820 مليون جائع في العالم وفقدان الأغذية يتجاوز 14 %

رغم إنتاج كميات طعام تكفي الجميع

المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تشو دونغ يو  يتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما بإيطاليا (أ.ب)
المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تشو دونغ يو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما بإيطاليا (أ.ب)
TT

820 مليون جائع في العالم وفقدان الأغذية يتجاوز 14 %

المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تشو دونغ يو  يتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما بإيطاليا (أ.ب)
المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تشو دونغ يو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما بإيطاليا (أ.ب)

تحيي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) غداً (الأربعاء)، اليوم العالمي للأغذية، ويأتي الاحتفال هذا العام 2019 تحت شعار «نظم غذائية صحية من أجل القضاء على الجوع في العالم». وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير لها، أمس (الاثنين)، إنه يتم فقدان نحو 14% من الأغذية المنتجة في العالم قبل أن تصل إلى متاجر البيع بالتجزئة.
وذكرت «فاو» أن خفض النسبة من شأنه أن يزيد النمو الاقتصادي العالمي والإنتاجية ويساعد في مكافحة الجوع في العالم ويحد من الانبعاثات الحرارية. وكتب المدير العام لمنظمة «فاو»، تشو دونغ يو، في التقرير: «أتساءل في كثير من الأحيان كيف يمكننا السماح بالتفريط في الطعام بينما يستمر شعور أكثر من 820 مليون شخص في العالم بالجوع كل يوم؟». وتميِّز المنظمة بين «فقدان الأغذية»، وهو ما يتم فقدانه بعد الحصاد أو في أثناء النقل، وبين «هدر» الطعام، في إشارة إلى نفايات المتاجر الكبرى أو ما يلقي به المستهلكون. وفي عام 2011 أشارت «فاو» إلى أن نحو ثلث الأغذية في العالم يُفقدان أو يُهدر كل عام، لكن تقريرها الأخير يشير إلى أن هذا تقدير «تقريبي للغاية».
وقالت الوكالة التي تتخذ من روما مقراً لها إنها سوف تصدر تقديراً عن «هدر الطعام»، في استكمالٍ لبيانات، الاثنين، بشأن «فقدان الطعام» في مرحلة لاحقة. كما نبهت إلى أن معالجة المشكلة صعبة للغاية. وذكر التقرير أنه «في حين أن الحد من فقدان الأغذية وهدرها يبدو هدفاً واضحاً ومرغوباً فيه، فإن التنفيذ الفعلي ليس بالأمر البسيط، وقد يكون القضاء التام عليه غير واقعي».
وقال عارف حسين، كبير الخبراء الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي: «إننا ما زلنا لا نستطيع إطعام كل شخص على وجه الأرض» مضيفاً أنه «دون التركيز على الأسباب الجذرية للجوع، مثل الصراعات والمناخ، لن تكن هناك فرصة لإنهاء الجوع في العالم». وعلى سبيل المثال، تساعد التعبئة باستخدام البلاستيك على الحفاظ على الطعام طازجاً لفترة أطول، لكن استخدام البلاستيك يخضع للتدقيق بسبب التلوث الناتج عن نفايات البلاستيك.
وقال خبير المنظمة أندريا كاتانيو، لوكالة الأنباء الألمانية: «في بعض الأحيان قد يكون من المنطقي (على المستوى البيئي) استخدام البلاستيك، ولكنّ هذا يعتمد دائماً على الموقف».
وفي إطار استعدادات اليوم العالمي للأغذية، أشار شو دونغ يو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، إلى أنه يوجد في العالم اليوم 1 من بين 9 أشخاص يعاني من الجوع، رغم أن العالم ينتج كميات طعام تكفي الجميع. ويعاني 2 من بين 5 بالغين من زيادة الوزن، ومعدلات السمنة تواصل الارتفاع في جميع دول العالم تقريباً. وبالنسبة إلى الكثير من الناس، يعدّ توفير الغذاء والتغذية بشكل أفضل، مسألة تتعلق بسبل العيش والدخل والقدرة على تحمل تكلفة الأطعمة المغذية. وأن النمو المتوقع في كل من إمدادات الأغذية والطلب عليها غير متكافئ في جميع البلدان والمناطق، إذ سيكون الطلب الأكبر في أفريقيا وجنوب آسيا، وهي مناطق من المتوقع أن تكون الأكثر تضرراً من تغير المناخ.
وكشف تقرير «حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2019»، ارتفاع أعداد الجياع حول العالم للعام الثالث على التوالي... وقد أثّر الجوع بشكل خاص على أفريقيا حيث يعاني واحد من كل خمسة أشخاص من الجوع. ففي آسيا وصل عدد الجياع إلى 515 مليوناً؛ وفي أفريقيا إلى 256.5 مليون؛ وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى 39 مليوناً. ويؤثر التقزم أو قصر القامة بالنسبة إلى العمر على 149 مليون شخص، ويعاني مليارا شخص تقريباً من مستويات متوسطة من انعدام الأمن الغذائي.
ووفقاً للتقرير، فإن وتيرة التقدم في خفض عدد الأطفال الذين يعانون من التقزم إلى النصف وتقليل عدد الأطفال الذين يولدون بوزن منخفض عند الولادة، بطيئة للغاية. مما يجعل غايات التغذية التي شدد عليها الهدف الثاني من الأهداف الإنمائية، بعيدة المنال. وفي الوقت نفسه، بالإضافة إلى هذه التحديات، تستمر زيادة الوزن والسمنة في جميع المناطق، خصوصاً بين الأطفال في سن المدرسة والبالغين، حسب البيان المشترك الذي لفت الانتباه إلى أن فرص معاناة النساء من انعدام الأمن الغذائي أعلى مقارنةً بالرجال في كل قارة، مع وجود فجوة أكبر في أميركا اللاتينية.
وفي هذا السياق قال رؤساء وكالات الأمم المتحدة (منظمة الأغذية والزراعة «فاو»، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، ومنظمة الصحة العالمية)، التي أصدرت تقرير الأمن الغذائي: «يجب أن تكون إجراءاتنا لمعالجة هذه الاتجاهات المثيرة للقلق أكثر جرأة، ليس فقط من حيث النطاق ولكن أيضاً من حيث التعاون متعدد القطاعات».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»