الحكومة الفلسطينية ترفض التهديد وتتمسك بتنويع مصادر الاستيراد

بعد توعد إسرائيلي بـ«عواقب وخيمة» إذا استمرت المقاطعة

TT

الحكومة الفلسطينية ترفض التهديد وتتمسك بتنويع مصادر الاستيراد

رفضت الحكومة الفلسطينية تهديدات إسرائيل «بعواقب وخيمة» إذا استمرت مقاطعة استيراد العجول من الأسواق الإسرائيلية. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، إبراهيم ملحم، إن التهديدات الإسرائيلية تشكل استمراراً لسياسة الضم والاستيطان والتهويد التي يعتنقها قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف. وأكد ملحم أن الحكومة «متمسكة بحقها في تنويع مصادر استيرادها، وفق ما نص عليه اتفاق باريس الاقتصادي، وأنها ستواصل سعيها لإحلال البضائع والمُنتجات العربية محل المُنتجات الإسرائيلية، مثلما تؤكد استمرارها في شراء الخدمة الطبية من المستشفيات العربية في مصر والأردن بديلاً عن تلك المقدمة من المستشفيات الإسرائيلية».
وكانت الحكومة الفلسطينية أطلقت خطة من أجل الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل عبر عقد اتفاقات اقتصادية مع الدول العربية. وزار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه مصر قبل أيام ونجح في عقد اتفاقات اقتصادية بعد توقيع اتفاقات مع الأردن والعراق. والتحرك الفلسطيني الجديد جاء في ظل قرارات فلسطينية صدرت عن المجلسين الوطني والمركزي بضرورة تعديل اتفاق باريس الاقتصادي. واتفاق باريس هو أحد ملاحق اتفاقية غزة - أريحا، ووُقع في 1995. وينص فيما ينص على أن تجمع إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً وكوتة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى.
وسعى الفلسطينيون خلال سنوات من أجل تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ لكن إسرائيل لم تتعاطَ مع ذلك. وقرر الفلسطينيون وقف استيراد العجول من إسرائيل ووقف التحويلات الطبية إلى إسرائيل، كما تقدموا بطلب من أجل استيراد النفط من العراق عبر تكريره في الأردن. ومن ضمن اتفاقات أخرى عقدتها الحكومة ثمة توجه لاستيراد بضائع عربية بدل الإسرائيلية. لكن لا يعرف إلى أي حد ستنجح السلطة في مساعيها، في ظل أن إسرائيل تتحكم بجميع المعابر، وعلى الأرض.
وهدد منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية اللواء كميل أبو ركن، السلطة الفلسطينية، أنه إذا لم تتوقف المقاطعة الاقتصادية من قبل السلطة، فيما يتعلق باستيراد الأبقار والمواشي من السوق الإسرائيلية، فستترتب على ذلك عواقب «وخيمة». وقال أبو ركن، في بيان، إنه سيوقف إدخال المنتوجات الزراعية الفلسطينية إلى الأسواق الفلسطينية، في المدى القريب إذا استمر الموقف الفلسطيني. وأضاف أن إسرائيل «لن تسمح بوجود مقاطعة من أي نوع للمنتوجات الإسرائيلية، نتيجة القرار الأحادي للسلطة الفلسطينية، الذي يضر باقتصاد الطرفين».
وقال أبو ركن: «بعد عدة توجهات لحل القضية على مستويات مختلفة، قمت بإنذار الطرف الفلسطيني، بأن عدم عودة الأمور إلى سابقتها، سينتج عنه عدم السماح بإدخال جزء ملموس من المنتوجات الزراعية الفلسطينية، إلى إسرائيل».
وكان مربو العجول والمواشي في إسرائيل تظاهروا في إسرائيل مطالبين بالضغط على الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بمقاطعة العجول القادمة من إسرائيل، كما احتجت إدارة مستشفيات «هداسا» و«رمبام» على قرار الحكومة الفلسطينية وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية.
وخرج أصحاب مزارع العجول والمستوردون الإسرائيليون، في مظاهرة في القدس المحتلة، قرب منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والكنيست، محتجين على عدم وجود ردّ إسرائيلي على المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتوجات الإسرائيلية. وقال رئيس جمعية مزارعي تربية العجول والمواشي إن السبب الحقيقي للتظاهر هو دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير من أجل إلغاء المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتوجات الزراعية الإسرائيلية. وقدرت وسائل إعلام إسرائيلية الخسائر بـ80 مليون شيقل شهرياً.
واقترح دورون سحب تراخيص التجار الفلسطينيين، الذين بحوزتهم تصاريح استيراد، وعدم السماح لهم بالتجوال والمرور في الموانئ الإسرائيلية. كما دعا مدير مستشفى «رمبام» الإسرائيلي، الحكومة الفلسطينية إلى استئناف التحويلات الطبية إلى إسرائيل. والقرارات الفلسطينية أُخذت بعد قرار إسرائيل اقتطاع أموال من العوائد الضريبية الفلسطينية، لكنه ضمن توجه عام قديم. وقالت الحكومة الفلسطينية، إنها تابعت التهديدات الإسرائيلية بـالعواقب الوخيمة التي ستترتب على قرارها وقف استيراد العجول من السوق الإسرائيلية، وذلك بالتلويح بوقف إدخال المُنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الأسواق الإسرائيلية، رداً على تلك الخطوة التي تندرج في إطار الرؤية الاستراتيجية للانفكاك التدريجي عن الاحتلال. وتابعت الحكومة مظاهرة الشاحنات التي نظمها مربو العجول والمواشي في إسرائيل أمس مطالبين بالضغط على الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرارها نظراً لما ترتب على تلك الخطوة من خسائر اقتصادية فادحة أصابت هذا القطاع الحيوي في إسرائيل. مثلما تابعت الحكومة قبل ذلك احتجاج إدارة مستشفى هداسا على قرارها وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.