تركيا تجدد تعميق الخلافات في ليبيا

«الوفاق» متمسكة بعلاقاتها مع أنقرة... وحفتر يرفض حضورها مؤتمراً لحل الأزمة

TT

تركيا تجدد تعميق الخلافات في ليبيا

هيمنت الخلافات حول الموقف من تركيا على الأزمة السياسية في ليبيا. ففي الوقت الذي كشف فيه مسؤول مقرب من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر لـ«الشرق الأوسط» أنه «أبلغ ألمانيا رسمياً اعتراضه على مشاركة تركيا وقطر في المؤتمر الدولي الذي ستنظمه بعثة الأمم المتحدة قبل نهاية العام الحالي لحل الأزمة الليبية»، واصل رئيس حكومة «الوفاق الوطني» فائز السراج حملته الدعائية لتأكيد إصراره على مشاركة الدوحة وأنقرة في مؤتمر برلين.
وأكد السراج، خلال لقائه، أمس، القائم بأعمال سفارة المملكة المتحدة لدى ليبيا مارتن رينولدز، «ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي» لهذا المؤتمر «دون إقصاء لأي أحد».
بدوره، أوضح المسؤول المقرب من قائد الجيش الوطني، الذي طلب عدم تعريفه، أن «موقف حفتر يتسق مع سياسته تجاه تركيا التي يعتبرها دولة داعمة وراعية للإرهاب في ليبيا»، مشيراً إلى أن «الموقف نفسه ينطبق على قطر». وتابع: «في مؤتمر باليرمو الذي استضافته إيطاليا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أصر المشير على عدم مشاركة تركيا في اجتماع رسمي استضافه رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي». وكان الجيش الوطني قد اتهم في بيان لمركزه الإعلامي «الأتراك بفتح سجون (داعش) وتحرير الإرهابيين الذين سبق أن تم إيداعهم فيها بعد القبض عليهم في المعارك ضد الجيش السوري»، وتساءل ما «إذا كان سيستعان بهم في الجبهات أم سيتم إرسالهم لزرع الإرهاب في ليبيا».
في المقابل، أكد السراج مشاركة قطر وتركيا في المؤتمر المرتقب، ونقل البيان عن القائم بأعمال السفارة البريطانية «التزام بلاده بدعم حكومة الوفاق وتفهمه لموقفها تجاه العودة للمسار السياسي»، لافتاً إلى «اتفاق الجانبين على أن التدخلات السلبية لبعض الأطراف الخارجية تسهم في تفاقم الأزمة ويجب إيقافها».
إلى ذلك، دعا أمس «المجلس الأعلى للدّولة» حكومة السراج إلى «إعادة النظر في سياستها حيال الجامعة العربية، على خلفية البيان الختامي الصادر أول من أمس عن اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن تركيا». وسجل المجلس في بيان له «استغرابه واعتراضه على ازدواجية المعايير التي تطبقها جامعة الدول العربية في الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء»، عادّاً أن «قرارات وبيانات الجامعة رهينة لحسابات وأجندة دول عربية بعينها» اتهمها بشن غارات يومية على المدنيين، وقصف مقار الحكومة الشرعية. كما انتقد الدور «الذي لعبته الدول نفسها لمنع عقد جلسة في شهر أبريل (نيسان) الماضي، بناء على طلب حكومة السراج لمجلس الجامعة لاتخاذ إجراءات حازمة من شأنها دعم الشرعية في ليبيا وحماية المدنيين».
كذلك، رفضت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق خفض التمثيل الدبلوماسي وعدم التعاون مع تركيا، امتثالاً لقرار الجامعة العربية، وعدّت في بيان مقتضب أصدرته، مساء أول من أمس، أن «اجتماع وزراء الخارجية العرب جاء بعد أيام من هجوم تشنه القوات التركية على شمال سوريا لإبعاد من تصفهم بالمنظمات الإرهابية من المجموعات الكردية ولإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً من الحدود التركية مع سوريا».
وكان السراج الذي التقى، مساء أول من أمس، رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، قد أعلن «اتفاقهما على ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي للمؤتمر المزمع عقده في برلين، دون أي إقصاء». وطبقاً لبيان وزعه مكتب السراج، فقد أكد الطرفان «حتمية دحر العدوان، والتمسك بالثوابت الوطنية، والالتزام ببناء دولة مدنية ديمقراطية، والاتفاق على استمرار التواصل، للعمل معاً من أجل اجتياز الأزمة الراهنة وتحقيق الأمن والاستقرار في كامل البلاد». وتناول الاجتماع تطورات الوضع الميداني في محاور القتال بمنطقة طرابلس الكبرى ومحيطها، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتوفير متطلبات النازحين من مناطق الاشتباكات، بالإضافة إلى الجهود المبذولة على الجبهة السياسية المواكبة للجهد العسكري.
ميدانياً، قالت «شعبة الإعلام الحربي» التابعة لـ«الجيش الوطني» إن وحداته العسكرية نجحت تزامناً مع الضربات الجوية في تنفيذ عمليات واسعة بمحاور العاصمة توغلت من خلالها وقامت باقتحام مواقع ومراصد مهمة للعدو في محوري اليرموك والعزيزية. وتحدث اللواء 73 مشاة التابع للجيش الذي يقوده اللواء علي القطعاني عن «وصول تعزيزات عسكرية إلى محاور القتال»، لافتاً إلى أن «وحدات اللواء 73 مشاة خاضت معارك شرسة للدفاع عن نقاط تمركزها من الأحياء البرية إلى كزيرما إلى كوبري المطار ولم تخسر نقطة واحدة». وأوضح أن «الأوامر صدرت بالتقدم في الساعات الماضية في نقاط مختلفة، التي صاحبها تكتم إعلامي للمحافظة على أرواح المقاتلين قدر الإمكان من ضربات طائرات العدوان التركي»، على حد تعبيره.
بدوره، لفت بيان «المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة» التابعة للجيش إلى ما وصفه بـ«تراجع الميليشيات» في أغلب المحاور واستماتة ودعم كبير للحفاظ على جزء يسير تبقى من العزيزية، مرجحاً حدوث «انهيار شامل لهذه الميليشيات في أي لحظة». وقال إن «الضربات الجوية التي شنتها قوات الجيش مساء أول من أمس، استهدفت تجمعات الميليشيات في معسكر حمزة ومحيط الخلة ومزرعة في شارع السدرة بها آليات وأفراد وتضم غرفة عمليات أمامية، كما استهدفت تمركزات ميليشيات تحاول الصمود فيما تبقى بمحيط العزيزية».
في المقابل، زعمت أمس عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أنها عثرت، خلال تمشيطها محاور القتال في محيط العزيزية، على «أسلحة وذخائر بالإضافة إلى ملابس ولوازم عسكرية روسية الصنع».
إلى ذلك، أعلن الجيش الوطني في بيان لشعبة إعلامه الحربي، العثور على مقبرة جماعية بمنطقة الهواري الواقعة جنوب غربي مدينة بنغازي بشرق البلاد، قال إن عناصر تنظيم داعش المتطرف دفنت قتلاها بها. ولم يكشف البيان عن عدد القتلى أو جنسياتهم، لكنه لفت إلى أن اكتشاف المقبرة يأتي بعد أكثر من 3 أعوام على تطهير قوات الجيش مدينة بنغازي من تنظيمي «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.