صندوق النقد يثق بمستقبل القطاع غير النفطي السعودي

صندوق النقد يثق بمستقبل القطاع غير النفطي السعودي
TT

صندوق النقد يثق بمستقبل القطاع غير النفطي السعودي

صندوق النقد يثق بمستقبل القطاع غير النفطي السعودي

أبدى صندوق النقد الدولي تفاؤلا قويا بالاقتصاد السعودي ومستقبل القطاع غير النفطي، إذ أفصح في تقرير صدر عنه أمس أن زخم القطاع غير النفطي في السعودية سيدعم من الاقتصاد الوطني في المملكة ويقوي الإنفاق الحكومي المرتفع، مؤكدا على أن اقتصاد السعودية تحمل أعباء دولية في مقدمتها تداعيات تضعضع أسواق النفط العالمية والاتفاق مع منظومة الدول المصدرة للنفط من خارج منظمة أوبك، المعروفة بـ«أوبك +».
جاء ذلك في خضم توقعاته بتراجع الناتج المحلي خلال العام الجاري بنسبة 1.7 في المائة، إذ أكد أن موجة تراجعات لفت اقتصاديات العالم، بما فيها اقتصاديات الأسواق الناشئة، مشيرا إلى أن مجموعة الأسواق الناشئة الكبرى بينها السعودية ستشهد نموا وفقا لمقارنة المتوسطات التاريخية بنسبة واحد في المائة أو أقل في العام 2019 لدول البرازيل وروسيا والمكسيك والسعودية.
وبرغم الاعتداءات التي تعرضت لها مصاف نفطية في شرق السعودية تابعة لشركة أرامكو وما صاحبها من مخاوف اضطراب المعروض وتضخم أسعار عقود النفط، يتوقع الصندوق عودة نهوض النشاط الاقتصادي بصورة أوضح في السعودية والدول الناشئة الكبرى، لافتا إلى أن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لا تزال تقع في نطاق نمو متوقع 0.9 في المائة خلال 2019 بينما يزداد إلى 2.9 في العام المقبل 2020.
وبرغم تقديرات الصندوق بتراجع الناتج المحلي النفطي السعودي الناجمة من تأثيرات اتفاق «أوبك +»، على حد وصفه، بجانب تضعضع أسواق النفط العالمية، فإنه أقر بأن النمو الملموس في القطاع غير النفطي في الاقتصاد السعودية سيقوي من الإنفاق الحكومي المرتفع وكذلك سيدفع بالثقة فيه.
وزاد التقرير أنه برغم عدم وضوح تأثيرات الهجوم على منابع نفطية في السعودية وما نجم عنه في هذه المرحلة فرض حالة من عدم اليقين للرؤية قريبة المدى، لكنه أكد على قدرة الاقتصاد السعودي على النهوض في العام المقبل 2020 مع استقرار الناتج المحلي النفطي وتواصل الزخم القوي من نتائج إيرادات القطاع غير النفطي.
وقدر التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لاقتصاد المملكة خلال العام المقبل بنسبة 2.2 في المائة، فيما سينمو إلى 2.5 في العام 2024، كما توقع ارتفاع إنتاج الفرد السعودي 0.2 في المائة خلال 2020 و0.5 في المائة في العام 2024.
وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» خلال المؤتمر الصحافي، حول ما إذا ما كان الصندوق يتوقع أن تسهم الإصلاحات السعودية ونمو القطاع غير النفطي بقوة في عودة التوقعات الخاصة بالمملكة إلى مستوياتها السابقة سريعا خلال الفترة المقبلة، أكدت غيتا غوبيناث، كبيرة الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي، أن الأسباب الرئيسية التي تقف خلف خفض توقعات الصندوق للنمو في المملكة خلال العام الجاري: «جانب مهم منها كان الضعف في القطاع النفطي، وذلك نظرا لخفض الإنتاج التزاما بقواعد اتفاق أوبك+ الجديدة».
ويرى خبراء الصندوق أن الالتزام السعودي الكبير، وتحمل البلد لجانب أساسي من اتفاق خفض الإنتاج النفطي العالمي للحفاظ على سلامة الأسواق، أدى إلى تراجع القطاع النفطي بالمملكة، لكنه يعكس دور السعودية المحوري في الأسواق.
وتضيف غوبيناث أن جزءا آخر من أسباب تراجع التوقعات يتعلق بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، والتي تبقى مرتفعة... وإلى جانب التباطؤ الاقتصادي العالمي، فإن تلك الظروف لها أثر سلبي على أسعار النفط.
ويوضح مراقبون أنه نظرا لحجم الاقتصاد السعودي بالمنطقة، فإنه بالقطع يتأثر بالتوترات الدولية أكثر من غيره من الاقتصادات الأصغر حجما، في حين تؤكد غوبيناث في تعليقها أن صندوق النقد «يتوقع أن يحدث تطور كبير في النمو السعودي، نظرا لما يقوم به القطاع غير النفطي من أداء جيد، والذي يتحسن بشكل واسع على مدار الوقت».
وعلى أرض الواقع، سجل القطاع غير النفطي السعودي حضوراً بارزاً في مؤشرات الحسابات القومية؛ إذ ارتفع 2.9 في المائة، وهو ما يعزز منهجية اعتماد السعودية في رؤية 2030 على تحفيز القطاع الخاص وزيادة مساهمة الإيرادات غير النفطية، ضمن استراتيجية التحول الاقتصادي التي تسعى لتحييد النفط مصدراً لدخل البلاد.
وكان وزير المالية محمد الجدعان قد توقع في سبتمبر (أيلول) الماضي أن يرتفع الناتج المحلي غير النفطي إلى 3 في المائة؛ أي بأكثر من المقدر له، وهو 2.9 في المائة، مستنداً على أداء القطاع الخاص المتصاعد، ومؤكداً في الوقت ذاته استمرار تنامي الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من العام بنسبة 14.4 في المائة، مع تحسن النشاط الاقتصادي واستمرار تنفيذ الإصلاحات والمبادرات الرامية لتنمية الإيرادات وتنويع مصادرها.
وكان الأسبوع الماضي شهد اعتلاء اقتصاد السعودية تصنيف التقرير السنوي لمنتدى الاقتصاد العالمي لعام 2019 على مستوى مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي، مما يؤكد نجاح فعالية السياسات الاقتصادية المطبقة في البلاد على ضوء رؤية 2030. كما ارتقى تصنيف السعودية بمؤشر التنافسية العام ثلاث مراكز إلى 36 العام الحالي من المرتبة الـ39 العام الماضي. وشدد التقرير أن قطاع الإيرادات غير النفطية المتوقع في السعودية سجلت معيارا مهما في التقييم.



