موسكو تعمل على دفع حوار «ضروري للجانبين» بين أنقرة ودمشق

TT

موسكو تعمل على دفع حوار «ضروري للجانبين» بين أنقرة ودمشق

توالت المواقف الروسية أمس، تجاه العملية العسكرية التركية في الشمال السوري. بعد تريث رسمي استمر نحو يوم كامل. وتجنب الكرملين انتقاد تحرك أنقرة، لكنه دعا «الأطراف» إلى «ضبط النفس وتقييم الخطوات بعناية، فيما رأى وزير الخارجية سيرغي لافروف أن المخرج من الوضع الراهن يكمن في العودة إلى اتفاق أضنة»، وقال إن بلاده «تعمل على دفع حوار بين دمشق وأنقرة ولديها سبب للاعتقاد بأن الجانبين بحاجة إلى هذا الحوار».
وأكد مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف على أنه «من المهم ألا تؤثر العمليات العسكرية على المسار السياسي وعمل اللجنة الدستورية»، لافتاً إلى أن الجلسة الأولى للجنة الدستورية السورية سوف تنعقد في الموعد الذي تم تحديده في 29 أكتوبر (تشرين الأول) في جنيف. وزاد أن روسيا «تدعو كل الأطراف إلى تقييم الخطوات بعناية في سوريا وممارسة ضبط النفس».
في غضون ذلك، وضع لافروف تصوراته للمخرج من الوضع الراهن، مشيراً إلى ضرورة فتح قنوات الحوار بين دمشق وأنقرة. وزاد أن موسكو «تسعى لإقامة هذا الحوار ولديها أسباب للاعتقاد بأن هذا المسار ضروري للجانبين».
وأكد لافروف أن موسكو «تتفهم المخاوف الأمنية لأنقرة، وترى في الوقت ذاته ضرورة تسوية الوضع، مع مراعاة مصالح دمشق». موضحاً أنه «منذ بداية الأزمة في الجمهورية العربية السورية، لفتنا الانتباه دائماً إلى أننا نتفهم القلق الشرعي للجمهورية التركية حيال أمن حدودها. في الوقت نفسه، أكدنا بشدة على الحاجة إلى حل هذه المخاوف في إطار الاتفاق القائم بين دمشق وأنقرة، المعروف باسم اتفاق أضنة للعام 1998».
وأضاف الوزير الروسي أنه «لسوء الحظ، فإن التنفيذ الفعال لهذا الاتفاق، الذي يتوخى بذل جهود مشتركة لقمع الأعمال الإرهابية على الحدود بين تركيا وسوريا، قد عُقد بسبب تصرفات الأميركيين على الضفة الشرقية من الفرات». وأوضح: «لقد ظللنا نحذر منذ سنوات من الخطر الشديد للتجربة التي أنشأها الأميركيون هناك، ومحاولات وضع الأكراد في مواجهة مع القبائل العربية، لقد حذرنا من اللعب بالورقة الكردية، لأن هذا قد ينتهي بشكل سيئ للغاية، وهو أمر تحدثنا حوله مع زملائنا في بلدان أخرى في المنطقة؛ حيث توجد نسبة سكانية كردية كبيرة».
كما أشار وزير الخارجية الروسي، إلى أنه بالتوازي مع سعيها لإطلاق الحوار بين دمشق وأنقرة، تعمل لتعزيز الاتصالات بين السلطات السورية والمنظمات الكردية، «التي ترفض التطرف وأساليب النشاط الإرهابي».
وأوضح أن موسكو ترى «اهتمام كل من الممثلين الرسميين لسوريا وممثلي المنظمات الكردية بأن تستخدم روسيا علاقاتها الجيدة مع جميع الأطراف في هذه العملية، للمساعدة في إقامة مثل هذا الحوار. لنرى ما يمكننا القيام به».
وأضاف الوزير أن موسكو وأنقرة «على اتصال دائم، بما في ذلك على المستوى العسكري، بشأن العملية التركية في سوريا».
وأشار وزير الخارجية إلى أن قناة الاتصال العسكري بين روسيا وتركيا تعمل بشكل متواصل، بالإضافة إلى القنوات الأخرى على كل المستويات. مذكراً بأن «الرئيس رجب طيب إردوغان اتصل بالرئيس فلاديمير بوتين، وقبل ذلك اتصل بي وزير الخارجية التركي. ولدينا قنوات الاتصال المنتظم». مضيفاً أن موسكو «مهتمة بتهدئة الوضع في المقام الأول، على أساس مبدأ الاحترام والسيادة وسلامة الأراضي السورية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.