الهند تغري الشركات والاستثمارات بخفض كبير للضرائب

بعد انسحاب المستثمرين احتجاجاً على موازنة يوليو

TT

الهند تغري الشركات والاستثمارات بخفض كبير للضرائب

أعلنت الهند عن أحد أكبر جهود إصلاح القطاع المالي لديها خلال حقبة ما بعد الاستقلال؛ وذلك في محاولة للتخلص من السحابة المظلمة التي خيمت على قطاع الأعمال بالبلاد، وتعزيز جاذبية الهند أمام المستثمرين الأجانب.
في هذا الإطار، قررت الهند نهاية الشهر الماضي تخفيض ضرائب الشركات، من 30 في المائة إلى 22 في المائة، في خضم مساعيها لدفع الاقتصاد خارج فترة من النمو الاقتصادي الضعيف التي استمرت ست سنوات حتى الآن، بجانب بلوغ معدلات البطالة أعلى معدل لها منذ 45 عاماً. وتقدر قيمة التخفيضات الضريبية بنحو 20.5 مليار دولار؛ ما يضع الهند بين أقل الدول الآسيوية من حيث الضرائب المفروضة على الشركات.
أيضاً، تبعاً للسياسة الضريبية الجديدة تجاه الشركات، ستخضع الشركات الجديدة التي تنشئ مؤسسات إنتاجية في الهندي بدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتبدأ الإنتاج قبل مارس (آذار) 2023، لمعدل ضريبي فعلي يبلغ 17 في المائة. وفي أعقاب القرارات الحكومية الأخيرة، شهدت أسواق الأسهم الهندية ارتفاعاً ضخماً. ومع ذلك، من المتوقع أن تتسبب التخفيضات الضريبية المعلنة عن خسارة في العائدات السنوية للحكومة بقيمة 24 مليار دولار أميركي. وتوقعت الموازنة المعلنة في يوليو (تموز) 2019 أن يبلغ إجمالي العائدات الضريبية الخاصة بالشركات 7.7 تريليون روبية (ما يعادل 108.5 مليار دولار)، أو نحو 4 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. من جانبه، قدر وزير المالية، أن التراجع في العائدات الضريبية من الشركات سيقلص مجمل الدخل الحكومي بنحو 1.5 تريليون روبية خلال السنة المالية الحالية.

