«التوكسيدو»... جماله في مقاسه

«التوكسيدو»... جماله في مقاسه
TT

«التوكسيدو»... جماله في مقاسه

«التوكسيدو»... جماله في مقاسه

خلال «أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2020»، وعندما قدم المصمم الأميركي المخضرم رالف لورين تشكيلته، أثار الكثير من الانتباه وحصل على تغطيات كبيرة. الفضل يعود إلى «التوكسيدو» بكل مكملاته من قمصان وأربطة عنق وغيرها. كانت إطلالة درامية تجمع القوة بالأنوثة، أكد فيها المصمم أن هذه القطعة أصبحت ملكاً للمرأة، بعد أن بقيت حكراً على الرجل لعقود طويلة.
ومع ذلك لا يمكن القول إن رالف لورين قام بثورة، وليس هو أول مَن ابتكر هذه القطعة. سبقه إليها الراحل إيف سان لوران في عام 1966، وكانت حينها بالفعل ثورة على كل المستويات؛ من ناحية إثارتها لكثير من الجدل، ورآها البعض متنافية مع الأعراف والتقاليد. ومما يُذكر أن سيدة المجتمع نان كامبنر، مُنعت من دخول مطعم «تشي - تشي» بنيويورك فقط لأنها كانت تلبسه بينما كانت شروط المطعم تنص على عدم ارتداء المرأة للبنطلون. لكن هذا الرفض لم يزد المرأة سوى تمرد ورغبة فيه، ومنذ ذلك التاريخ دخل خزانتها رسمياً. وبالعودة إلى الوراء، نكتشف أن ما كل ما قام به إيف سان لوران ونجح فيه أنه أنّث «التوكسيدو» وضخه بجرعة أنوثة طاغية غطت على تفصيله الرجالي، إذ إن بدايته كانت في العشرينات من القرن الماضي، وعلى يد المرأة نفسها، التي كانت ترى في الأزياء الرجالية تحريراً لها ولجسدها الذي كانت تكبله قيود «الكورسيه» وما شابه من قطع كانت مفروضة عليها تحت تسميات كثيرة، لا سيما أن هذه الحقبة شهدت بذرة الحركة النسوية كما نعرفها اليوم.
في عالم الأزياء تبنت المصممة كوكو شانيل هذه الحركة من خلال بنطلونات واسعة من الجيرسيه وتايورات من التويد. بيد أن النجمة مارلين ديتريش هي التي أخذت «التوكسيدو» إلى مستوى غير مسبوق، كان ذلك عندما ظهرت به في فيلم «موروكو»، الذي لعبت فيه دور مغنٍّ. أثارت النجمة ضجة كبيرة حيث كانت الصورة صادمة تتحدى المتعارف عليه، لكنها في الوقت ذاته، ألهبت الخيال بإيحاءاتها المتمردة والمثيرة. ومع الوقت لم يقتصر الأمر على «التوكسيدو» وحده، وشمل قطعاً رجالية أخرى مثل القميص الأبيض والبدلة والبنطلون الواسع.
ففي عام 1932، قدم المصمم الفرنسي للمرأة، ولأول مرة، البنطلون كما نعرفه اليوم. وتوالت الثورات في هذا المجال لتصل في الأربعينات والخمسينات إلى ذروتها بفضل نجمات على رأسهن كاثرين هيبورن، لتصبح ظاهرة تأنيث الأزياء الرجالية عادية لا تُسبب أي صدمة ولا تخض «التابوهات». في الألفية أصبحت أكثر من عادية، حيث تداخل الذكوري والأنثوي بشكل قطع ذلك الخيط الرفيع الذي كان يحاول أن يبقى فاصلاً بينهما. وبما أن الموضة وسيلة لقراءة ثقافة المجتمعات وتعبير عن تغيراتها، كان من الطبيعي أن تتبنى هذه الظاهرة. وهكذا، إلى جانب القميص الرجالي الأبيض والبدلة، بكل قصاتها وألوانها وأقمشتها، أصبح «التوكسيدو» ملكاً للجنسين. يستحضر صورة جيمس بوند كما يستحضر صورة أنجلينا جولي وجوليا روبرتس وميغ رايان اللواتي تألقن به في مناسبات كبيرة؛ فقد أكد أنه في حال كان مفصلاً بشكل جيد، فإنه لم يخذل الرجل كما لم يخذل المرأة، والفضل يعود إلى أنه خضع لعمليات تجميل ركزت على تفصيله بنعومة. مثلاً، تم تنحيفه عند الخصر وشده من الأكتاف إلى أعلى، فيما تم تضييق أسفل البنطلون حتى يكتسب نعومة أكبر، فضلاً عن إدخال أقمشة مثل حرير الساتان عليه. اعتماد النجمة التونسية هند صبري في «مهرجان الجونة السينمائي» الأخير عليه، لم يكن موفقاً مائة في المائة، في إشارة واضحة إلى أنه ككل القطع يحتاج إلى دراية وخبرة وبعض الأبجديات الضرورية التي نذكر منها:
- مهما كان جسمك رشيقاً ومتناسقاً، فهذا لا يعني أن تختاري البنطلون و«التوكسيدو» بتصميم واسع، بحجة الراحة أو التمويه على بطن بارز. فهو لا يستحمل ولو خمسة سنتيمترات زائدة، لأن أي زيادة تجعل الجسم يبدو غير متناسقاً. إذا كانت النية هي التمويه على بروز البطن أو الأرداف مثلاً، يمكن الاستعاضة عن البنطلون بتنورة طويلة ومنسابة من التول أو الموسلين أو الحرير ترتدينها مع جاكيت «التوكسيدو». بهذا تحصلين على مظهر لافت ودرامي وفي الوقت ذاته أنيق.
– رغم أنه بإمكانك تنسيقه مع حذاء مستوحى من التصاميم الرجالية، فإن الإطلالة تكتسب أنوثة طاغية مع حذاء بكعب عال ورفيع.
- كل الخبراء يؤكدون أن نجاح الإطلالة ككل تكمن في جودة القماش وجمال التصميم الذي يجب ألا يكون أنيقاً فحسب، بل على المقاس.
- رغم أن القميص الأبيض هو الرفيق الدائم لـ«التوكسيدو»، فإنه يفضل أن يكون من الساتان أو الحرير للمساء. وبما أن الجزء الذي يظهر عموماً من تحت «التوكسيدو» هو الياقة والجزء الأعلى من الصدر، فإن المصمم رالف لورين طرح في تشكيلته لـ«ربيع وصيف 2020» الأخيرة مجموعة من دون ظهر أو أكمام أحياناً، حتى يجعل السترة تبدو متناسقة وأكثر انسيابية. وهذا تحديداً ما عانت منه النجمة هند صبري في إطلالاتها. فقد ارتكبت خطأين: الأول أن «التوكسيدو» كان رجالياً أكثر منه أنثوياً، وهو ما تعمدته من دون أن تتوفق، والثاني أن الأكمام كانت تميل إلى الاتساع بسبب اختيارها للقميص الذي لم يكن على مقاسها.
- عندما قدمه الراحل إيف سان لوران للمرأة في عام 1966، لم يكن يريدها أن تبدو مسترجلة بقدر ما كان يريدها أن تبدو مثيرة، لهذا يُفضل ألا تقعي في مطب استنساخه من الرجل بشكل حرفي. مثلاً يمكنك اختياره ببنطلون ضيق وجاكيت مفصل على الجسم وحذاء بكعب عال.
- يجب عدم المبالغة في باقي الإكسسوارات، فكلما كانت الإطلالة بسيطة وغير معقدة كانت أجمل. الأمر لا يتعلق بالمجوهرات فحسب بل أيضاً بتسريحة الشعر والماكياج.
- وأخيراً وليس آخراً يبقى أقوى إكسسوار في هذه الإطلالة هو الثقة بالنفس، وتذكري دائما أن «التوكسيدو» ليس صيحة موضة فحسب، بل هو تعبير شخصي.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.