المغرب: حقوقيون يلجأون للقضاء لإبطال إعفاءات أعضاء «العدل والإحسان»

قالوا إن رئاسة الحكومة لم تتجاوب مع رسائلهم

TT

المغرب: حقوقيون يلجأون للقضاء لإبطال إعفاءات أعضاء «العدل والإحسان»

لوحت «اللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية»، التي طالت عدداً من أعضاء جماعة «العدل والإحسان» الإسلامية، شبه المحظورة، في عدد من القطاعات الحكومية، باللجوء إلى القضاء المغربي للطعن في القرارات، التي وصفتها بـ«الجائرة وغير القانونية».
وأكدت اللجنة، في لقاء صحافي عقدته أمس، بالرباط، تحت شعار «لا لتوظيف المرفق العمومي في تصفية الحسابات السياسية»، أنها ستترافع في الملف لدى الهيئات الدولية والآليات الأممية للتعريف بملف ضحايا الإعفاءات، وعرض ما سمتها «الخروقات الحقوقية والقانونية، التي مارستها الدولة في هذا الملف».
وأوضح أبو الشتاء مساعف، نائب منسق اللجنة، أن هذه الأخيرة راسلت جل القطاعات والمؤسسات المعنية بقرار الإعفاء، لكن «لم نتوصل بأي جواب، أو رد مقنع يبرر هذه الإعفاءات والممارسات»، مبرزاً أن اللجنة راسلت رئاسة الحكومة في 3 مناسبات حول ملف الإعفاءات «دون أن نتلقى أي رد أو تجاوب، بما في ذلك وزارة الدولة المكلفة حقوق الإنسان».
وأضاف مساعف موضحاً: «بعد حملة الإعفاءات التي بدأت سنة 2016، قمنا بالترافع حول الملف، وكان هناك إجماع حقوقي وسياسي تجاه الملف، وقلنا إن الدولة ستستمع ربما لنبض هؤلاء الشرفاء، وتتراجع، قبل أن نتفاجأ هذه السنة بإعفاء عدد من الأطر الإدارية، الذين يشهد زملاؤهم على جديتهم وفعالياتهم».
وحملت اللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أيضاً جزءاً من المسؤولية في الملف، حيث أكدت «وضع الملف لديه، وعقد لقاء مع أحد مسؤوليه، ولم يتبين أن هناك إجراءً تم القيام به حتى الآن»، وسجلت بأن تزامن الإعفاءات مع الدخول المدرسي، الذي يفترض ألا تضاف مشكلات مفتعلة لما يعرفه من صعوبات وإشكالات، يمثل «استهتاراً بمصالح المرتفقين من التلاميذ وعائلاتهم».
من جهته، قال فؤاد عبد المومني، الحقوقي المغربي وعضو اللجنة، إن الموضوع يهم «نحو 160 مسؤولاً في الإدارات العمومية، تعرضوا للإعفاء من مسؤولياتهم من دون تبرير، ولا مساطر إدارية»، مؤكداً أن الدافع وراء إعفائهم هو «انتماؤهم لجماعة مذهبية مشروعة هي (العدل والإحسان)».
وأضاف عبد المومني أن هذه القرارات تشكل «تقويضاً لمبدأ دولة الحق والقانون، وتحكماً في الإدارة العمومية»، موضحاً أن هذه الممارسات «تبين غياب إمكانية إعمال الضبط الإداري في الإدارة المغربية، وغياب مسالك تصحيح المسارات، سواء من حيث القضاء، أو من حيث الإدارة والأجهزة السياسية والحكامة».
واعتبر المتحدث ذاته أن الدولة المغربية أصبحت «تواجه المجتمع بخيار القمع فقط لكل رأي مخالف»، مشدداً على أن اللجنة تعتبر أن هذا الخيار «يُقوض العيش المشترك، وإمكانات التطور الإيجابي والسلمي لمجتمعنا، والثقة في المؤسسات والقانون».
وزاد عبد المومني منتقداً هذه الإعفاءات: «نعتقد أن هذا خيار انتحاري للدولة يجب مواجهته، لأنه ربما اليوم يتوجه لإحدى الجماعات»، مضيفاً: «لكن يمكن أن يصبح سلوكاً عاماً يوجه لمن لا ترضى عليه بعض الجهات في الدولة».
وأفاد الحقوقي المغربي بأن هذا الأمر «لم يعد مقبولاً في منطق العصر ودولة الحق والقانون»، لافتاً إلى أن اللجنة ستقوم بـ«المبادرات الإجرائية التي ترتبط بكل المسارات المتاحة أمامنا، سواء الاعتراض الإداري أو الشكوى القضائية، أو اللجوء إلى البرلمان وهيئات الحكامة والمنتديات الدولية من أجل إسقاط هذه القرارات الظالمة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».