انتخابات الرئاسة الأميركية: من يفوز بولاء أقطاب التقنية؟

تبرّعاتهم تلعب دوراً كبيراً في دعم حملات المرشحين... ومنصاتهم قد تحسم السباق

صورة مركبة لمارك زوكربيرغ وإيلون ماسك (أ.ف.ب)
صورة مركبة لمارك زوكربيرغ وإيلون ماسك (أ.ف.ب)
TT

انتخابات الرئاسة الأميركية: من يفوز بولاء أقطاب التقنية؟

صورة مركبة لمارك زوكربيرغ وإيلون ماسك (أ.ف.ب)
صورة مركبة لمارك زوكربيرغ وإيلون ماسك (أ.ف.ب)

أثار حفل عشاء رسمي استضافه الرئيس الأميركي جو بايدن، في البيت الأبيض في 10 أبريل (نيسان) الماضي، على شرف رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، اهتمام مراقبي سباق الانتخابات الرئاسية؛ الذين أولوا اهتماماً خاصاً للائحة الضيوف التي شملت بعض أبرز أقطاب التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

وسلّطت هذه المناسبة الضوء على الدور الذي يلعبه هؤلاء، بتأثيرهم وأموالهم ومنصاتهم التكنولوجية، في حسابات الانتخابات الأميركية هذا العام.

ضيوف بارزون

حضر تيم كوك، رئيس شركة «أبل»، وجيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون»، وبراد سميث، رئيس شركة «مايكروسوفت»، وسانغاي ميهروترا، من شركة «ميكرون تكنولوجي»، وميغان ميونغوون لي، رئيسة شركة «باناسونيك» في أميركا الشمالية، وغاري كوهن، نائب رئيس شركة «آي بي إم» الذي استقال من منصب كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس السابق دونالد ترمب، منافس بايدن هذا العام.

تيم كوك المدير التنفيذي لشركة «أبل» في مهرجان كان 20 مايو 2023 (إ.ب.أ)

غير أن غياب بعض الأسماء الكبيرة عن الحفل، مثل مارك زوكربيرغ، رئيس شركة «ميتا» مالكة تطبيقات «فيسبوك» و«إنستغرام»، و«واتساب»، وسام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي» للذكاء الاصطناعي، وبيل جيتس المؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت»، الذين يميلون عادة إلى الديمقراطيين، لم يُعدّ استبعاداً أو مقاطعة للحفل. في حين أن غياب إيلون ماسك، رئيس شركة «تسلا» ومالك تطبيق «إكس» (تويتر سابقاً)، كان مفهوماً، بعدما قطع شوطاً كبيراً في إعلان معارضته لبايدن وللديمقراطيين عموماً.

دور شركات التقنية

أكّدت دراسات واستطلاعات حديثة كثيرة أن دور شركات التكنولوجيا تعاظم بشكل كبير في العقدين الأخيرين، وتواكب ذلك مع تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي التي تكاد تتفوق على وسائل الإعلام التقليدية في تأمين التواصل المباشر مع الناخبين. ونتيجة مباشرة لذلك، تزايد اهتمام المرشّحين للانتخابات الأميركية، الرئاسية والعامة، بهذه الوسائط، سواء لاستمالة القائمين عليها، والحصول على تبرعاتهم، أو لاستخدامها في حملاتهم. وباتت مراقبة ودراسة تأثيراتها، واحدة من المهام الرئيسية لمراكز الدراسات والاستطلاعات المتخصصة.

مؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس (رويترز)

وفي سنة انتخابية كبيرة للديمقراطيات، حيث يشارك ما يقرب من نصف سكان العالم في انتخابات تشريعية عام 2024، أضيف الذكاء الاصطناعي إلى قائمة العوامل ذات التأثير المحتمل على سير الانتخابات، رغم الانقسام حول قدرته على تغيير نتائجها.

