ملك المغرب يدعو إلى «تنافس إيجابي» بين البرلمانيين خدمة للوطن

الملك محمد السادس رفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد يحيي الجماهير قبيل إلقائه خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة (ماب)
الملك محمد السادس رفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد يحيي الجماهير قبيل إلقائه خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة (ماب)
TT

ملك المغرب يدعو إلى «تنافس إيجابي» بين البرلمانيين خدمة للوطن

الملك محمد السادس رفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد يحيي الجماهير قبيل إلقائه خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة (ماب)
الملك محمد السادس رفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد يحيي الجماهير قبيل إلقائه خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة (ماب)

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس أعضاء البرلمان إلى «التنافس الإيجابي» على خدمة مصالح المواطنين، والدفاع عن قضايا الوطن. وشدد في خطاب ألقاه أمس أمام أعضاء غرفتي البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، على ضرورة أن تتميز هذه السنة التشريعية بروح المسؤولية، والعمل على إدراجها في إطار المرحلة الجديدة، «التي حددنا مقوماتها في خطاب العرش (عيد الجلوس) الأخير»، مؤكدا أن الطبقة السياسية، حكومة وبرلمانا وأحزابا سياسية، بصفة خاصة، مسؤولون، عن توفير شروط النجاح لها.
وأوضح العاهل المغربي أن المرحلة الجديدة «تبدأ من الآن، وتتطلب انخراط الجميع، بالمزيد من الثقة والتعاون، والوحدة والتعبئة واليقظة، بعيدا عن الصراعات الفارغة، وتضييع الوقت والطاقات». مشددا في هذا الإطار على أنه «لا مجال هنا للتهرب من المسؤولية، في ظل التطبيق الصارم لربط المسؤولية بالمحاسبة».
وذكر العاهل المغربي أنه يأتي في صدارة أولويات هذه المرحلة تنزيل الإصلاحات ومتابعة القرارات، وتنفيذ المشاريع، وهي من «اختصاص الجهازين التنفيذي والتشريعي، بالدرجة الأولى». ولكنها «أيضا مسؤولية القطاع الخاص، لا سيما فيما يتعلق بالتمويل، فضلا عن الدور المهم لهيئات المجتمع المدني الجادة».
في سياق ذلك، أشار الملك محمد السادس إلى أن الحكومة مطالبة بوضع مخططات مضبوطة، تضمن التحضير الجيد، والتنفيذ الدقيق، والتتبع المستمر لمختلف القرارات والمشاريع، سواء على المستوى الوطني، أو الجهوي أو المحلي. وقال: «يتعين على الحكومة أن توظف كل الوسائل، لا سيما المعطيات الإحصائية، والآليات المتعلقة بالتفتيش والمراقبة، بما يضمن النجاعة في تنفيذ القرارات، في إطار الشفافية والتعاون والانسجام بين مختلف المتدخلين». مؤكدا أن هذه السنة التشريعية «يجب أن تتميز بروح المسؤولية والعمل الجاد، لأنها تأتي في منتصف الولاية الحالية. وبذلك فهي بعيدة عن فترة الخلافات، التي تطبع عادة الانتخابات».
وأشار ملك المغرب إلى أن الدستور منح البرلمان «صلاحيات واسعة في مجال التشريع، ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات العمومية»، مؤكدا أن البرلمانيين «مسؤولون عن جودة القوانين، التي تؤطر تنفيذ المشاريع والقرارات على أرض الواقع، وجعلها تعكس نبض المجتمع، وتلبي تطلعات وانشغالات المواطنين»، ودعا أعضاء البرلمان إلى «متابعة ما تقوم به الحكومة في كل ما يخص تدبير الشأن العام في مختلف المجالات، ومراعاة مدى استجابته للانشغالات الحقيقية للمواطنين».
في سياق ذلك، أبرز العاهل المغربي أن «جهود الدولة وحدها لا تكفي... وهو ما يقتضي انخراط القطاع الخاص في عملية التنمية»، خاصا بالذكر القطاع المصرفي والمالي، الذي قال إنه يعتبره «حجر الزاوية في كل عمل تنموي». كما حث الملك محمد السادس القطاع المصرفي المغربي على المزيد من الالتزام، والانخراط الإيجابي في دينامية التنمية، التي تعيشها البلاد، لا سيما تمويل الاستثمار، ودعم الأنشطة المنتجة والمدرة للشغل والدخل. وفي هذا الإطار قال العاهل المغربي: «ندعو البنوك، إضافة إلى الدعم والتمويل الذي توفره للمقاولات الكبرى، إلى تعزيز دورها التنموي»، مذكرا بأن الرواج الاقتصادي يمر بالخصوص عبر تطوير العمليات المصرفية.
