أنقرة تعلن توغل قواتها وفصائل سورية موالية في شرق الفرات

«المرصد» يتحدث عن قتلى مدنيين بقصف تركي... وإردوغان يهدد أوروبا مجدداً باللاجئين

دخان يتصاعد من مدينة رأس العين بعد قصف تركي أمس (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد من مدينة رأس العين بعد قصف تركي أمس (إ.ب.أ)
TT

أنقرة تعلن توغل قواتها وفصائل سورية موالية في شرق الفرات

دخان يتصاعد من مدينة رأس العين بعد قصف تركي أمس (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد من مدينة رأس العين بعد قصف تركي أمس (إ.ب.أ)

نفذت القوات التركية والجيش الوطني السوري الموالي لها، توغلاً برياً في عمق شرق نهر الفرات أمس (الخميس) في اليوم الثاني للعملية العسكرية التركية المسماة «نبع السلام» التي أعلنت الدول العربية والغربية رفضها لها مطالبة تركيا بالانسحاب. وفي الوقت ذاته، هدد الرئيس رجب طيب إردوغان الدول الأوروبية بـ«فتح أبواب تركيا أمام اللاجئين السوريين للتدفق عليها إذا لم تتوقف عن وصف العملية التركية في شرق الفرات بالغزو والاحتلال».
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن عملية «نبع السلام» استمرت بنجاح براً وجواً وأنها أسفرت عن السيطرة على الأهداف المحددة. وقالت في تغريدة على «تويتر» إن العملية مستمرة بنجاح كما هو مخطط لها. وأضافت: «عملية (نبع السلام) استمرت بنجاح طيلة الليلة (قبل) الماضية براً وجواً، وتمت السيطرة على الأهداف المحددة... أبطالنا من القوات الخاصة الذين يشاركون في عملية (نبع السلام) يواصلون التقدم شرق الفرات».
وكانت الوزارة أعلنت عن أن القوات التركية والجيش الوطني السوري بدآ عملية برية شرق الفرات في إطار عملية «نبع السلام» مساء أول من أمس. وذكرت تقارير إعلامية تركية أن القوات دخلت سوريا من 4 نقاط؛ اثنتان منها قريبتان من تل أبيض، والأخريان قرب رأس العين التي تقع أبعد نحو الشرق. وقالت الوزارة إن الجيش التركي أصاب 181 هدفاً للمقاتلين الأكراد في ضربات جوية وبنيران المدفعية منذ بداية العملية في شمال شرقي سوريا.
ونفذ الجيش التركي قصفاً مدفعيّاً عنيفاً، أمس، ضد مواقع تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكوناتها، في مدينة تل أبيض قبالة بلدة أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا الحدودية جنوب تركيا. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة المستهدفة بالقصف الذي يتواصل على فترات متقطعة. وتصاعدت أعمدة الدخان من مدينة رأس العين عقب قصف المدفعية التركية أهدافاً فيها في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، وفجر أمس.
وأعلن الجيش الوطني الموالي لتركيا السيطرة على قريتين في محيط مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي. وذكر، في بيان، أن مقاتليه سيطروا على مزارع قرية اليابسة وقرية تل فندر غرب مدينة تل أبيض، بعد اشتباكات مع «الوحدات» الكردية. ولم تعلق «قسد» على إعلان الفصائل الموالية لأنقرة.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات خاصة تركية دخلت قرية بئر عاشق الواقعة شرق مدينة تل أبيض عند الشريط الحدودي مع تركيا، بمساعدة خلايا نائمة في القرية، وأن هناك اشتباكات تدور حالياً بين «قسد» والقوات التركية والفصائل الموالية لها على محور قرية اليابسة غرب تل أبيض، في محاولة من الأخيرة لاحتلال هذه القرية أيضاً. وتترافق هذه الاشتباكات مع ضربات جوية من قبل الطيران التركي، بالإضافة لقصف صاروخي مكثف.
ورصد «المرصد» تنفيذ طائرات حربية تركية غارتين اثنتين على «اللواء 93» في منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، دون معلومات عن خسائر بشرية. كما وردت معلومات عن مقتل 9 عناصر من الفصائل السورية الموالية لأنقرة خلال قصف واشتباكات مع «قسد».
