تحذيرات من اجتياح «غوغل» و«فيسبوك» و«أمازون» خصوصية المنازل الحديثة

نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أطلقت شركتا «فيسبوك» و«غوغل» جهازي فيديو مخصصين لتسهيل التواصل بينكم وبين منصاتهما. وهدف أجهزة «غوغل نست هاب ماكس»، و«فيسبوك بورتال» و«أمازون إيكو شو» هو أن تصبح مرافقكم الدائم على مناضد المنزل أثناء الطهي، والتراسل، والتبضع، ومشاهدة الفيديوهات، أو في أي شيء قد يقوم به الإنسان في داخل منزله.
- أجهزة ذكية
وخلال هذه المرافقة، للأسف لا توجد طريقة ألطف لقول ما يلي... ستراقبكم هذه الأجهزة بشكل مستمر!
• «غوغل نست هاب» Google Nest Hub Max (التي قد يضاف إلى اسمها «2.0» أو «X - Treme») مجهّزة بكاميرا تعمل دون انقطاع، ويمكنها أن «ترصد وتحلل الوجوه وتحدد هوية من يتفاعل معها»، وفقاً لما كشفه جايسن آتن الكاتب في مجال الأعمال.
ونظراً لتاريخ الشركة الملطّخ في مجال تقنية التعرف إلى الوجه، لا عجب من أن أي شخص عاقل سيشعر بمخاوف جدية من وضع جهاز كهذا في منزله. وهنا، أضاف آتن ممازحاً: «(غوغل) تريد وضع كاميرا تعمل بشكل متواصل في منزلي؟ ما السوء الذي قد يحصل؟».
• «فيسبوك بورتال» Facebook Portal. جاء في تقييم الخبراء، أن الجهاز يتعقب طول، وكثافة، المحادثات (ولا سيما أنه يضم «واتساب» و«مسنجر» التابعين لـ«فيسبوك»). وعلى رغم من أنه يتيح لكم تغطية عدسته، يمنحكم «بورتال» قدراً ضئيلاً من الخصوصية، فضلاً عن أنه من صناعة شركة أصبح اسمها مرادفاً للخروقات في السنوات القليلة الماضية.
• أما بالنسبة لـ«أمازون إيكو شو» Amazon Echo Show، فسيكون مادة دسمة للنقاد الضالعين في مجال التقنية عندما يعرف الجميع بعد طرحه أنه يوازي سلفه «أليكسا» فضولاً.
- خرق الخصوصية
السؤال الجدّي هنا هو: من هم الذين، ما عدا المهووسون بالتقنية، سيسمحون لكل من «غوغل» و«فيسبوك» و«أمازون» بالدخول إلى منازلهم هذا العام؟
تعرضت كل واحدة من هذه الشركات لموجات من الانتقاد، حتى أنها أجبرت في بعض الحالات على دفع غرامات مالية، بسبب متاجرتها بخصوصية المستخدمين وتتبّعهم، وتقسيم الناس إلى فئات صغيرة جداً (وأحياناً بأساليب منحازة) للاستفادة من الإعلانات المستهدفة، ومشاركة المعلومات مع جهات إنفاذ القانون، ومحاصرة الناس بالتجسس المستمر.
والآن، ومقابل بضع مئات من الدولارات، ستدخل هذه الشركات إلى منازلكم بطرق تطمح إليها جميع أنواع الأجهزة الذكية من مكبرات صوتية، وأجراس متصلة بالإنترنت، وتلفزيونات، ومنظمات حرارة، التي تتطلّب توازناً مستمراً بين سهولة الاستخدام والتنصت.
لكن هذه المعلومات ليست سبباً لعدم شراء أو استخدام أحد هذه الأجهزة؛ لأن هذا القرار يعود أولاً وأخيراً لكم. لكن عندما تقررون شراءها، ضعوا في الحسبان أن الهدف غير المعلن للشركات المنتجة هو فرض المزيد من القيود على الخصوصية.
قبل ثماني سنوات، صُعق مستخدمو الـ«آيفون» عندما اكتشفوا أن هواتفهم تتعقبهم في كل مكان. تصدرت هذه الحقيقة عناوين الصحف حول العالم، لكن الناس تمكنوا من تقبلها أخيراً. وحديثاً، خرج تقرير صحافي ليتحدث عن أن تطبيقات كـ«ويذر باغ» صممت لهدف وحيد هو تعقّب المستخدمين، إلا أن الأمر لم يثِر أي ردّة فعل بين الناس، وكأن لسان حالهم يقول: تخدعونا مرّة، عارٌ عليكم! تخدعونا مرّتين، نحن آسفون لأنّنا غير متفرّغين لقراءة شروط الاستخدام!.
- ترويض المستخدمين
الأمر نفسه حصل عندما أطلقت «أمازون» أول أجهزة «إيكو» يتصل بـ«أليكسا» عام 2014. عندها، شعر الناس بذعر كبير، لكنهم ما لبثوا أن تعوّدوا على الفكرة. هذا الصيف، عندما اكتشف الجمهور أن متعاقدي «أمازون» يتنصّتون على الطلبات والتسجيلات التي تحتفظ بها «أليكسا»، فاكتفت الشركة بالاعتذار. وفي مارس (آذار)، قيل إن أكثر من ربع البالغين الأميركيين يمتلكون مكبرات صوت ذكية، أي أن عدد الأشخاص الذين يسمحون لعمالقة التقنية بالمشاركة في محادثاتهم الخاصة أصبح كبيراً جداً.
وبناءً عليه، ما الذي سيحصل إذا اكتشف الناس في أحد الأيام أن «غوغل نست هاب ماكس» أو «فيسبوك بورتال» قد عرض للعالم عن طريق الخطأ لحظات عائلية خاصة، أو أنه وفّر لائحة جهات محادثات لجميع الموظفين الذين يعملون في واحدة من هذه الشركات العملاقة؟
أولاً، توقعوا مجموعة من المقالات التي يكتبها المشكّكون مثلي، وأن تقف الشركة المسؤولة متفرجة. بعدها، يحين وقت طرح برنامج تشغيلي جديد مع إعدادات خصوصية صعبة الفهم على المستخدمين العاديين، إلى جانب تخفيضات في الأسعار لجذب مستخدمين جدد، ثم يأتي دور إصدار جهاز محدّث، ومن ثم إصدار جديد من الجهاز يُطلق بحلول الأعياد ويتلقاه معظم المحللين بردود فعل إيجابية.
لكن، هل سيتعلم مصممو ومهندسو الجهاز المقبل أي شيء من هذا الخرق؟ بالطبع سيفعلون، سيعون أن الحد الفاصل قد تحرك، وكذلك سيفعل الجهاز. سيستقر هذا الجهاز على منضدتكم الليلية، مباشرة إلى جانب هاتفكم، أو في حمّامكم ليتصل بمرآتكم الذكية، وسيكون مناسباً جداً وفعالاً، بحيث إنكم لن تفكروا أبداً بسيطرة «غوغل» أو «فيسبوك» أو «أمازون» أو «أبل» الكبيرة إلى درجة مشاركة الحمّام معكم ومع عائلتكم.
• «مانسويتيو فنتشرز» - خدمات «تريبيون ميديا»