تونس: 5 مليارات دولار عجزاً تجارياً في 9 أشهر

TT

تونس: 5 مليارات دولار عجزاً تجارياً في 9 أشهر

سجلت المبادلات التجارية التونسية تقلصاً خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية، وشمل هذا التقلص الصادرات التونسية وكذلك الواردات، وبلغ حجم العجز التجاري التونسي حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، نحو 14.8 مليار دينار تونسي (نحو 5 مليارات دولار). وفي حال تواصل على الوتيرة نفسها، فإن العجز سيتجاوز الأرقام القياسية السلبية التي عرفتها تونس مع نهاية سنة 2018، وذلك بالوصول إلى حد 19 مليار دينار من العجز التجاري (نحو 6.4 مليار دولار).
وأكد المعهد التونسي للإحصاء (معهد حكومي) أن حجم المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بالأسعار الجارية، خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية، بلغ نحو 33 مليار دينار تونسي عند التصدير، و47.8 مليار دينار عند التوريد، وهو ما يجعل الفارق سلبياً بقرابة 14.8 مليار دينار.
ووفق الأرقام الرسمية التي قدمها المصدر نفسه، فإن حجم الصادرات التونسية تقلص بنسبة 3.4 في المائة، في حين تراجعت الواردات بدورها بنسبة 7.5 في المائة. وفي السياق ذاته، تراجع حجم المواد المصدرة في قطاع الفلاحة والصناعات الزراعية بنسبة 18.8 في المائة، والنسيج والملابس والجلود بنسبة 4.7 في المائة، وصادرات الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 2.1 المائة، وهو ما يفسر في جانب ما تواصل ارتفاع العجز التجاري الإجمالي.
ولم تفلح الزيادة المسجلة على مستوى صادرات الطاقة بنسبة 16.1 في المائة، وصادرات صناعات معملية أخرى بنسبة 3 في المائة، في تعديل الكفة والإبقاء على مستويات مقبولة على مستوى العجز التجاري المسجل.
وخلال الفترة الزمنية ذاتها، سجل حجم الواردات التونسية تقلصاً في مجال الصناعات الميكانيكية والإلكترونية بنسبة 10.5 في المائة، والنسيج والملابس بنسبة 7.4 في المائة، والفلاحة والصناعات الفلاحية والغذائية بنسبة 7.9 في المائة.
وفي هذا الشأن، قالت جنات بن عبد الله الخبيرة التونسية في المجال الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تباطؤ نسق المبادلات التجارية مع الخارج كان منتظراً، وقد نبه له كثير من المتابعين للشأن الاقتصادي المحلي. ولعل أبرز ترجمة للواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس أن النصف الأول من السنة الحالية لم يسجل سوى نسبة نمو لا تتجاوز 1.1 في المائة، وهو ما يفسر تراجع المبادلات التجارية، فمؤسسات الإنتاج سجلت تراجعاً على مستوى الواردات والصادرات كذلك، ومن المنتظر أن تتواصل مرحلة الشك هذه في حال لم تستعد محركات الاقتصاد التقليدية جانباً من نشاطها؛ ونعني بتلك المحركات أساساً الاستثمار الخارجي والتصدير».
وعلى صعيد متصل، أعلن المعهد التونسي للتنافسية والدراسات الكمية (معهد حكومي) تراجع معدل إعادة تمويل البنوك من قبل البنك المركزي التونسي خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ سجل هذا التمويل انخفاضاً بنسبة 11 في المائة مقارنة بشهر أغسطس (آب) من هذه السنة، وقدر بنحو 12.8 مليار دينار تونسي (نحو 4.3 مليار دولار). وعدّت الجهات الحكومية ذاتها، أن هذا التراجع أسهم في ارتفاع سعر صرف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار واليورو.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».