وتشير البيانات الصادرة عن استطلاعات مركز «بيو» للأبحاث، في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن حوالي ثلاثة أرباع البالغين الأميركيين تحت سنّ 30 عاما (74 في المائة)، يستخدمون على الأقل 5 من منصات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية. وهذا أعلى بكثير من نسب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 إلى 49 عاماً (53 في المائة)، ومن 50 إلى 64 عاماً (30 في المائة)، والذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاماً فما فوق (8 في المائة). بالإضافة إلى ذلك، يُعدّ موقع «يوتيوب» (يستخدمه 73 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة)، و«فيسبوك» (69 في المائة)، من أكثر المنصات استخداماً، بينما ما يقرب من نصف البالغين (47 في المائة) يستخدمون «إنستغرام»، و27 في المائة يستخدمون «إكس» (تويتر سابقاً). في حين يستخدم ما بين 27 إلى 35 في المائة تطبيقات «تيك توك»، و«واتساب»، و«سنابشات»، و«بينترست»، و«لينكدإن». ويقضي المستخدمون البالغون أكثر من ساعة يومياً في استخدام الشبكات الاجتماعية.

دعم ديمقراطي واسع

حتى الآن، لم يُعلن مارك زوكربيرغ دعمه المباشر لبايدن، لكن دعمه للديمقراطيين صريح، وصوّت لهم في السابق. وفي انتخابات 2020، كان زوكربيرغ، أبرز المانحين، بعدما قدم وزوجته بريسيلا تشان، ما يقرب من نصف مليار دولار لمنظمتين غير ربحيتين، وزّعتا مِنحاً لأكثر من 2500 دائرة انتخابية كانت تعاني من نقص التمويل الحكومي خلال جائحة «كورونا». وأطلق جمهوريون على تلك المنح اسم «زوكرباكس»، قائلين إنها ساعدت الديمقراطيين على «شراء الرئاسة لجو بايدن»، وقادوا حملات لسن تشريعات على مستوى الولايات لوقف تمويل المكاتب الانتخابية من جهات خاصة.

بايدن أثناء إلقائه خطاباً حول أهمية الاستثمار في العلوم بسيراكيوس بنيويورك 25 أبريل 2024 (رويترز)

أما جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» وثاني أكبر ملياردير في العالم، ومالك صحيفة «واشنطن بوست»، فليس من الداعمين للديمقراطيين فحسب، إن اسمه طرح العام الماضي ليكون من بين الشخصيات التي تفكر المؤسسة السياسية الديمقراطية بترشيحها لمنصب الرئاسة.

ورغم أنه استبعد هذه الفكرة لهذا العام، ترك الباب مفتوحاً لجل الاحتمالات في دورات انتخابية مقبلة.

معضلة بايدن

أعلن سام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي» العام الماضي أنه تبرّع بمبلغ 200 ألف دولار لحملة إعادة انتخاب بايدن. ويُعدّ واحداً من كبار المانحين الذين يُشكّلون الجزء الأكبر من جمع التبرعات لبايدن. لكن في بداية هذا العام، كشف البعض عن تعاون ألتمان مع بيل أكمان، ملياردير صندوق التحوط، وناشطين ديمقراطيين، لدعم النائب الديمقراطي دين فيليبس، المرشح الذي ينافس بايدن. وقال أكمان إنه يقوم بذلك لحماية الديمقراطيين من «مرشح لا يستطيع الفوز».

شاشة جوال تعرض شعار «أوبن إيه آي» إلى جانب شاشة تعرض صورة سام ألتمان في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

من جهته، يعدّ تيم كوك، رئيس شركة «أبل»، من أكبر المانحين الداعمين للديمقراطيين، وغالباً ما يشارك في فعاليات لدعم مرشحهم الرئاسي، خصوصاً في الأشهر والأسابيع الأخيرة قبل موعد الانتخابات.

ميول ماسك... جمهوري

فيما يسود انطباع بأن مسؤولي شركات التكنولوجيا غالباً ما ينحازون إلى الديمقراطيين، يظهر الواقع أن الأمر مختلف تماماً، مع انحياز شخصيات مهمة لتأييد الجمهوريين.