ودعا المؤسسة التشريعية والجهاز التنفيذي، وكذا القطاع الخاص، ولا سيما القطاع المصرفي، إلى «الانخراط في هذا المجهود الوطني التنموي، والمساهمة في إنجاح المرحلة الجديدة التي ندخلها».
كما دعا العاهل المغربي الحكومة وبنك المغرب (المصرف المركزي) إلى التنسيق مع المجموعة المهنية لمصارف المغرب، قصد العمل على وضع برنامج خاص بدعم الخريجين الشباب، وتمويل المشاريع الصغرى للتشغيل الذاتي، مبرزا أن القطاع البنكي «لا يزال يعطي أحيانا انطباعا سلبيا لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون. ويتجلى هذا المعطى في صعوبة ولوج المقاولين الشباب للقروض، وضعف مواكبة الخريجين، وإنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة».
وأوضح العاهل المغربي أن البنوك مدعوة إلى تبسيط وتسهيل عملية الولوج للقروض، والانفتاح أكثر على أصحاب المقاولات الذاتية، وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة، مؤكدا الاستلهام من التجارب الناجحة، التي قامت بها عدة مؤسسات في مجال تمويل المشاريع التي يحملها الشباب، وتسهيل إدماجهم المهني والاجتماعي، اعتبارا لنتائجها الإيجابية عليهم وعلى أسرهم، وعلى المجتمع.
وأعرب الملك محمد السادس عن تطلعه إلى أن يقوم هذا المخطط على المحاور التالية: أولها تمكين أكبر عدد من الشباب المؤهل، الحامل للمشاريع، من الحصول على قروض بنكية لإطلاق مشاريعهم، وتقديم الدعم لهم لضمان أكبر نسبة من النجاح. أما المحور الثاني فيروم دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، العاملة في مجال التصدير، وخاصة نحو أفريقيا، والاستفادة من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، فيما يتوخى المحور الثالث تسهيل ولوج عموم المواطنين للخدمات البنكية، والاستفادة من فرص الاندماج المهني والاقتصادي، لا سيما بالنسبة للعاملين في القطاع غير المنظم. وحرص الملك محمد السادس على الإشادة بالنتائج التي تحققت في هذا المجال خلال العقدين الأخيرين، حيث ارتفع عدد المواطنين الذين فتحوا حسابا مصرفيا ثلاث مرات، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز يتطلب من البنوك مواصلة الجهود، عبر استثمار التكنولوجيات الحديثة والابتكارات المالية، من أجل توسيع قاعدة المغاربة، الذين يلجون للخدمات المصرفية والتمويلية، وهو ما من شأنه، كما يقول العاهل المغربي، خدمة مصالح الطرفين، بشكل متوازن ومنصف، ويساهم في عملية التنمية، موضحا أن هذا المخطط لن يحقق أهدافه «إلا بالانخراط الإيجابي للمواطنين، وتحمل مسؤولياتهم، والوفاء بالتزاماتهم بخصوص القروض التي استفادوا منها».
في غضون ذلك، أشار الملك محمد السادس إلى أن القطاع البنكي والمالي يعتبر حجر الزاوية في كل عمل تنموي، مسجلا أن تنزيل ومواكبة المشاريع والقرارات لا يقتصران فقط على توقيع العقود والاتفاقيات على الأوراق، وعد ذلك عقدا أخلاقيا قبل كل شيء، مصدره العقل والضمير، مؤكدا أن المسؤولية «مشتركة بين جميع الفاعلين المعنيين، وعلى كل طرف الوفاء بالتزاماته، والقيام بواجباته... والمغرب يتوفر على قطاع بنكي، يتميز بالقوة والدينامية والمهنية، ويساهم في دعم صمود وتطور الاقتصاد الوطني».
كما أبرز الملك محمد السادس أن النظام المالي المغربي يخضع لمراقبة مضبوطة، تختص بها هيئات وطنية مستقلة ذات كفاءة عالية، مضيفا أن هذا الأمر يعزز الثقة والمصداقية، التي يحظى بها القطاع المصرفي، وطنيا وخارجيا.
من جهة أخرى، أكد الملك محمد السادس أن مؤسسات وآليات الضبط والمراقبة المالية، مطالبة بتتبع مختلف العمليات، والسهر على إقامة علاقة متوازنة تطبعها الثقة، بين هيئات التمويل، وأصحاب القروض، مذكرا بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولة المالية، وبضرورة مساهمتها في المبادرات الإيجابية، سواء على الصعيد الاجتماعي والإنساني، أو في مجال الحفاظ على البيئة، والنهوض بالتنمية المستدامة.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».