وردت «قسد» على القصف التركي بإطلاق قذائف «هاون» أسفرت عن إصابة 17 شخصاً في بلدة أكتشا قلعة التركية المقابلة لبلدة تل أبيض. وأصيب 9 مدنيين بجروح في مناطق تركية مختلفة بمحاذاة الحدود السورية، إثر إطلاق «قسد» قذائف على الجانب الآخر من الحدود.
وأدى القصف إلى إصابة 5 أشخاص في قضاء نصيبين بولاية ماردين، واثنين بقضاء جيلان بينار، وآخرين في بيرجيك بولاية شانلي أورفا.
كما وقعت أضرار مادية في عدد من المنازل، فيما سقط كثير من هذه القذائف في حقول زراعية. وقررت السلطات التركية تعطيل المدارس ليومين في المناطق القريبة من الحدود السورية المتاخمة لمنطقة عمليات «نبع السلام»، لدواع أمنية ولتجنيب الطلاب الأذى.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن «الجيش يؤدي مهامه بكل بسالة، ومعنويات عالية جداً، أثناء تنفيذ عملية (نبع السلام)» شمال شرقي سوريا. وأشار في تصريحات للصحافيين في أنقرة، أمس، إلى أن وزارة الدفاع تنشر المعلومات حول عملية «نبع السلام» على موقعها الرسمي.
وزود أكار نظيرَه القطري خالد بن محمد العطية، بمعلومات عن العملية العسكرية، في اتصال هاتفي بينهما أمس، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية، وأعلن الوزير القطري عن دعم بلاده العملية العسكرية.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أجرى اتصالاً هاتفياً بإردوغان الليلة قبل الماضية، استعرضا خلاله العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية، لا سيما مستجدات الأحداث في سوريا. ووصف تميم خلال اتصاله الهاتفي إردوغان بأنه الصديق المقرب، وقال إن تركيا الدولة الشقيقة ومرحب بها.
وهدد إردوغان، في كلمة أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم، في أنقرة أمس، الاتحاد الأوروبي بإرسال ملايين اللاجئين السوريين إلى أوروبا في حال استمر الاتحاد في وصف عمليات تركيا العسكرية بـ«الغزو والاحتلال».
وأشار إردوغان إلى أن قوات الجيش التركي دمرت عدداً من المواقع العسكرية التابعة لـ«الوحدات» الكردية، وقتلت 190 منهم، فضلاً عن وقوع إصابات في صفوفهم، قائلاً: «الجيش التركي سيقضي على كل (الإرهابيين) من خلال عملية (نبع السلام) في شمال سوريا... لا نريد لـ(داعش) أن يكون قوياً مرة أخرى في سوريا؛ بل نريد من أوروبا دعماً قوياً لإلحاق الهزيمة به».
من جانبه، جدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من نظرائه منهم وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وألمانيا، التأكيد على أن الهدف من عملية «نبع السلام»، هو القضاء على الإرهاب، وليس أكثر من ذلك.
وأعرب عن استنكاره الشديد الانتقادات الموجهة لهذه العملية بدعوى أنها ستعرقل عملية مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، وأنها ستؤدي إلى حدوث أزمات إنسانية، مضيفاً: «لقد تعبنا من ضرب المنافقين في وجوههم، فهؤلاء لم يتعبوا أو يملوا من النفاق مع الأسف، لكننا سنواصل ضربهم في وجوههم». وعبّر عن رفضه التصريحات التي أدلت بها فرنسا، وبعض الدول الأخرى، بخصوص عدم تقديمهم أي دعم مادي لإنشاء المنطقة الآمنة المخطط لها في الشمال السوري، مضيفاً: «سنعتمد على أنفسنا في هذا الأمر، وبنجاح كبير سننهي هذه العملية الحيوية بالنسبة لنا».
في السياق ذاته، تتعقب أجهزة الأمن التركية محتوى وسائل التواصل الاجتماعي الذي تعدّه مناهضاً للعملية العسكرية، واتخذت إجراءات قانونية ضد نحو 100 شخص واعتقلت صحافياً بسبب معارضتهم لها.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.