عبّر ماسك عن دعمه للجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

ومن أبرز «المنشقين» عن دعم الديمقراطيين إيلون ماسك، رئيس شركة «تسلا»، الذي لطالما صوّت لصالحهم في السنوات الماضية؛ «لأنهم كانوا لطفاء». ماسك، وبعد استحواذه على «تويتر»، لم يكتف بتغيير اسم المنصة إلى «إكس»، بل غيّر هويتها وقواعد الرقابة السياسية فيها.

فكان أحد أول القرارات التي اتّخذها الملياردير هو إعادة حساب ترمب إلى المنصة، بعدما تم تعليقه بعد حادثة اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. ورغم أنه صوّت عام 2020 لبايدن، وقدم تبرعات لكلا الحزبين، فإن ماسك لا يعدّ من كبار المتبرعين.

وتبدو مواقف ماسك السياسية غامضة في كثير من الأحيان، رغم ميوله الجمهوري الواضح. وقال قبل أسابيع إنه لن يتبرع «لأي من المرشحين لمنصب رئيس الولايات المتحدة» هذا العام، قبل أن يعيد تعزيز انحيازه السياسي في منشور آخر قال فيه إن «أميركا محكوم عليها بالفشل إذا لم تحدث موجة حمراء» في الانتخابات الرئاسية.

ودعا ماسك الناخبين صراحة للتصويت للجمهوريين، فيما ذكرت صحف أميركية عدّة أنه التقى بترمب في مارس (آذار) الماضي.

أسماء جمهورية كبيرة

إدراكاً منه لأهمية منصات التواصل الاجتماعي في تحريك الرأي العام والمساعدة في إقناع الناخبين المترددين، حرص ترمب خلال الأشهر الماضية على تعزيز علاقاته مع شخصيات فاعلة في عالم التكنولوجيا، غير محسوبة على الديمقراطيين.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فعالية انتخابية (أ.ب)

ومن بين كبار المانحين للجمهوريين، لاري أليسون، المؤسس المشارك لشركة «أوراكل»، الذي تبرع بأكثر من 30 مليون دولار للسناتور تيم سكوت قبل انسحابه من السباق. وذكرت وسائل إعلام عدة أن أليسون تناول العشاء مع ترمب مرات عدة في الفترة الأخيرة. كما يُعدّ بيتر ثيل، عضو مجلس الإدارة السابق في شركة «ميتا» التي يرأسها زوكربيرغ، أحد المانحين الرئيسيين لترمب، ومن كبار جامعي التبرعات له.

كما يُتوقع أن يكون جيف ياس، الذي يمتلك حصة بقيمة 15 في المائة في شركة «بايت دانس»، المالكة لتطبيق «تيك توك» الصيني الشهير، من بين كبار المؤيدين لترمب، خاصة بعد أن غيّر الأخير موقفه من حظر التطبيق، بعد اجتماعه به الشهر الماضي. ورغم نفي التحدث عن «تيك توك»، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن شخص مقرب من حملة ترمب التوقع بأن يقدم ياس قريباً، «تبرعاً كبيراً» لحملته.


مقالات ذات صلة

انسحاب مات غايتز مرشح ترمب لوزارة العدل على خلفية تجاوزات أخلاقية

الولايات المتحدة​ مات غايتز (أ.ف.ب)

انسحاب مات غايتز مرشح ترمب لوزارة العدل على خلفية تجاوزات أخلاقية

أعلن مرشّح الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لتولي وزارة العدل، مات غايتز، الخميس، سحب ترشّحه لهذا المنصب بعدما واجهت تسميته معارضة واسعة.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سوتشي بروسيا 18 مايو 2018 (رويترز)

ميركل تكشف في مذكراتها سبب رفضها دعم عضوية أوكرانيا لـ«الناتو»

بعد ثلاثة أعوام على تقاعدها عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الأضواء بكتاب مذكرات عن حياتها تحدثت فيه عن أوكرانيا وعلاقتها ببوتين وترمب

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو خلال مؤتمر صحافي في 9 أغسطس (أ.ف.ب)