تعاون استراتيجي سعودي أذربيجاني لتعزيز الاقتصاد والطاقة المتجددة

جاء حديث نائب وزير الخارجية الأذربيجاني على هامش مشاركته في «كوب 16» الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض (الشرق الأوسط)
جاء حديث نائب وزير الخارجية الأذربيجاني على هامش مشاركته في «كوب 16» الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

تعاون استراتيجي سعودي أذربيجاني لتعزيز الاقتصاد والطاقة المتجددة

جاء حديث نائب وزير الخارجية الأذربيجاني على هامش مشاركته في «كوب 16» الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض (الشرق الأوسط)
جاء حديث نائب وزير الخارجية الأذربيجاني على هامش مشاركته في «كوب 16» الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض (الشرق الأوسط)

أكدت أذربيجان أهمية تطوير شراكتها الاستراتيجية مع السعودية في مختلف المجالات، خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والطاقة المتجددة، بما يعكس توجه البلدين نحو تعزيز التعاون الإقليمي والدولي.

وشدد يالتشين رفييف، نائب وزير الخارجية الأذربيجاني لشؤون الأمن الدولي والتعاون الاقتصادي، على أن البلدين يواصلان استكشاف فرص جديدة لتوسيع مجالات التعاون المشترك، ولا سيما في قطاع الطاقة المتجددة والمناخ.

