المناطق الحرة نموذج أساسي في تطوير المنظومة الاقتصادية الخليجية

مدير هيئتي المناطق الحرة بمطار الشارقة ومنطقة الحمرية لـ«الشرق الأوسط»:

سعود المزروعي  -  المنطقة الحرة في حمرية الشارقة (الشرق الأوسط)
سعود المزروعي - المنطقة الحرة في حمرية الشارقة (الشرق الأوسط)
TT

المناطق الحرة نموذج أساسي في تطوير المنظومة الاقتصادية الخليجية

سعود المزروعي  -  المنطقة الحرة في حمرية الشارقة (الشرق الأوسط)
سعود المزروعي - المنطقة الحرة في حمرية الشارقة (الشرق الأوسط)

قال سعود المزروعي، مدير هيئة المنطقة الحرة لمطار الشارقة الدولي مدير المنطقة الحرة بالحمرية، إن المناطق الحرة في دول مجلس التعاون الخليجي باتت تشكل عنصراً أساسياً في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي الخليجي، مشيراً إلى أنها أحد الحلول المبتكرة التي لجأت إليها دول الخليج للاستثمار في صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
وبيّن المزروعي أن الشارقة سعت للاستفادة من اقتصاد المناطق الحرة، حيث حرصت هيئة المنطقة الحرة لمطار الشارقة الدولي والمنطقة الحرة بالحمرية على إنشاء مناطق حرة تسخر لخدمة المنطقة الخليجية واقتصادها المتنوع، بهدف جذب المستثمرين الخليجيين عبر توفير مزايا تنافسية وخدمات عالمية، إذ تضم المنطقة الحرة لمطار الشارقة الدولي والمنطقة الحرة بالحمرية 13 ألف شركة من 165 دولة حول العالم، في حين تشكل نسبة الشركات الخليجية منها 12.8 في المائة.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه بالنظر على مستوى العالم، فإن المناطق الحرة تساهم بدور رئيسي في تطوير وتنمية الاقتصاد العالمي، وتلعب دوراً مهماً في استقطاب الاستثمارات في مجالات صناعية وتجارية وخدمية متنوعة رئيسية، وتساهم في تسهيل تدفق رؤوس الأموال، وتنشيط الاقتصاد وقطاعاته، وتطوير القدرات البشرية، وخلق الوظائف، بالإضافة إلى مواكبة أحدث التوجهات الاقتصادية.
وقال: «تعد كذلك جزءاً مهماً من جهود استشراف المستقبل، والاستفادة من المتغيرات العالمية في تأسيس بنية اقتصادية تحتية مبتكرة. ووفقاً لتقديرات (الأونكتاد)، هناك الآن أكثر من 4800 منطقة اقتصادية خاصة في جميع أنحاء العالم. وتعد المناطق الحرة في دول مجلس التعاون الخليجي عنصراً أساسياً في المنظومة الاقتصادية الشاملة التي تساهم في نمو الناتج الإجمالي الخليجي».
وزاد: «هي أحد الحلول المبتكرة التي لجأت إليها دولنا الخليجية للاستثمار في صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي. واليوم، نحن نرى ثمرة هذه الرؤية الحكيمة للقيادة الخليجية التي أصبحت مناطقها الحرة مناطق مؤثرة عالمياً في تعزيز الإنتاجية الاقتصادية، ودعم التوظيف والموارد البشرية، وتنامي الخبرات».
وأكد أن المناطق الحرة في دول مجلس التعاون الخليجي أصحبت نموذجاً اقتصادياً لجميع دول العالم، وذلك في الكيفية المبتكرة في إدارتها، وتنظيمها لهذه المناطق الحرة، وتحويلها إلى مناطق تخدم الأهداف الاستراتيجية التنموية، وتحقق قيمة مضافة تنافسية للاقتصادات الخليجية، موضحاً أنه بالفعل أصبحت المناطق الحرة في دول الخليج علامة فارقة ونموذجاً متميزاً للتطوير الاقتصادي.