إدارة بايدن تعترف بزعيم المعارضة الفنزويلية رئيساً منتخباً

اعترفت الولايات المتحدة رسمياً بمرشح المعارضة الفنزويلية رئيساً منتخباً للبلاد، في محاولة لزيادة الضغوط على كاراكاس.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية/ رويترز)

واشنطن ترفض قرار «الجنائية الدولية» بحق نتنياهو وغالانت

أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن رفض الولايات المتحدة، بشكل قاطع، قرار المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ داون باكنغهام مفوِّضة تنظيم المدن في ولاية تكساس تتحدث خلال تجمّع انتخابي 29 يناير 2022 (أ.ب)

تكساس تمنح ترمب أراضي لبناء «مركز ترحيل» المهاجرين غير النظاميين

أعلنت ولاية تكساس الأميركية منح إدارة دونالد ترمب، أرضاً على الحدود مع المكسيك لبناء «مركز ترحيل»، لدعم خطته المتعلقة بطرد المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«النواب» الأميركي يقر مشروع قانون يستهدف المنظمات غير الربحية «الداعمة للإرهاب»

مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الأميركي يقر مشروع قانون يستهدف المنظمات غير الربحية «الداعمة للإرهاب»

مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

صادق مجلس النواب الأميركي، اليوم (الخميس)، على مشروع قانون يمنح وزارة الخزانة سلطة أحادية لإلغاء وضع الإعفاء الضريبي للمنظمات غير الربحية التي ترى الوزارة أنها تدعم الإرهاب.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، أثار ذلك قلق المنظمات المدافعة عن الحريات المدنية بشأن كيفية استخدام رئاسة ترمب الثانية لهذا القانون في معاقبة معارضين سياسيين.

وقد تم تمرير مشروع القانون بأغلبية 219 صوتاً، مقابل 184 صوتاً، وجاءت أغلبية الأصوات المؤيدة من الجمهوريين، الذين اتهموا الديمقراطيين بالتراجع عن دعمهم لمشروع قانون «الفطرة السليمة» فقط بعد انتخاب دونالد ترمب لفترة ولاية ثانية في وقت سابق من هذا الشهر.

وخلال حديثه في قاعة مجلس النواب قبل التصويت، قال النائب جيسون سميث، رئيس اللجنة المعنية بالضرائب والجمارك ووسائل الدخل الأخرى في مجلس النواب عن الحزب الجمهوري، إن زملاءه من الحزب الديمقراطي كانوا سيستمرون في دعم مشروع القانون إذا فازت نائبة الرئيس كامالا هاريس بالرئاسة.

وأضاف سميث، النائب عن ولاية ميسوري: «نحن أعضاء في الكونغرس لدينا واجب التأكد من أن دافعي الضرائب لا يدعمون الإرهاب، فالأمر بسيط للغاية».

لكن مشروع القانون أثار مخاوف مجموعة من المنظمات غير الربحية التي تقول إنه يمكن استخدام هذا القانون لاستهداف منظمات، منها المواقع الإخبارية والجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، التي قد تختلف معها إدارة رئاسية مستقبلية.

ويقول المعارضون إن مشروع القانون لا يوفر للمنظمات ما يكفي من الإجراءات القانونية الواجبة.

وقالت النائبة براميلا جايابال، رئيسة الكتلة التقدمية في الكونغرس، في قاعة مجلس النواب قبل التصويت: «إن مشروع القانون هذا هو خطوة استبدادية من قبل الجمهوريين لتوسيع الصلاحيات الشاملة للسلطة التنفيذية، وملاحقة الأعداء السياسيين وقمع المعارضة السياسية».

ويرى منتقدون أن مشروع القانون غير ضروري لأنه يتعارض بالفعل مع القانون الأميركي فيما يتصل بدعم الجماعات الإرهابية. ويتضمن أيضاً مشروع القانون، الذي سيحال على مجلس الشيوخ حيث ما زال مصيره غير مؤكد، تأجيل المواعيد النهائية لتقديم الإقرارات الضريبية للأميركيين المحتجزين كرهائن أو المعتقلين بشكل غير قانوني في الخارج.