لماذا تخفض الحكومة الضرائب؟
تأتي التخفيضات الضريبية على الشركات باعتبارها خطوة من سلسلة من الخطوات التي تتخذها الحكومة لتناول مشكلة تباطؤ عجلة النمو الاقتصادي، والذي تراجع للربع الخامس على التوالي إلى 5 في المائة خلال الربع المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي. وربما يكمن السبب المباشر وراء التخفيضات الضريبية في السخط الذي أبدته كثير من الشركات إزاء السياسات الحكومية. على سبيل المثال، غضب الكثير من المستثمرين جراء الضرائب الإضافية التي فرضت عليهم والتي أعلنتها الحكومة خلال كشف النقاب عن الموازنة في يوليو، وبدأوا بالفعل في سحب أموالهم من البلاد. وتأمل الحكومة في أن تسهم المعدلات الضريبية الجديدة المخفضة في اجتذاب مزيد من الاستثمارات إلى البلاد والمعاونة في إحياء قطاع التصنيع المحلي الذي يشهد نمواً فاتراً.
ما التأثير على الاقتصاد؟
من الممكن أن تشكل التخفيضات الضريبية التي توفر مزيداً من الأموال لدى القطاع الخاص، حافزاً أكبر للإنتاج والإسهام في الاقتصاد. وتراهن نيودلهي على أن المعدلات الضريبية المخفضة سترفع الروح المعنوية داخل قطاع الأعمال وتحقق طفرة في الاستثمارات الخاصة.
جدير بالذكر، أن الهند اتسمت بأعلى معدل ضرائب فعلي على الشركات عام 1997 وبلغ 38.05 في المائة. في المقابل، تدفع الشركات في الصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا ضرائب بقيمة 25 في المائة، بينما يبلغ المعدل الضريبي في ماليزيا 24 في المائة. وتعتبر اليابان الدولة الوحيدة التي تفرض ضرائب أعلى على الشركات مقارنة بالهند، وذلك بقيمة 30.6 في المائة. أما هونغ كونغ، فإنها تتسم بالمعدل الضريبي الأدنى على الشركات ويبلغ 16.5 في المائة، بينما يبلغ المعدل ذاته 17 في المائة في سنغافورة. أما تايلاند وفيتنام، فتفرضان ضرائب على الشركات بقيمة 20 في المائة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي أبهيشك غوبتا: «من المحتمل أن تعزيز التخفيضات الضريبية الاستثمارات الخاصة وربما تجتذب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية المباشرة».
يذكر أن الشركات الهندية لطالما اشتكت من العبء الضريبي الذي يجعل من الصعب عليها المنافسة داخل أسواق ناشئة أخرى، وبالتالي جعل الهند أكثر تنافسية على الساحة العالمية.
من ناحيته، وصف أوداي كوتاك، الرئيس التنفيذي لـ«كوتاك ماهيندرا بانك»، التخفيضات الضريبية الأخيرة بأنها «أكبر خطوة إصلاحية» و«خطوة تقدمية جريئة نحو الأمام». وقال في تغريدة له، إن المعدلات الضريبية الأدنى ستسمح «للشركات الهندية بالمنافسة مع دول ذات معدلات ضريبية منخفضة مثل الولايات المتحدة. ويكشف القرار الأخير التزام حكومتنا بتعزيز النمو الاقتصادي ودعم الشركات الملتزمة بالضرائب القانونية».
في الوقت ذاته، فإنه حال نجاح هذه الخطوة في إحياء النمو الاقتصادي، فإن المعدلات الضريبية الحالية ربما تسهم في دعم جهود تحصيل الضرائب وتعويض الفاقد في العائدات.
وتبعاً لما ذكره مصطفى نديم، الرئيس التنفيذي لشركة «إيبيك ريسرتش» البحثية، فإن خفض الضرائب المفروضة على الشركات يشكل دفعة قوية للسوق.
ويرى محللون، أن القرار الحكومي الأخير مهم بالنظر إلى الحرب التجارية العالمية المستعرة حالياً، والتي تدفع الكثير من الشركات نحو التطلع لمغادرة الصين. وفي ظل الموارد البشرية الضخمة التي تتمتع بها وقوة العمالة لديها المندمجة عالمياً على نحو جيد، والآن المعدل الضريبي التنافسي، لا توجد وجهة أفضل من الهند. وكانت الحكومة قد أوضحت أن زيادة الاستثمارات أمر ضروري لتحقيق الطموحات الهندية المرتبطة بالنمو الاقتصادي. أيضاً، بإمكان الهند الآن توقيع اتفاقيات تجارة حرة جديدة مع حكومات الدول الصديقة أو الكتل التجارية باعتبارها دولة تصنيع تحمل مزايا تنافسية. في هذا الصدد، قال نيليش شاه، المدير الإداري لصندوق «كوتاك ماهيندرا» الاستثماري المشترك، إن تقليص المعدلات الضريبية كان «خطوة كبرى» من شأنها معاونة الهند في اجتذاب الشركات الباحثة عن بديل للصين في ظل التوترات التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن. وفي الوقت ذاته، فإنه مع اقتراب «بريكست»، بإمكان الهند السعي وراء التعاون مع شركاء تجاريين جدد من خلال تحقيق توازن بين التصنيع المحلي والواردات والتفاوض من مركز قوة.
وأعرب في كيه فيجاياكومار، مسؤول الاستراتيجيات لدى مؤسسة «غيوجيت فاينانشال سيرفيسز»، عن اعتقاده بأن الحوافز النفسية التي يوفرها القرار الحكومي الأخير تفوق الأخرى المالية، واصفا القرار بأنه «خطوة جريئة حقاً!».
ما القادم؟
ينظر البعض إلى التخفيضات الضريبية الأخيرة باعتبارها مجرد تنازل أمام الشركات، أكثر عن كونها إصلاحاً هيكلياً بمقدوره دفع عجلة الاقتصاد الأوسع نطاقاً. ويرى هؤلاء أن التباطؤ الاقتصادي الحالي ناتج من مشكلة نقص الطلب، وهي مشكلة لا يمكن تناولها من خلال إقرار تخفيضات ضريبية، وإنما عبر إنفاق حكومي أكبر لتعزيز الاقتصاد.
إلا أن آخرين يعتقدون أن الإنفاق الضئيل الذي تواجهه قطاعات مثل السيارات مجرد عرض لصدمات تعرض لها جانب العرض، مثل الضريبة التي فرضت على السلع والخدمات والتي أثرت بالسلب على كثير من الشركات وأفقدت الكثيرين وظائفهم. وإذا كان الحال كذلك، فإن التخفيضات الضريبية وإجراءات الإصلاح الأخرى لجانب العرض من شأنها أن تعين الاقتصاد على التعافي من كبوته الراهنة. ومع هذا، ستحتاج الحكومة في الوقت ذاته إلى إقرار إصلاحات هيكلية أخرى بجانب هذه التخفيضات الضريبية من أجل تقليص الحواجز أمام دخول الاقتصاد الهندي وجعل السوق الهندية أكثر تنافسية. على سبيل المثال، فإمكان الحكومة توسيع دائرة التخفيضات الضريبية لتشمل الشركات الصغيرة. إضافة إلى ذلك، فإن الاستفادة من التخفيضات الضريبية ستعتمد على مدى التزام الحكومة بوعودها على المدى الطويل. جدير بالذكر، أن ثقة المستثمرين اهتزت بسبب التقلبات المستمرة في السياسات الحكومية فيما مضى.
من جهتهم، أشاد أصحاب الأعمال الهنود بالتخفيضات الضريبية الأخيرة باعتبارها تشكل تحولاً هائلاً سيعزز الثقة بالاقتصاد الهندي. في هذا السياق، أكد كيران مازومار شو، الرئيس التنفيذي لشركة «بيوكون» الدوائية في بنغالور: «هذا أفضل قرار على الإطلاق، وسيدفع عجلة الاقتصاد قدماً».
في تلك الأثناء، أعلنت وكالة «موديز» للتصنيف، أن التخفيضات الضريبية الأخيرة إيجابية للشركات، لكنها تزيد المخاطر المالية أمام الحكومة. وحذرت الوكالة من أنه: «لا نتوقع أن تؤدي التخفيضات الضريبية لدفع عجلة النمو بدرجة كبيرة».



