يجد الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه تحت وابل من الانتقادات من مقاتلين قدامى في الجيش الأميركي لـ«تخليه» عن الأكراد، حلفاء أميركا، حسب قولهم، وذلك بعد سحب قواته من شمال سوريا، ما أفسح المجال لأنقرة لشن هجوم عليهم.
وأطلقت تركيا أمس (الأربعاء) هجوما بعد ساعات على إعلان ترمب أن «خمسين جنديا أميركيا غادروا» المنطقة السورية الحدودية مع تركيا، ما ظهر بمثابة تراجع عن دعم الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة تهديدا لها.
واتهم القائد السابق للقوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل الرئيس الأميركي بالتخلي عن حلفاء يشكلون القسم الأكبر من قوات سوريا الديمقراطية، التي كان لها دور حاسم في محاربة «تنظيم داعش».
وكتب الجنرال الذي تقاعد هذا العام أن «سياسة التخلي هذه قد تقضي على معركة استمرت خمس سنوات ضد (تنظيم داعش) وستضر فعليا بمصداقية الأميركيين في كل المعارك المقبلة التي سنحتاج فيها إلى حلفاء أقوياء».
وذكر في مجلة «ذي أتلانتيك» أن «قوات سوريا الديمقراطية حررت عشرات آلاف الكيلومترات المربعة وملايين الأشخاص من قبضة (تنظيم داعش) وخلال هذه المعارك خسرت 11 ألفا من مقاتليها». وأشار إلى مقتل ستة جنود وموظفين مدنيين أميركيين اثنين في هذه المعركة.
بالإضافة إلى ذلك، حذر فوتيل من أن عشرات الآلاف من سجناء «داعش» قد يخرجون من السجون ومرافق الاعتقال السورية بعد الانسحاب الأميركي. وأوضح قائلا: «ما يقرب من 2000 مقاتل أجنبي، ونحو 9000 مقاتل عراقي وسوري، وعشرات الآلاف من أفراد عائلة (داعش) محتجزون في مخيمات ومرافق الاعتقال في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. فماذا سيحدث مع هؤلاء المقاتلين بعد مغادرتنا؟». وتابع: «لقد ذكرت قوات سوريا الديمقراطية أنها بعد الانسحاب الأميركي ستضطر إلى تعزيز آليات الدفاع على طول الحدود السورية التركية، تاركة مرافق اعتقال مقاتلي (داعش) دون حماية، الأمر الذي ينذر بإمكان هروبهم من هذه المرافق بسهولة».
ولمّح ترمب أمس إلى أنه ساعد الأكراد بما يكفي بإنفاق «مبالغ كبيرة» لتزويدهم بالسلاح. وأضاف: «نحن نحب الأكراد».
ورغم حجج الرئيس، اعتبر القائد السابق للقوات البرية الأميركية في أوروبا مارك هرتلينغ أن قرار ترمب «ينذر بكارثة مقبلة على الولايات المتحدة». وكتب على «تويتر»: «الأكراد ضمن قوات سوريا الديمقراطية - حلفاؤنا السابقون الموثوقون في محاربة (تنظيم داعش) - يتعرضون لهجوم من تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي». وأضاف أن «العواقب على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ستدوم طويلا وستكون على حساب أمان أوروبا والعالم».
وقال مسؤولون في البنتاغون إن الأكراد كانوا مدربين بشكل أفضل من الجنود الأتراك أو العراقيين مثلا لشن حملات لاستعادة مدن مهمة كانت بأيدي «تنظيم داعش».
وقال النائب الديمقراطي روبن غاليدو المحارب السابق في العراق: «عندما انهار الجيش العراقي، كان الأكراد من وقفوا في وجه هجوم (تنظيم داعش). لم نواجههم نحن ولا الأتراك». وتابع في تغريدة على «تويتر»: «التخلي عن الأكراد تذكير آخر بأن (أميركا أولا) تعني (أميركا وحدها)».
وأقام البعض مقارنة مع الحروب السابقة التي تخلى فيها الأميركيون عن حليف ليجد نفسه منفردا في مواجهة تحديات، منها حكومتا لاوس وجنوب فيتنام في السبعينات.
ورأت السيناتور الجمهورية مارثا ماكسالي الطيارة السابقة في سلاح الجو الأميركي التي خدمت في الشرق الأوسط في ست مهام، أن القرار بإفساح المجال لتركيا لشن هجوم «سيئ جدا».
وعلى الجانب الآخر، يدعم البعض في المؤسسة العسكرية الرئيس في رغبته سحب القوات الأميركية من نزاعات لا تنتهي.
وقال دان كالدويل، المدير التنفيذي لمنظمة «قدامى المحاربين الأميركيين المهتمين concerned veterans for America» «إن ترمب يرغب فقط في وضع مصالح بلاده أولا».
وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية: «ليس من مصلحتنا أن نجد أنفسنا وسط نزاع قديم بين تركيا وأكراد سوريا كان موجوداً قبل (تنظيم داعش) والحرب الأهلية في سوريا».
عسكريون أميركيون متقاعدون يتهمون ترمب بـ«التخلي» عن الأكراد
عسكريون أميركيون متقاعدون يتهمون ترمب بـ«التخلي» عن الأكراد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة