المواد النانومترية المصنّعة... منافع علمية ومخاوف بيئية

المواد النانومترية المصنّعة... منافع علمية ومخاوف بيئية
TT

المواد النانومترية المصنّعة... منافع علمية ومخاوف بيئية

المواد النانومترية المصنّعة... منافع علمية ومخاوف بيئية

حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2016 ثلاثة علماء طوّروا «آلات جزيئية» يمكن دفعها داخل جسم الإنسان لنقل عقار دوائي إلى خلايا محدّدة. وتعدّ هذه الجائزة تتويجاً لعمل استمر ثلاثة عقود، ونتج عنه ما يمكن وصفه بسيارة يبلغ طولها أربعة نانومترات ذات أربع عجلات تعمل بمحرك جزيئي، مما يعني نجاح العلماء في الربط بين الجزيئات لتصميم أي شيء وتصغيره.
هذه الآلات الجزيئية، التي يقل حجمها عن حجم الشعرة آلاف المرات، تفتح باباً واسعاً في تكنولوجيا النانو، يفضي إلى تطبيقات واعدة لتصاميم المواد الذكية الدقيقة الحجم والفائقة التأثير. وفي المقابل، تتضمن الابتكارات النانوية المتسارعة استخدام مواد ذات خواص فيزيائية وكيميائية مستحدثة يمكن لها أن تبدّل العالم على نحو غير متوقع.
تتكوّن المواد النانومترية من جزيئات فائقة الصغر، يقلّ أحد أبعادها عن 100 نانومتر (النانومتر هو جزء من مليون جزء من الميلليمتر). وهي، بصفتها هذه، ليست أمراً جديداً، كما أنها ليست مصنّعة بمجملها بل توجد في الطبيعة. الجديد هي قدرتنا المتزايدة على تصميمها هندسياً من مواد شائعة، لأغراض وظيفية دقيقة في الطب والبيئة والطاقة وغيرها.
تظهر المواد النانومترية في العالم الطبيعي عبر تشكيلات إحيائية وفيزيائية كثيرة، كهياكل العوالق البحرية والشعاب المرجانية وريش الطيور وشبكات العنكبوت، كما في نسيج الحرير والقطن والرماد البركاني وغيرها. وتعدّ المواد النانومترية الطبيعية بصفة أساسية نواتج عن عمليات كيميائية وكيميائية ضوئية وميكانيكية وحرارية وبيولوجية.
وتشير الأبحاث إلى أن بعض طرق التحضير المستخدمة في الطب التقليدي تُنتج بصورة عرضية مواد نانومترية ذات خواص فريدة. كما يعتقد الباحثون أن أساليب الطرق والسحب التي استخدمت في تصنيع السيوف الدمشقية منحتها شهرتها التاريخية بفضل الهياكل النانومترية المتشكّلة ضمن الفولاذ، مما جعلها قوية مرنة وخفيفة الوزن. وتعدّ تقنية صناعة السيف الدمشقي أحد الأسرار التي فقدت عبر الزمن، ولا تزال مثار الأبحاث العلمية حتى الآن.
تستخدم المواد النانومترية اليوم في طيف واسع من المنتجات، مثل الأجهزة الإلكترونية وفلاتر تحلية مياه البحر وإزالة التلوث والخلايا الكهروضوئية ومنتجات العناية الشخصية والملابس وغيرها. ورغم كثرة المواد النانومترية التي يجري تطويرها، فهي تنطوي على مخاطر كبيرة نتيجة عدم كفاية معرفتنا بآثار هذه المواد على صحة الإنسان والبيئة على المدى الطويل.

- عالم من التطبيقات
في قصة «أليس في بلاد العجائب»، تبتلع أليس جرعة تجعل حجمها متناهي الصغر، مما يسمح لها الولوج إلى عالم من الكائنات والشخصيات التي تختلف في تصرفاتها عن نظيراتها في العالم الأكبر حجماً. وبالمثل، تتغير الخواص والسلوكيات الفيزيائية والكيميائية والضوئية والمغناطيسية والكهربائية للمواد النانومترية بالمقارنة مع المواد ذاتها عندما تكون بأحجام كبيرة. ويحدث ذلك نتيجة الزيادة الضخمة في النسبة بين السطح والحجم وظهور الآثار الكمّية مع صغر حجم المادة.
إن إنتاج نسخة بحجم النانو من مادة ما يمكن أن ينتج قدرات في مواد تعد خاملة في غير هذا الحجم. فالذهب الخام مثلاً يستجيب للمجال المغناطيسي بشكل محدود للغاية، لكن جزيئات الذهب النانومترية تملك خواص مغناطيسية غير عادية.
وتستخدم الأشكال النانومترية من معادن مثل الفضة والتيتانيوم والزنك وأكاسيدها في معاجين الأسنان ومستحضرات التجميل والحماية من الشمس والطلاء والملابس والأطعمة. ونظراً لخصائصها المضادة للميكروبات، تُدمج الفضة النانومترية على نطاق واسع في العديد من المنتجات الاستهلاكية، مثل المنسوجات الرياضية والأحذية ومزيلات العرق ومستحضرات العناية الشخصية ومساحيق الغسيل.
وتتميز أنابيب الكربون النانومترية (الغرافين) بخصائص استثنائية، فهي أقوى من الصلب وتوصل الكهرباء أفضل من النحاس وتتمتع بتوصيل حراري أعلى من الماس. وتستخدم أنابيب الكربون النانومترية على نطاق واسع في بطاريات الليثيوم أيون وفي شفرات توربينات الرياح الخفيفة الوزن وفي صناعة هياكل القوارب وكابلات البيانات الرقمية وغيرها، وقد تخطى الإنتاج التجاري لأنابيب الكربون النانومترية آلاف الأطنان سنوياً.
ويبلغ معدل نمو سوق المواد النانومترية العالمي نحو 20 في المائة سنوياً، ومن المتوقع أن يصل حجم هذه السوق إلى 175 مليار دولار سنة 2025. ومع هذا النمو المتسارع، تسعى العديد من مراكز الأبحاث حول العالم إلى استكشاف المخاطر التي تنتج عن استخدام هذه المواد وتسرّبها إلى الأوساط الطبيعية والنظم الإيكولوجية، بما في ذلك آثارها على البيئة وصحة الإنسان.

- احذر مما تجهل
من المحتمل أن تؤدي زيادة إنتاج واستهلاك المواد النانومترية المصنّعة إلى انبعاثها غير المقصود في البيئة عند أي نقطة في دورة حياة المنتج. على سبيل المثال، تنبعث الفضة النانومترية من الملابس والأقمشة أثناء الغسيل، وتنبعث جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم النانومترية من الطلاء ومواد البناء إلى الهواء والماء نتيجة عوامل التعرية، وتصبح أنابيب الكربون النانومترية معلقة في الهواء أثناء الإنتاج أو تتحرر من مخلفات بطاريات الليثيوم أيون إلى التربة والمياه الجوفية.
هناك حالياً عدد محدود من الدراسات التي تفسّر مصير المواد النانومترية المصنّعة بمجرد انبعاثها في الغلاف الجوي والتربة والمياه والأوساط الحية، بما في ذلك سلوكها وتركيزها وانتقالها وتراكمها في سلاسل الغذاء وتفاعلاتها الكيميائية الحيوية. وفي المقابل تتوسع المعارف وتزداد البراهين على الآثار السمّية للمواد النانومترية.
في حالة الفضة النانومترية، يمكن أن يؤدي التسمم بها إلى مرض التصبّغ بالفضة، الذي يحوّل لون البشرة إلى الأزرق المعدني بصفة دائمة، كما يتسبب بالالتهابات الرئوية وتغيُّرات في وظائف الأعضاء واختلال الجهاز المناعي. ويمكن لثاني أكسيد السيليكون وثاني أكسيد التيتانيوم أن يسببا الالتهاب الرئوي.
وتظهر أنابيب الكربون النانومترية قدرتها على إلحاق الضرر بالجلد والعين والرئة وخلايا المخ، كما أنها تتراكم داخل الجسم. وهي تتشابه في بعض خصائصها مع ألياف الأسبستوس، إذ إنها ذات شكل إبري وهي ثابتة بيولوجياً ويمكنها اختراق الأنسجة والتسبب في الالتهابات.
وكانت أولى الإشارات إلى وجود مخاطر صحية للعمل في جوار الأسبستوس تعود إلى سنة 1898 إلا أن الحظر على الأسبستوس لم يطبّق حتى سنة 1999. أي بعد نحو 100 عام من تراكم الأدلة على حدوث الضرر وموت آلاف الأشخاص من الأسبستوس ذاته أو أنواع السرطان المرتبطة به.
والسؤال الذي يطرحه كثيرون: ما هي الدروس المستفادة من أبحاث قرن كامل لفهم المخاطر القاتلة التي يمثلها التعرض للأسبستوس عند إدارة المواد النانومترية وضمان سلامتها في المستقبل؟
من تجاربنا مع الأسبستوس وغيره من المواد الخطرة، نعلم أن قائمة التهديدات المحتملة طويلة، خاصة أن التعرض البيئي للمواد النانومترية المصنّعة أمر حتمي. وفي غياب الرصد الطويل الأمد والمعلومات العلمية حول سمّية المواد النانومترية، اتّسم ظهور الضوابط التشريعية واللوائح التنظيمية بالبطء، رغم المؤشرات المتراكمة حول إمكانية التعرض والمخاطر.
وكما في حالة الأسبستوس، فإن أول من يتعرض للمخاطر هم العمال، حيث مهدت الدراسات القليلة الأولى التي أجريت خلال العقدين الماضيين لتقييم التعرض المهني لأنابيب الكربون النانومترية الطريق نحو مزيد من التحقيقات في أماكن العمل. وكان من نتيجة ذلك قيام المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس بوضع أولى الأدلة التوجيهية بشأن تحديد قيم التعرض المهني للهباء الجوي (الإيروسول) النانومتري في سنة 2007.
ونظراً لاتساع تطبيقات المواد النانومترية، يقع على الجهات التنظيمية اعتماد قوانين لضبط استخدامها في المواد الكيميائية والمستحضرات الصيدلانية ومستحضرات التجميل والغذاء، والإشارة إلى وجودها على لائحة المحتويات الملصقة على المنتج، مما يساعد في تنبيه المستهلكين.
في الاتحاد الأوروبي، تُستخدم «لوائح تسجيل المواد الكيميائية وتقييمها والتصريح بها وحظرها»، وذلك لضمان سلامة صحة الإنسان والبيئة من أي مادة كيميائية تُصنّع أو تُسوّق في الاتحاد الأوروبي. وعلى المستوى العالمي، وبموجب مبادرة «النهج الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيميائية» التي يديرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تعدّ المواد النانومترية إحدى التحديات البيئية الناشئة، حيث يجري العمل مع الحكومات وأصحاب المصلحة الدوليين لتيسير تبادل المعلومات بشأن تقنيات النانو والمواد النانومترية المصممة هندسياً، ولوضع إرشادات فنية وقانونية قابلة للتطبيق دولياً.
عند العمل مع التقنيات الجديدة، يوجد مزيج من الفرص والمخاطر وعدم اليقين، والأنسب تطبيق مبدأ التحوط لضمان سلامة المنتجات وعدم تسببها بالتلوث. وأمام هذه الفرص الواعدة، لا يملك العالم رفاهية تجاهل دروس الماضي حول الأضرار الكبيرة التي قد تطال صحة الإنسان وسلامة البيئة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
TT

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة، كما يؤكد أحد الباحثين.

هذه العبارة التي استُحدثت للإشارة إلى منطقة من العالم يقال إن سكانها يعيشون لفترة أطول من غيرهم ويتمتعون بصحة أفضل من قاطني مناطق اخرى. وكانت جزيرة سردينيا الإيطالية أوّل منطقة تُصنّف «زرقاء» عام 2004.

أدت الرغبة في العيش لأطول مدة ممكنة إلى ظهور تجارة مزدهرة، مِن وجوهها نصائح غذائية، وأخرى لاتباع أسلوب حياة صحي، بالإضافة إلى كتب وأدوات تكنولوجية ومكملات غذائية يُفترض أنها تساهم في طول العمر.

لكنّ الباحث البريطاني في جامعة يونيفرسيتي كوليدج بلندن سول جاستن نيومان، يؤكد في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ البيانات المتوافرة عن الأشخاص الأكبر سنّا في العالم «زائفة لدرجة صادمة جدا».

ودقق بحثه الذي يخضع حاليا لمراجعة، في البيانات المتعلقة بفئتين من المعمّرين: أولئك الذين تتخطى أعمارهم مائة عام، ومَن يبلغون أكثر من 110 سنوات، في الولايات المتحدة وإيطاليا وإنكلترا وفرنسا واليابان.

