نزوح نحو 200 ألف سوري جراء الهجوم التركي شرق الفرات

الإدارة الكردية تستعد لإخلاء مخيمات للنازحين

مخيم للنازحين شمال شرقي سوريا (الشرق الاوسط)
مخيم للنازحين شمال شرقي سوريا (الشرق الاوسط)
TT

نزوح نحو 200 ألف سوري جراء الهجوم التركي شرق الفرات

مخيم للنازحين شمال شرقي سوريا (الشرق الاوسط)
مخيم للنازحين شمال شرقي سوريا (الشرق الاوسط)

أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يقودها الأكراد أمس، أن 191069 شخصا نزحوا بسبب العمليات العسكرية التركية الحالية.
وجاء في بيان للإدارة أنه «بسبب الاستهداف العشوائي من قبل الجيش التركي لمدن وبلدات شمال وشرق سوريا والاستهتار بحياة المدنيين، حدثت موجات نزوح كبيرة جدا تسببت في إفراغ مدن بكاملها من سكانها». وأضاف البيان «من منطقة ديريك في أقصى الشرق حتى كوباني في الغرب... ينزح السكان في موجات متتالية».
وقدرت الأمم المتحدة الجمعة أن نحو 100 ألف شخص فروا من منازلهم في شمال سوريا منذ بدء الهجوم التركي يوم الأربعاء.
وأفادت الإدارة إنه تم إخلاء مخيم يضم أكثر من سبعة آلاف من النازحين في شمال سوريا، بينما تنوي السلطات نقل مخيم آخر يضم 13 ألف شخص بينهم عائلات مقاتلي تنظيم داعش المتطرف بعد تعرضه للقصف، وذكرت الإدارة في بيان أن: «النازحين في مخيمي المبروكة وعين عيسى لم يكونوا في منأى عن مخاطر هذا العدوان التركي الذي بدأ الأسبوع الحالي الماضي».
وأشارت الإدارة بأن مخيم المبروكة كان يقع على بعد 12 كيلومترا من الحدود التركية، حيث أخلي بالكامل ونقل قاطنيه إلى مخيم العريشة جنوبي مدينة الحسكة، وأكدت بأن الضربات العسكرية تهدد مخيم عين عيسى والذي يؤوي قرابة 800 أسرة من عائلات مقاتلي التنظيم.
وقال مدير هيئة شؤون اللاجئين لدى الإدارة الذاتية نجاة صالح: «إنه ثمة خطر على حياة النازحين بسبب الاشتباكات والمعارك والقصف الجوي للمناطق القريبة، واستجابة لنداءات المدنيين داخل المخيم قمنا بإخلاء مخيم المبروكة ونقل سكانه إلى مخيم العريشة جنوبي مدينة الحسكة»، أما بالنسبة لمخيم عين عيسى الواقع على بعد نحو 50 كيلومتراً شمال مدينة الرقة، لا يزال النقاش مستمرا مع الجهات والمنظمات المعنية لإيجاد حلول، وأضاف: «نبحث عن موقع بديل للمخيم، والإدارة ستتخذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لضمان سلامة قاطني المخيمات، علماً بأن سلامة وأمن هؤلاء هي من اختصاص الأمم المتحدة والتحالف الدولي»، بحسب نجاة صالح.
وطالبت المنظمة الدولية جميع الأطراف المشاركة بالقتال الدائر في سوريا أن تتذكر أنها ملزمة بموجب القانون بالحفاظ على سلامة المدنيين وجميع من لا يشاركون في الأعمال العدائية، بمن فيهم المحتجزون والفارون من ساحات القتال، وقال مدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيد فابريزيو كاربوني: «يجب أن تكون جميع المناطق آمنة للمدنيين وأي شخص لا يشارك مباشرة في القتال، ما يعد مبدأ من المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني».
في سياق آخر، أكدت الإدارية في منظمة «الهلال الأحمر الكردي» جميلة حمي بأن الطيران التركي استهدف سيارات إسعاف الأمر الذي حال دون نقل عدد من المصابين والجرحى المدنيين خارج مدينة رأس العين، والأخيرة تشهد ضربات عنيفة منذ بداية العملية التركية الأسبوع الماضي، وقالت: «مشفى روج في (سريه كانيه) خارج الخدمة بعدما تم استهدافه من قبل طائرات الاحتلال التركي، لم يعد بإمكان الكادر الطبي أن يعمل ضمنه في ظل القصف الهمجي»، وناشدت حمي المجتمع الدولي لوقف استهداف الكوادر والعاملين في المجال الطبي، وأعربت قائلة: «يجب وقف القصف التركي لنستطيع إسعاف المدنيين في ظل الوضع الكارثي، فالقوانين الدولية تمنع استهداف وقصف المستشفيات والنقاط الطبية وسيارات الإسعاف».
من جانبه طالب السيد فابريزيو كاربوني من الصليب الدولي عدم استهداف البنية التحتية المدنية أثناء الأعمال العدائية، وقال: «ينبغي السماح بمرور الخدمات الطبية دون عراقيل، ويجب حماية أفراد الطواقم الطبية والعاملين في المجال الإنساني واحترامهم»، منوهاً إلى مساعي اللجنة الدولية لتقييم الاحتياجات «الجديدة الناشئة والاستجابة لها جراء فرار آلاف الأشخاص من المناطق المتضررة من الأعمال العدائية».
وكانت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية حذّرت من حدوث أزمة إنسانية وشيكة في شمال شرقي سوريا، وقالت 52 منظمة مدنية وإنسانية سورية محلية تعمل في شمال وشمال شرقي سوريا في بيان نشر يوم أمس، بأنه ومنذ الساعات الأولى للقصف التركي، «دفعت المدنيين إلى النزوح واستهدفوا البنى التحتية ومصادر المياه وصوامع الحبوب، فيما يبدو أنه إقحام مبرمج للمنطقة في حرب شاملة بهدف دفع المنطقة الآمنة إلى الدمار والخراب».
ووصف البيان التوغل التركي بـ«الغزو» و«ستكون نتائجه كارثية، وستخلق أرضية لتناحر عرقي ومذهبي، وتعبد الطريق أمام عودة وإنعاش خلايا تنظيم (داعش)، وسيدفع هذا المناخ المضطرب إلى نزوح وهجرة ملايين المدنيين وتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).