في حين تسير الليرة التركية في طريقها لتصبح الأسوأ أداءً بين العملات الرئيسية في العالم في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في تحرك يبدو أشد قتامة في ضوء ارتفاع معظم عملات الأسواق الناشئة. سجل معدل البطالة في تركيا ارتفاعا جديدا وقفز إلى نحو 14 في المائة في شهر يوليو (تموز) الماضي، من مستوى 13 في المائة في يونيو (حزيران) السابق عليه.
وهوت الليرة التركية في أعقاب التوغل العسكري التركي في سوريا. ولا يعد التقلب أمراً غريباً على الليرة، لكنها فقدت 5 في المائة هذا الشهر مقابل الدولار في تحرك استثنائي يتزامن مع ارتفاع مؤشر «إم إس سي آي» لعملات الأسواق الناشئة بنسبة 1.3 في المائة.
وتدعم صعود الأسواق الناشئة عموماً بمؤشرات على قرب التوصل إلى اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والصين وإجراءات تحفيز، لكن المراقبين للشأن التركي أبدوا قلقهم من التلويح بعقوبات دولية على تركيا بسبب تحركاتها في سوريا. فقد حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من «عقوبات كبيرة في الطريق على تركيا» بعدما هدد بالفعل «بمحو» اقتصادها إذا مضى هجوم أنقرة على القوات التي يقودها الأكراد في سوريا لأبعد مما ينبغي.
واتفقت الحكومات الأوروبية أيضاً يوم الاثنين على تقليص صادرات الأسلحة إلى تركيا، لكن دون إعلان حظر رسمي من الاتحاد الأوروبي على البلد الذي ساهم في كبح تدفق اللاجئين من سوريا ودول أخرى.
وقال ريتشارد هاوس، خبير الأسواق الناشئة لدى «ألاينس غلوبال إنفستورز»: «أجد صعوبة في رؤية أي حدث يصلح محفزاً إيجابياً (لتركيا) في الوقت الحاضر... ما يحدث هو أمر مذهل تماماً».
وصنف «جيه بي مورغان» الليرة، بجانب الروبل الروسي، كأكثر العملات انكشافاً على التقلبات السياسية. وحذر «غولدمان ساكس» بشأن المخاطر الجيوسياسية والسياسة الاقتصادية المحلية، في حين تساءل «بنك رابو» الأسبوع الماضي إذا كانت الليرة على شفا «أزمة عملة» جديدة. وخفض «دويتشه بنك» نظرته «الإيجابية» لأدوات الدخل الثابت التركية، وخفضت «أوكسفورد إيكونوميكس» مستوى رؤيتها لتركيا.
وقال بيوتر ماتيس من «بنك رابو»: «إذا قرر الكونغرس الأميركي فرض عقوبات على تركيا، فإن هذا التحرك الصغير نسبياً (في الليرة) سيكون على الأرجح مجرد بداية».
في غضون ذلك، أظهرت بيانات نشرتها هيئة الإحصاء التركية، أمس (الثلاثاء)، ارتفاع معدل البطالة في يوليو الماضي، إلى 13.9 في المائة. وارتفع معدل البطالة على أساس سنوي بنسبة 3.1 في المائة، حيث كان معدل البطالة سجل 10.8 في المائة في يوليو 2018.
وأشارت هيئة الإحصاء، في بيان، إلى أن عدد العاطلين عن العمل في الفئة العمرية من 15 عاماً فأعلى، ارتفع في يوليو الماضي، على أساس سنوي بـ1.06 مليون شخص، إلى 4 ملايين و590 ألفاً. وارتفع معدل البطالة في القطاعات غير المرتبطة بالنشاط الزراعي بـ3.6 في المائة إلى 16.5 في المائة على أساس سنوي في يوليو. وذكر البيان، أن البطالة في صفوف الشباب، في الفئة العمرية من 15 إلى 25 عاماً، سجلت 27.1 في المائة بارتفاع نسبته 7.2 في المائة على أساس سنوي.
على صعيد آخر، تم البدء اعتباراً من أمس في تطبيق زيادة جديدة على أسعار الغاز الطبيعي في تركيا، بمقدار 6 قروش. وذكر بيان لنقابة محطات الإمداد بالطاقة والنفط والغاز الطبيعي، أنه بهذه الزيادة بلغ سعر متر الغاز من 3.71 ليرة إلى 3.77 ليرة (63 سنتاً)، وفي العاصمة أنقرة ارتفع من 3.82 إلى 3.88 ليرة (65 سنتاً)، وفي إزمير وصل إلى 3.80 ليرة (64 سنتاً) ارتفاعاً من 3.74 ليرة.
وجاءت هذه الزيادة بعد أقل من أسبوعين على زيادة سادسة أقرتها السلطات التركية خلال عام على الغاز الطبيعي للمنازل 27 قرشاً، وقبلها بيوم كان قد تم إقرار زيادة على أسعار الكهرباء بمقدار 14.9 في المائة للمرة الثانية في 3 أشهر والخامسة خلال عام واحد.
كانت الحكومة التركية طبقت الزيادة الثانية على أسعار الغاز الطبيعي للمنازل في خلال شهر واحد لتصل إلى 30 في المائة خلال شهر أغسطس (آب) الماضي وحده بنسبة 14.90 في المائة، بعد زيادة تم إقرارها في مطلع أغسطس بنسبة 14.97 في المائة. وطبقت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية زيادة على استهلاك الغاز للأغراض الصناعية بنسبة 13.73 في المائة في مطلع أغسطس.
وتسببت الزيادات المتتالية في أسعار الطاقة في تركيا في موجة من الغضب، ولا سيما أنها لا تتناسب مع الزيادة السنوية في الأجور التي بلغت 4 في المائة.
من ناحية أخرى، أعلنت شركة فولكسفاغن، عملاق صناعة السيارات الألمانية، تأجيل القرار النهائي بشأن بناء مصنع للسيارات في تركيا في ظل الانتقادات الدولية للعدوان التركي على شمال سوريا ومخاوف من تداعيات محتملة تؤثر على سمعة الشركة. وقال متحدث باسم فولكسفاغن، أمس، إنهم يراقبون بحذر الوضع الراهن وينظرون بعين القلق إلى التطورات الحالية.
وقالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، إن الاستثمارات التي تم تأجيلها تقدر بنحو 1.4 مليار دولار، وهي أول إشارة على التداعيات الاقتصادية التي ستواجهها أنقرة بسبب عمليتها العسكرية في سوريا.
وأسست فولكسفاغن، في وقت سابق من شهر أكتوبر الحالي شركة فرعية لها في ولاية مانيسا (غرب تركيا)، بينما قالت الشركة، إنها كانت في المراحل النهائية من المفاوضات ولم تتخذ قراراً بشأن المصنع.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأحد الماضي، إنها أخبرت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن الهجوم التركي على شمال سوريا يجب أن يتوقف لأنه يخاطر بالتسبب في أزمة إنسانية.
ووافقت دول الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، على تقليل صادرات الأسلحة لتركيا، كما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوبات اقتصادية على أنقرة، قال إنها تشكل المرحلة الأولى وإنه سيتم اتخاذ إجراءات تدمر الاقتصاد التركي.
البطالة تقفز في تركيا... والليرة الأسوأ أداءً عالمياً في أكتوبر
زيادة «سابعة» لأسعار الغاز وسط سخط شعبي
البطالة تقفز في تركيا... والليرة الأسوأ أداءً عالمياً في أكتوبر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة