جدل حاد في الجزائر بسبب تعديلات قانون الإجراءات الجزائية

تبيح لقوات الأمن إطلاق تحريات في قضايا فساد من دون إذن قضائي

TT

جدل حاد في الجزائر بسبب تعديلات قانون الإجراءات الجزائية

انتقد ناشطون حقوقيون في الجزائر مسعى الحكومة إدخال تعديلات على قانون الإجراءات الجزائية، تمكن قوات الأمن من إطلاق تحريات في قضايا الفساد، دونما حاجة لإذن القضاء.
وتسلم مكتب البرلمان أول من أمس الصياغة الجديدة للقانون، مع حزمة نصوص جديدة لا تقل إثارة للجدل، أبرزها قانون المالية لعام 2020 وقانون المحروقات.
وقالت القاضية السابقة زبيدة عسول، ورئيسة حزب معارض، إن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية «يمنح الضبطية القضائية حق المبادرة بتحريك التحقيقات القضائية، والتفتيش في قضايا الرشوة والفساد، دون إذن من القضاء. ويعد ذلك خرقا صارخا للحريات وحقوق المواطنين، التي يضمنها الدستور، لا سيما حرمة المنازل». مؤكدة أن الدستور «لا يسمح بتفتيش المنازل والأماكن الخاصة إلا بأمر قضائي، وضمن شروط وأوقات يحددها القانون».
و«الضبطية القانونية»، في التشريع الجزائري، هي جهاز للشرطة القضائية، تابع لثلاث مصالح أمنية، هي شرطة ودرك ومخابرات، وكلها تملك صلاحيات التحقيق في قضايا الفساد. لكنها لا تتحرك أبدا من دون تغطية من النيابة. لكن في حال صادقت غرفتا البرلمان على مشروع القانون، ستصبح متحررة من هذا «العائق».
وبحسب مصادر حكومية، فقد أثار مضمون مراجعة القانون قلقا بالغا في أوساط مسيري الشركات العمومية، لأنهم باتوا مستهدفين من طرف الشرطة القضائية في حال توصلت ببلاغات عن شبهات فساد، تخص إدارة هذه الشركات. وعدّ المسعى من جانب الحكومة «تعزيزا لآليات محاربة الفساد».
وتعول السلطات على تأييد النواب للنص الجديد، لبدء تنفيذ القانون قبل انتخاب رئيس جديد في الاستحقاق المقرر يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويرجح بأنها لن تواجه «مقاومة» كبيرة عند التصويت عليه، طالما أن الأغلبية التي ساندت مشروعات حكومات بوتفليقة ما زالت محافظة على ولائها للسلطة. غير أن مشروع قانون المحروقات الجديد، يشهد معارضة شديدة من طرف النواب، قياسا إلى الرفض الشعبي الواسع له، بسبب ما يتضمنه من مزايا لشركات النفط الأجنبية في مجال التنقيب والإنتاج.
وجاء في مبررات الحكومة حول تعديل قانون الإجراءات الجزائية أنه «ضروري لتحيين الإطار القانوني لمحاربة الفساد، وكافة أشكال الإجرام، إذ يلغي كل الأحكام التي كان لها الأثر السلبي على تحريك الدعوى العمومية، وتلك التي أدخلت قيودا على عمل الشرطة القضائية، لا سيما قضايا الفساد وتبديد المال العام».
وبموجب هذا التعديل فقد تم إلغاء شرط الشكوى المسبقة من الهيئات الاجتماعية للمؤسسة لتحريك الدعوى العمومية، ضد مسيري المؤسسات العمومية الاقتصادية، التي تملك الدولة رأسمالها، أو ذات رأس المال المشترك، و«ذلك تعزيزا لحماية المال العام ومكافحة الإجرام المالي، مع بقاء الحماية القانونية لمسيري هذه المؤسسات، بموجب قانون الإجراءات الجزائية»، حسب النص القانوني، الذي أفاد بأنه «يساعد الشرطة القضائية على ممارسة مهامها دون شرط التأهيل المسبق، من طرف النائب العام. كما سيوسع من صلاحيات البحث والتحري لضباط الشرطة القضائية في كل القضايا، التي ينص عليها التشريع الجزائي، بما يرفع العراقيل أمام عملهم في مجال محاربة الفساد، والمس بالمال العام».
وبادر بهذا التشريع وزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي عزله الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من منصبه كنائب عام سنة 2013، لأنه أصدر مذكرة اعتقال دولية ضد وزير الطاقة السابق شكيب خليل، الذي كان من المقرَبين من الرئيس. ووجهت لخليل تهم فساد مع زوجته ونجله، لكن ألغيت التهمة في 2016، ثم أعيد اتهامه بعد استقالة بوتفليقة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وهو يقيم حاليا بالولايات المتحدة الأميركية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.