع غزة، تعتبرهم حركة «فتح» متجنحين. ولا يعرف إلى أي حد يمكن أن يكون لدحلان تأثير في مرحلة لاحقة.
وعلى الرغم من أن كل الأطراف أيدت إجراء انتخابات؛ فإن الخلافات الموجودة حالية تثير الشكوك. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تيسير خالد: «إن تشكيل لجان من أجل متابعة الانتخابات أو غيرها، مضيعة للوقت».
وأضاف: «لا ننصح أن يجرب البعض ما كنا جربناه على امتداد السنوات الماضية، وخصوصاً في العامين الأخيرين، فقد تشكلت لجان عدة كانت مدخلاً لإضاعة الوقت، كلجنة الـ20 التي انبثقت عن المجلس المركزي في دورة انعقاده منتصف أغسطس (آب) 2018، أو لجنة متابعة وقف العمل بالاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع الجانب الإسرائيلي، التي تشكلت في ضوء قرار اجتماع القيادة وقف العمل بالاتفاقيات المنعقدة نهاية يوليو (تموز) الماضي، وغير ذلك من اللجان، فتجربتنا مع تشكيل وعمل اللجان تجربة سيئة».
وتابع: «هناك مثل شائع: إذا أردت أن تقتل فكرة جيدة وصائبة، فأحِلها إلى لجان. ومثل هذا العمل يجب أن نضعه جانباً، وتحديداً في أمر حق المواطن في الممارسة الديمقراطية، بما في ذلك المشاركة في الانتخابات على مختلف المستويات وفي جميع المجالات والميادين، فذلك حق ديمقراطي للمواطن، وهذا الحق حُرم منه المواطن الفلسطيني على امتداد سنوات طويلة، ويجب أن يعود هذا الحق إلى أصحابه».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.