ما بين الأوركسترا والفن التجريدي... الرياض تحتفي بـ«ثقافات من روسيا»

تنظمها وزارة الثقافة السعودية تزامناً مع زيارة الرئيس الروسي

الفعاليات ستتيح للجمهور الاستمتاع بروائع ما أنتجته الثقافة الروسية (وزارة الثقافة السعودية)
الفعاليات ستتيح للجمهور الاستمتاع بروائع ما أنتجته الثقافة الروسية (وزارة الثقافة السعودية)
TT

ما بين الأوركسترا والفن التجريدي... الرياض تحتفي بـ«ثقافات من روسيا»

الفعاليات ستتيح للجمهور الاستمتاع بروائع ما أنتجته الثقافة الروسية (وزارة الثقافة السعودية)
الفعاليات ستتيح للجمهور الاستمتاع بروائع ما أنتجته الثقافة الروسية (وزارة الثقافة السعودية)

تدشن وزارة الثقافة السعودية، اليوم (الاثنين)، عدداً من الفعاليات تزامناً مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى الرياض، من خلال عرض روائع الثقافة الروسية عبر فعاليات متنوعة ستقام في مركز الملك فهد الثقافي.
وتنظم الوزارة الفعاليات، بالشراكة مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر، وذلك للاحتفاء بروائع ما أنتجته الثقافة الروسية بتاريخها الإبداعي العريق، وتأكيداً على عمق العلاقات التي تربط بين السعودية وروسيا.
وتتضمن الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تُبرز قيمة الثقافة الروسية؛ من بينها معرض خاص بلوحات الفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي، ومعرض فني للذكاء الصناعي، بالإضافة إلى عروض أفلام روسية كلاسيكية وحديثة.
وتنطلق أولى الفعاليات مساء اليوم، تحت اسم «ثقافات من روسيا»، بحفل يتضمن أمسية موسيقية لأوركسترا تشايكوفسكي الروسية، التي ستقدم مجموعة من المعزوفات الشهيرة لأهم الموسيقيين العالميين، من بينهم سيرجي رحمانينوف ونيكولاي كورساكوف.
كما تضم الفعاليات معرض «الذكاء الصناعي وحوار الثقافات»، الذي يشارك فيه 10 فنانين قدموا أعمالاً فنية تم تنفيذها عبر برمجيات في الحاسب الآلي بأسلوب يحتوي على نظرة جديدة للعلاقة بين الفنان والمشاهدين.
ومن أبرز الأعمال التي يقدمها المعرض لوحة «ميموزا أوف باسيرباي» للفنان ماريو كلينغيمان، التي يشكك فيها بمبدأ الاكتمال، وعمل «انستوليشن تايم» للفنان قسطنطين نوفوسيولوف، الحائز  جائزة نوبل، الذي يتناول فيه موضوعات فلسفية يتم التعبير عنها في أوراق مرسومة باستخدام حبر الجرافين. ويشارك في المعرض الفنانان السعوديان مهند شونو ولولوة الحمود.
بالإضافة إلى ذلك، تضم فعاليات «ثقافات من روسيا» معرضاً لأعمال مؤسس الفن التجريدي الروسي، فاسيلي كاندينسكي، الذي توفي عام 1944. وتمثل لوحاته عرضاً فنياً باهراً يفيض لوناً وتعبيراً ويظهر فيه تفاصيل المنازل الخشبية والأواني والأدوات المنزلية وألعاب الأطفال وعجلات الغزل السائدة في القرنين التاسع عشر والعشرين.
وخلال فعاليات «ثقافات من روسيا»، ستعرض مجموعة من أهم الأفلام الروسية الكلاسيكية والحديثة، من بينها فيلم «المرآة» للمخرج الروسي القدير، أندريه تاركوفسكي، الذي يعد من العلامات المضيئة في تاريخ السينما العالمية. كما سيعرض الفيلم القصير الحائز على الأوسكار «الشيخ والبحر» للمخرج ألكسندر بيتروف، وفيلم «ستالينغراد» الذي يعد من أنجح الأفلام الروسية الحديثة، وقد تم إنتاجه عام 2013. ويقدم قصة شجاعة مجموعة من الروسيين واجهوا حصار القوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية.
وسيتم عرض الأفلام في صالات العرض المخصصة بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض.
يذكر أن وزارة الثقافة السعودية أتاحت المجال لحضور الجمهور من مختلف الشرائح لجميع الفعاليات المتاحة من خلال موقع إلكتروني مُخصص للتسجيل على الرابط: https:--www.moc.gov.sa-ar-events-3982.



من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.