وفي نتيجة غير متوقعة، وجد أن «المعمّرين الذين تتخطى أعمارهم 110 سنوات» هم عموما من مناطق قطاعها الصحي سيئ وتشهد مستويات مرتفعة من الفقر فضلا عن أنّ سجلاتها غير دقيقة.

يبدو أنّ السر الحقيقي وراء طول العمر هو في «الاستقرار بالأماكن التي تُعدّ شهادات الميلاد نادرة فيها، وفي تعليم الأولاد كيفية الاحتيال للحصول على راتب تقاعدي»، كما قال نيومان في سبتمبر (أيلول) عند تلقيه جائزة «آي جي نوبل»، وهي مكافأة تُمنح سنويا للعلماء عن أبحاثهم التي تُضحك «الناس ثم تجعلهم يفكرون».

كان سوجين كيتو يُعدّ أكبر معمّر في اليابان حتى اكتشاف بقاياه المحنّطة عام 2010، وتبيّن أنه توفي عام 1978. وقد أوقف أفراد من عائلته لحصولهم على راتب تقاعدي على مدى ثلاثة عقود.

وأطلقت الحكومة اليابانية دراسة بيّنت أنّ 82% من المعمّرين الذين تم إحصاؤهم في البلاد، أي 230 ألف شخص، كانوا في الواقع في عداد المفقودين أو الموتى. ويقول نيومان «إن وثائقهم قانونية، لقد ماتوا ببساطة».

فالتأكّد من عمر هؤلاء الأشخاص يتطلّب التحقق من المستندات القديمة جدا التي قد تكون صحتها قابلة للشك. وهو يرى أن هذه المشكلة هي مصدر كل الاستغلال التجاري للمناطق الزرقاء.

* سردينيا

عام 2004، كانت سردينيا أول منطقة تُصنّف «زرقاء». وفي العام التالي، صنّف الصحافي في «ناشونال جيوغرافيك» دان بوتنر جزر أوكيناوا اليابانية ومدينة لوما ليندا في كاليفورنيا ضمن «المناطق الزرقاء». لكن في أكتوبر (تشرين الأول)، أقرّ بوتنر في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه صنّف لوما ليندا «منطقة زرقاء» لأنّ رئيس تحريره طلب منه ذلك، إذ قال له عليك أن تجد منطقة زرقاء في الولايات المتحدة.

ثم تعاون الصحافي مع علماء سكان لإنشاء «بلو زونز» التي أضيفت إليها شبه جزيرة نيكويا في كوستاريكا وجزيرة إيكاريا اليونانية.

إلا أنّ سجلات رسمية لا تنطوي على موثوقية كبيرة مثل تلك الموجودة في اليابان، أثارت الشك بشأن العمر الحقيقي للمعمّرين الذين تم إحصاؤهم في هذه المناطق.

وفي كوستاريكا، أظهرت دراسة أجريت عام 2008 أن 42% من المعمرين «كذبوا بشأن أعمارهم» خلال التعداد السكاني، بحسب نيومان. وفي اليونان، تشير البيانات التي جمعها عام 2012 إلى أن 72% من المعمرين ماتوا. ويقول بنبرة مازحة «بقوا أحياء حتى اليوم الذي يصبحون اعتبارا منه قادرين على الاستفادة من راتب تقاعدي».

ورفض باحثون مدافعون عن «المناطق الزرقاء» أبحاث نيومان ووصفوها بأنها «غير مسؤولة على المستويين الاخلاقي والأكاديمي». وأكد علماء ديموغرافيا أنهم «تحققوا بدقة» من أعمار «المعمرين الذين تتخطى اعمارهم 110 سنوات» بالاستناد إلى وثائق تاريخية وسجلات يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

لكنّ نيومان يرى أنّ هذه الحجة تعزز وجهة نظره، ويقول «إذا انطلقنا من شهادة ميلاد خاطئة منسوخة من شهادات أخرى، فسنحصل على ملفات مترابطة جيدا... وخاطئة بشكل تام».

ويختم حديثه بالقول «كي تعيش حياة طويلة، ما عليك أن تشتري شيئا. استمع إلى نصائح طبيبك ومارس الرياضة ولا تشرب الكحول ولا تدخن... هذا كل شيء».