«لينوفو» تبدأ إنتاج ملايين الحواسيب والخوادم من مصنعها في السعودية خلال 2026

رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)
رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)
TT

«لينوفو» تبدأ إنتاج ملايين الحواسيب والخوادم من مصنعها في السعودية خلال 2026

رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)
رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)

أعلنت مجموعة «لينوفو المحدودة» أنها ستبدأ إنتاج ملايين الحواسيب الشخصية والخوادم من مصنعها بالسعودية خلال 2026، بعد أن أتمت المملكة استثمار ملياري دولار في عملاقة التصنيع الصينية.

وقالت «لينوفو» في بيان إنها أكملت بيع سندات قابلة للتحويل من دون فوائد لمدة ثلاث سنوات بقيمة مليارَي دولار إلى شركة «آلات»، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، وذلك جزء من شراكة تم الكشف عنها في مايو (أيار) الماضي.

وبموجب الشراكة، ستبني «لينوفو» منشأة تصنيع جديدة في السعودية، ومن المتوقع أن تبدأ الإنتاج في عام 2026، بطاقة سنوية لإنتاج ملايين أجهزة الكمبيوتر والخوادم.

«لينوفو» تعزّز حضورها العالمي

وذكر البيان أن «هذا التعاون الاستراتيجي والاستثمار سيمكّن شركة (لينوفو) من تسريع عملية التحول الجارية، وتعزيز حضورها العالمي، وزيادة التنوع الجغرافي لبصمة التصنيع الخاصة بها». وأشار إلى أن «لينوفو» ستبني على أعمالها الحالية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتستغل فرص النمو الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتنقل سلسلة التوريد والتكنولوجيا والقدرات التصنيعية ذات المستوى العالمي إلى السعودية، وتدعم خلق الآلاف من فرص العمل الجديدة.

وستقوم «لينوفو» بإنشاء مقرّ إقليمي للشركة في الشرق الأوسط وأفريقيا في الرياض، ومنشأة تصنيع مستدامة في المملكة لخدمة العملاء في المنطقة وخارجها. وسيقوم المصنع بتصنيع ملايين الحواسيب الشخصية والخوادم سنوياً باستخدام فرق البحث والتطوير المحلية لإنتاج منتجات «صُنع في السعودية» بالكامل، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2026.

وسينضم المصنع الجديد إلى بصمة «لينوفو» الواسعة التي تضم أكثر من 30 موقعاً للتصنيع حول العالم، في الأرجنتين، والبرازيل، والصين، وألمانيا، والمجر، والهند، واليابان، والمكسيك والولايات المتحدة، وفق البيان.

شراكة استراتيجية

وقال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «لينوفو» يوانكينغ يانغ: «من خلال هذا التعاون الاستراتيجي القوي والاستثمار، ستحظى (لينوفو) بموارد كبيرة ومرونة مالية كبيرة لتسريع عملية التحول وتنمية أعمالنا من خلال الاستفادة من زخم النمو المذهل في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. نحن متحمسون لأن تكون شركة (آلات) شريكنا الاستراتيجي طويل الأمد، وواثقون من أن سلسلة التوريد والتكنولوجيا وقدرات التصنيع ذات المستوى العالمي التي نمتلكها ستعود بالنفع على المملكة في إطار سعيها لتحقيق أهداف (رؤية 2030) المتمثلة في التنويع الاقتصادي والتنمية الصناعية والابتكار وخلق فرص العمل».

أما الرئيس التنفيذي لشركة «آلات»، أميت ميدا، فقال: «نحن فخورون للغاية بأن نصبح مستثمراً استراتيجياً في شركة (لينوفو) وشريكاً معها في رحلتها المستمرة بصفتها شركة تقنية عالمية رائدة. مع إنشاء مقرّ إقليمي في الرياض ومركز تصنيع عالمي المستوى، مدعوم بالطاقة النظيفة في المملكة العربية السعودية، نتوقع أن يعزز فريق (لينوفو) من إمكاناتهم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا».

وبحسب البيان، فإنه «في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن التعاون الاستراتيجي والاستثمار مع شركة (آلات) في مايو 2024، أعلنت (لينوفو) أيضاً عن إصدارها المقترح لأذونات بقيمة 1.15 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات لجمع أموال إضافية لدعم النمو المستقبلي وتوسيع قاعدة رأس المال. وقد تم الاكتتاب في هذه الأذونات بالكامل، بما في ذلك 43 في المائة من الاكتتاب من قِبل قيادة (لينوفو)؛ مما يدل على الثقة في التحول المستمر لشركة (لينوفو) وريادتها في السوق العالمية وزخم نموها».

وفيما يتعلق بهذه الصفقة، قدمت كل من «سيتي بنك» و«كليري غوتليب ستين وهاميلتون» (هونغ كونغ) المشورة لـ«لينوفو»، وقدمت كل من «مورغان ستانلي» و«لاثام آند واتكينز» المشورة لـ«آلات».