وعن إمكانية استقطاب الاستثمارات الأجنبية للمناطق الحرة، أكد المزروعي أن هناك عدداً من العوامل الجوهرية التي تلعب دوراً رئيسياً في الارتقاء بمكانة المناطق الحرة وتنافسيتها، حيث يولي المستثمرون اهتماماً بالغاً بالبيئة المثالية الملائمة لدعم نشاطات الشركات التي تختار منطقة حرة دون غيرها، وقال: «ولكن يمكنني أن أعد أن بعضاً من هذه العوامل يكمن في الموقع الاستراتيجي والجغرافي للمنطقة الحرة، وقربها من خطوط النقل الجوي والبحري العالمية، والطرق التجارية التقليدية والمبتكرة، والبنية التحتية، وتوفير الخدمات، ومرونة القوانين والأنظمة الحكومية، بالإضافة إلى الحجم الإجمالي للمنطقة الحرة، وتوفر الأراضي التي يمكن الاستثمار فيها عبر تطويرها وتوسيعها لتتلاءم مع المتطلبات المتغيرة للشركات».
وبيّن أن المنطقة الحرة بالحمرية في مدينة الشارقة تعد حالياً ثاني أكبر منطقة حرة في دولة الإمارات، تمتد على مساحة تتخطى 26.7 مليون متر مربع من المساحات التجارية والصناعية. وعن الاستثمارات في تطوير البنية التحتية للمناطق الحرة بالشارقة، أكد أن الجهود مركزة مؤخراً على إبراز القيمة التي يمكن للشركات الاستفادة منها، سواء في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أو في الأسواق العالمية.
وقال: «أصبحت مناطقنا الحرة مدناً متكاملة من الخدمات والتسهيلات التي توفر البيئة الحاضنة للشركات. وللتركيز على تطوير نشاطاتهم وعملياتهم خارج الحدود، وإلى أسواق جديدة، قمنا بزيادة المساحات التأجيرية، ووفرنا خدمات إضافية لم يصبح بعدها المستثمر بحاجة لمغادرة المنطقة الحرة بتاتاً، فكل ما يحتاج إليه بات متوفراً، من خدمات حكومية ومصرفية ومطاعم ومساكن، وغيرها من الخدمات اليومية الضرورية».
وزاد: «بلغت قيمة استثماراتنا في تطوير البنية التحتية في كل من المنطقة الحرة لمطار الشارقة الدولي والمنطقة الحرة للحمرية 4.2 مليار درهم (1.1 مليار دولار)، وذلك بخلاف استثمارات شركات القطاع الخاص الـ13 ألفاً التي تعمل هناك. ولعل أهم استثماراتنا حالياً للمستقبل هو وضع اللمسات الأخيرة على خطط تطوير منطقة المستودعات، والمخازن الجديدة في المنطقة الحرة لمطار الشارقة الدولي، التي ستصبح جاهزة للتأجير والاستثمار بداية العقد المقبل في 2020، حيث ستزيد من القدرة الاستيعابية لمخازن المنطقة بواقع 268 مخزناً، مساحة كل واحد منها نحو 600 متر مربع».
وأكد العمل في المنطقة الحرة بالحمرية على تطوير وتوسيع مـجـمـع الـشـارقـة لـلأغـذيـة (فود بارك) الذي يعد نقلة نوعية للمنطقة الخليجية، حيث جاء المشروع ليلبي حاجة ملحة في دول الخليج، وهي مسألة الأمن الغذائي، وقال: «يعد هذا المشروع اليوم أكبر مدينة متكاملة للصناعات الغذائية في المنطقة، بمساحة تبلغ 11 مليون قدم مربع، وتضم 136 مخزناً مخصصاً للتبريد والتخزين والتغليف، مما سيجعل من المشروع مدينة المستقبل لتلبية المتطلبات الغذائية للدولة وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي».



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».