وأوضح رفييف، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، خلال مشاركته في مؤتمر المناخ «كوب 16» بالرياض، أن المشاورات الثنائية السنوية بين الرياض وباكو تسهم في تقييم وتطوير العلاقات بين البلدين. وناقش، مع نظيره السعودي وليد الخريجي، ونائب وزير الطاقة ماجد العتيبي، الخطط المشتركة لتعزيز التعاون، بما يشمل تنفيذ مشاريع منسقة بين البلدين.

وأشار رفييف إلى نجاح الشراكة بين أذربيجان والسعودية في مجال الطاقة المتجددة، حيث تقود شركة «أكوا باور» السعودية مشروع تطوير محطة طاقة الرياح البحرية بقدرة 240 ميغاواط في أذربيجان. كما شهد مؤتمر المناخ الأخير توقيع مذكرة تفاهم بين «أكوا باور» و«مصدر» الإماراتية وشركة «سوكار غرين» الأذربيجانية لتطوير مشاريع طاقة الرياح البحرية بقدرة 3.5 غيغاواط في بحر قزوين، وهو المشروع الأول من نوعه في أذربيجان.

وأضاف المسؤول الأذربيجاني أن بلاده أصبحت مركزاً إقليمياً في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، حيث تعمل بصفتها بوابة لربط دول الخليج بآسيا الوسطى. وأكد أن أذربيجان تسهم بشكل كبير في الأجندة الدولية، من خلال دورها في حركة عدم الانحياز، التي ترأستها لأكثر من أربع سنوات، ودورها الفاعل في تحقيق أهداف تمويل المناخ للدول النامية.

يالتشين رفييف نائب وزير الخارجية الأذربيجاني لشؤون الأمن الدولي والتعاون الاقتصادي

وشدد رفييف، في حديثه، على أن أذربيجان تسعى لتوسيع شراكاتها مع السعودية، معتمدين على موقعها الجيوسياسي وقدراتها في المساهمة بالاقتصاد العالمي، في ظل تصاعد دورها الإقليمي والدولي.

وتابع: «عُقد مؤتمر (كوب29) في باكو، في أذربيجان، وكان منصة مهمة للتواصل بين البلدين لتعزيز المصالح المشتركة». وقال: «نجح المؤتمر بفضل دعم إخوتنا وأخواتنا السعوديين، وانبثق من ذلك تصور جديد للتعاون بين البلدين، وهو قيد الدراسة».

وتابع رفييف: «أذربيجان بوابة لدول الخليج إلى آسيا الوسطى. سنلعب دوراً مهماً في ربط هاتين المنطقتين المهمتين مع بعضهما البعض، حيث تسهم أذربيجان بشكل كبير في الأجندة العالمية، من خلال مساهمتها الأخيرة في المفاوضات المناخية الدولية، التي أسفرت عن جمع هدف مالي جديد بقيمة 300 مليار دولار من الدول المتقدمة للدول النامية».

واستطرد في الحوار حول دور بلاده في المهام الدولية، وقال: «لعبت أذربيجان دورًا مهماً بصفتها رئيساً لحركة عدم الانحياز لأكثر من أربع سنوات. قمنا برئاسة هذه المنظمة التي تضم 121 دولة عضواً، وخلال فترة أربع سنوات ونصف السنة أثبتنا، مرة أخرى، أننا قادرون على لعب دور عالمي».

وزاد: «استطعنا أن نجمع الدول المتقدمة والنامية معاً، بما في ذلك أثناء فترة جائحة (كوفيد-19). وخلال الوباء، حوّلنا التحديات المتعلقة بالجائحة إلى فرص تعاون. أطلقنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان قراراً حَظِي بدعم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع. وكل هذا أظهر أن أذربيجان ليست أذربيجان السابقة، إنها الآن أقوى وقائدة إقليمية».