التونسيون يختارون اليوم رئيسهم الجديد وسط مخاوف من عزوف الناخبين

«النهضة» تهدد باللجوء إلى القضاء بسبب سؤال المترشحين في المناظرة التلفزيونية حول «الجهاز الأمني السري»

مديرة أحد مراكز الاقتراع في تونس العاصمة تعاين صناديق الاقتراع داخل مركزها أمس (أ.ف.ب)
مديرة أحد مراكز الاقتراع في تونس العاصمة تعاين صناديق الاقتراع داخل مركزها أمس (أ.ف.ب)
TT

التونسيون يختارون اليوم رئيسهم الجديد وسط مخاوف من عزوف الناخبين

مديرة أحد مراكز الاقتراع في تونس العاصمة تعاين صناديق الاقتراع داخل مركزها أمس (أ.ف.ب)
مديرة أحد مراكز الاقتراع في تونس العاصمة تعاين صناديق الاقتراع داخل مركزها أمس (أ.ف.ب)

يتوجه اليوم أكثر من سبعة ملايين تونسي إلى مكاتب الاقتراع لاختيار رئيس جديد لتونس لمدة فترة تدوم خمس سنوات، والحسم بين قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري المرشح المستقل المدعوم من حركة النهضة، ونبيل القروي مرشح حزب «قلب تونس»، المدعوم من قبل مكونات سياسية ليبرالية ويسارية. لكن عدة أطراف سياسية واجتماعية عبرت عن مخاوفها من ضعف الإقبال على مكاتب الاقتراع، مثلما حدث في الدور الأول من السباق الرئاسي، وكذلك الانتخابات البرلمانية.
وحصل قيس سعيد على المرتبة الأولى بنسبة 18.4 في المائة من الأصوات خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، التي عرفت مشاركة 26 مرشحا. أما نبيل القروي فقد حصل خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية على نسبة لم تتجاوز 15.6 في المائة من أصوات الناخبين.
وقال مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن الاستعدادات للاقتراع الذي ينتظره التونسيون نتائجه بفارغ الصبر «تسير بشكل جيد لإنجاح آخر خطوات الاستحقاق الانتخابي لسنة 2019». فيما أكد فاروق بوعسكر، نائب رئيس الهيئة، في تصريح إعلامي، تخصيص نحو 53 ألف موظف، ضمنهم رؤساء مراكز اقتراع ومساعدون لهم، وكذلك أعضاء مكاتب الاقتراع، التي تتوزع على 27 دائرة انتخابية بهدف ضمان حسن سير العملية الانتخابية للسباق الرئاسي.
وحول الاستعدادات التي قامت بها الهيئة لضمان سير الاقتراع الرئاسي بشكل جيد، قال بوعسكر: «لقد تمت عملية نقل المعدات الانتخابية من مخازن التوزيع الخاصة بالهيئة يوم أمس؛ حيث سيتم توزيعها على مراكز الاقتراع في الجهات تحت إشراف الجيش التونسي، وسيتم ذلك باستعمال ناقلات عسكرية. علاوة على تأمين أعوان الأمن، وتأمين مرافقة من ممثلي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات».
ومن المنتظر تأمين سير الاقتراع الرئاسي من قبل نحو 100 ألف شخص، بينهم رجال أمن وعسكريون، سيعملون على ضمان أمن الناخبين وعدم حدوث فوضى أو عمليات تزوير، بداية من مراكز الاقتراع وخلال عملية التصويت حتى غلق الصناديق، ونقلها إلى مراكز التجميع.
وتوقع بوعسكر أن تتم عملية فرز أوراق التصويت بسلاسة هذه المرة، وذلك بالنظر إلى وجود مرشحين فقط، عوضا عن 26 مرشحا كما كان الأمر في الدور الأول. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في دورها الثاني يوم غد (الاثنين) على حد تعبيره.
ووفق ما عاينته «الشرق الأوسط» من جدل ونقاشات حامية الوطيس بين أنصار المرشحين قيس سعيد ونبيل القروي، فإن المناظرة التلفزيونية التي أجريت بين الطرفين ليلة الجمعة لم تحسم النقاش بشكل نهائي، ولم ترجح كفة مرشح على حساب آخر بشكل حاسم.
في هذا الشأن، يقول شفيق الماكني، وهو حرفي من العاصمة: «كنت أتمنى لو يتم احتساب الأوراق البيضاء إذا كان عددها كبيرا حتى يتم إلغاء هذه الانتخابات»، في إشارة منه عن عدم اقتناعه بالمرشحين الاثنين.
بدوره، قال محمود الميري، وهو أستاذ تعليم ثانوي: «مبدئيا اخترت ألا أصوت لفائدة الفساد»، على حد تعبيره.
وفي مقابل هذه الضبابية في اختيار أحد المرشحين، فقد أغضبت المناظرة التلفزيونية حركة النهضة (إسلامية) بسبب طرح سؤال حول الجهاز الأمني السري للحركة، وكيفية التعامل مع ملف الاغتيالات التي اتهمت فيها حركة النهضة، وقالت إنها ستطرق باب القضاء «لإدانة هذه الممارسات اللامسؤولة».
وعبرت الحركة عن اعتراضها لإقحام اسم الحركة في المناظرة بين المترشحين للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، واعتبرت أنه قد تم إقحام موضوع اسمها بشكل مجاني، والترويج لاتهامات زائفة، ما تزال محل نظر من قبل القضاء التونسي.
كما أدانت النهضة ما سمته «سلوكا متحاملا وغير بريء، عمد إليه معدو المناظرة التلفزيونية»، واعتبرت أنه يخرق مبدأ الحياد والنزاهة والموضوعية.
وكان نبيل القروي قد اقترح خلال المناظرة التلفزيونية إحداث محكمة خاصة للنظر في قضايا تهم الأمن القومي، وقال إنه يقترح أن تنظر المحكمة الخاصة في قضية ما يعرف بـ«الجهاز الأمني السري»، وقضيتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013.
وفي انتظار الحسم بين المرشحين بحصول أحدهما على أكثر من 50 في المائة من أصوات الناخبين، قال زياد كريشان، المحلل السياسي التونسي، إن الانتخابات الرئاسية «تكتسي أهمية قصوى لغلق ملف الاستحقاق الانتخابي، لكن الساحة السياسية التونسية ستبقى خلال الأسابيع المقبلة في حركية لمعرفة مدى تعاون، أو تفاعل المؤسسات الرئيسية الثلاثة للسلطة السياسية في تونس، وهي رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وما على الرئيس الجديد لتونس سوى لعب دور هام في تجميع القوى السياسية بهدف تجاوز عدد من الإشكاليات الهامة ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».