اقتراح بري لتعديل قانون الانتخاب على نار حامية في مجلس النواب

TT

اقتراح بري لتعديل قانون الانتخاب على نار حامية في مجلس النواب

عقدت اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني، أمس (الأربعاء)، جلستها الثانية لمناقشة اقتراح قانون الانتخاب المقدّم من كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وينصّ اقتراح القانون على اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبيّة.
وأوضحت الكتلة في جولاتها على الكتل النيابية الأخرى قبل أشهر لشرح اقتراح القانون، أن «نتائج الانتخابات النيابية بموجب القانون النافذ، أظهرت تراجع الروابط الوطنية، وتنامي العصبيات المذهبية والطائفية، وأثّرت كثيراً على الحياة السياسية اللبنانية».
في المقابل، رأى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أنه «لا يفهم أسباب طرح قانون جديد وإلغاء القانون الحالي الذي أتى بعد مخاض استمر عشر سنوات في وضع حرج، ما يزيد من حراجته»، مشدداً على أن «البلد لا يمكن أن تتحرك فيه إلا التكتلات الكبيرة».
ويرفض النائب في كتلة «التنمية والتحرير» أيوب حميد، أي قراءات مبنية على المبالغات. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتراح الكتلة يستبق الموعد النهائي لولاية المجلس، وطرحه جاء نتيجة الشوائب التي ظهرت في القانون الذي أُجريت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة (2018)، والتي تحتاج إلى تصويب، وتم إقراره في اللحظات الأخيرة، وإلا كنا أمام خيارين، إما العودة إلى قانون الستين وإما تأجيل إجراء الانتخابات. وبحث قانون جديد قبل أن يداهمنا الاستحقاق المقبل للانتخابات، يعطي فرصة للكتل النيابية للإدلاء باقتراحاتها بما يراعي الواقع اللبناني ويؤمّن المناصفة والمشاركة والاستقرار السياسي». ويشدد على أن «اقتراح القانون لا يستهدف إبعاد أحد أو الانتقاص من موقع أحد. والتلطي خلف الطائفة والمذهب لرفضه لا يعكس مصلحة لبنان، ليعكس قلق الأشخاص وليس قلق الطائفة». نافياً أن «يتعارض مع وثيقة اتفاق الطائف الذي يحرِّض على ردم الهوة بين الدوائر الانتخابية بطريقة أفضل مما هي عليه اليوم».
ويضيف: «قبل نحو الأسبوعين عُقدت جلسة المناقشة الأولى لمشروع القانون، وتداول النواب آراءهم بشأن الواقع الانتخابي. وكان واضحاً موقف نواب كتلة القوات اللبنانية، الذين تمنوا إرجاء البحث في الموضوع لأن الوقت ليس مناسباً. لا أعرف متى يكون الوقت مناسباً أكثر لسماع كل الاقتراحات والوصول إلى خلاصة نهائية بعد إشباع الموضوع نقاشا؟».
من جهته يقول النائب في كتلة «الجمهورية القوية» جورج عقيص، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبدأ يقضي بالحرص على استقرار التشريعات. لذا لا تتغير القوانين التي تُقرّ بعد فترة وجيزة. يجب أن تأخذ وقتها وتنتج مفاعيلها. فالعمل بقانون الستين استمر أكثر من خمسين عاماً. ولبنان الآن في ظرف دقيق على مختلف الأصعدة الجيوبوليتيكية والاقتصادية والأمنية، ولا يُعقل أن يصار إلى تغيير قانون انتخاب استهلك جهداً، يناقض المبدأ العام للاستقرار التشريعي بعد عامين من إقراره. من جهة أخرى لم نسمع شكوى لأي جهة من نتائج الانتخابات التي حافظت على الأحجام السياسية الأساسية في البلد».
ويشير عقيص إلى أن «القانون الحالي للانتخابات أفضل للمسيحيين لأنه صحح الخلل السابق وأنتج تمثيلاً صحيحاً وحافظ على تمثيل المسلمين. بالتالي أزال الشكوى السابقة بأن نواب المسيحيين كانوا يأتون بأصوات المسلمين ولا يمثلون بيئتهم، ما يسبب غبناً يُنتج أجواءً سلبية تؤثر على مصلحة الدولة العليا. أما بموجب هذا القانون فقد أصبح السواد الأعظم من النواب يمثلون بيئاتهم».
ويشير حميد إلى أن «القانون النافذ حمل الكثير من التنافس غير الصحي في البيت الواحد من خلال الصوت التفضيلي. كذلك هناك شوائب لها علاقة بآلية الانتخاب. إذ يُفترض أن ينتقل الناخبون من منطقة إلى أخرى للتصويت، الأمر الذي أثّر على نسب المشاركة في الانتخابات. بالإضافة إلى الشوائب المتعلقة بالعملية الانتخابية في الخارج لجهة بُعد أمكنة الاقتراع عن أمكنة سكن المغتربين».
ويرى حميد أن «الموضوع يحتمل الأخذ والرد للتوصل إلى قانون أقرب إلى الواقع اللبناني»، في حين يرى عقيص أن «الحاجة الكبرى الملحّة إلى تغيير هذا القانون غير موجودة. والقوات وتكتلها النيابي ليست ضد فتح النقاش بل تقييم التجربة الانتخابية وإقرار ضوابط بغية تحسين القانون الحالي وتطويره. ولا مشكلة في فتح النقاش حوله باكراً قبل الوصول إلى استحقاق عام 2022، أما الإتيان بقانون جديد فنحن نرفضه».
ويشدد عقيص على أن «تغيير القانون لا يطمْئن الوجود المسيحي. وتكبير الدائرة الانتخابية وجعل لبنان دائرة واحدة يعيدنا إلى منطق المحادل والأكثريات العددية. ونحن نوافق على التحسين وليس البحث بصيغ أخرى تنسف القانون الحالي وتعيدنا إلى قانون غير منصف. وقد لمسنا في الجلسة الأولى تناغماً بين القوى المسيحية الممثلة في البرلمان. ولسنا مستعدين للتراجع عن موقفنا. والمطلوب اليوم هو التصدي للوضع الاقتصادي والحياتي وليس المشاريع السجالية فهي تضر بالاستقرار. ونحن لا نتمنى أن نصل إلى هذه الحالة التي تكرس واقعاً انقسامياً على أساس طائفي، ما يريح اليوم هو أن الخلافات سياسية وليست طائفية. والانقسام الطائفي يعيدنا إلى الوراء».



إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
TT

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بمحافظة عدن، بتهمة الإضرار بالمصلحة العامة والتسهيل للاستيلاء على المال العام، وإهدار 180 مليون دولار.

ووفق تصريح مصدر مسؤول في النيابة العامة، فإن المتهمَين (م.ع.ع) و(ح.ي.ص) يواجهان تهم تسهيل استثمار غير ضروري لإنشاء محطة طاقة كهربائية جديدة للمصفاة، واستغلال منصبيهما لتمرير صفقة مع شركة صينية من خلال إقرار مشروع دون دراسات جدوى كافية أو احتياج فعلي، بهدف تحقيق منافع خاصة على حساب المال العام.

«مصافي عدن» تعد من أكبر المرافق الاقتصادية الرافدة للاقتصاد اليمني (إعلام حكومي)

وبيّنت النيابة أن المشروع المقترح الذي كان مخصصاً لتوسيع قدرات مصافي عدن، «لا يمثل حاجة مُلحة» للمصفاة، ويشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها، وهو ما يعد انتهاكاً لقانون الجرائم والعقوبات رقم 13 لعام 1994. وأكدت أن الإجراءات القانونية المتخذة في هذه القضية تأتي ضمن إطار مكافحة الفساد والحد من التجاوزات المالية التي تستهدف المرافق العامة.

هذه القضية، طبقاً لما أوردته النيابة، كانت محط اهتمام واسعاً في الأوساط الحكومية والشعبية، نظراً لحساسية الموضوع وأهمية شركة «مصافي عدن» كأحد الأصول الاستراتيجية في قطاع النفط والطاقة في البلاد، إذ تُعد من أكبر المرافق الاقتصادية التي ترفد الاقتصاد الوطني.

وأكدت النيابة العامة اليمنية أنها تابعت باستفاضة القضية، وجمعت الأدلة اللازمة؛ ما أدى إلى رفع الملف إلى محكمة الأموال العامة في إطار الحرص على تطبيق العدالة ومحاسبة المتورطين.

ويتوقع أن تبدأ المحكمة جلساتها قريباً للنظر في القضية، واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بحق المتهمين، إذ سيكون للحكم أثر كبير على السياسات المستقبلية الخاصة بشركة «مصافي عدن»، وعلى مستوى الرقابة المالية والإدارية داخلها.

إصلاحات حكومية

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أن صفقة الفساد في عقد إنشاء محطة كهربائية في مصفاة عدن قيمتها 180 مليون دولار، ووصفها بأنها إهدار للمال العام خلال 9 سنوات، وأن الحكومة بدأت إصلاحات في قطاع الطاقة وحققت وفورات تصل إلى 45 في المائة.

وفي تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي، ذكر بن مبارك أن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة ليست مجرد شعار بل هي نهج مستمر منذ توليه رئاسة الحكومة. وقال إن مكافحة الفساد معركة وعي تتطلب مشاركة الشعب والنخب السياسية والثقافية والإعلامية.

بن مبارك أكد أن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل الفشل في أداء المهام (إعلام حكومي)

وقال إن حكومته تتعامل بجدية؛ لأن مكافحة الفساد أصبحت أولوية قصوى، بوصفها قضية رئيسية لإعادة ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالحكومة.

ووفق تصريحات رئيس الحكومة اليمنية، فإن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل أيضاً الفشل في أداء المهام الإدارية، مما يؤدي إلى ضياع الفرص التي يمكن أن تحقق تماسك الدولة.

وأوضح أنه تم وضع خطة إصلاحية للمؤسسات التي شاب عملها خلل، وتم توجيه رسائل مباشرة للمؤسسات المعنية للإصلاح، ومن ثَمَّ إحالة القضايا التي تحتوي على ممارسات قد ترقى إلى مستوى الجريمة إلى النيابة العامة.

وكشف بن مبارك عن تحديد الحكومة مجموعة من المؤسسات التي يجب أن تكون داعمة لإيرادات الدولة، وفي مقدمتها قطاعات الطاقة والمشتقات النفطية؛ حيث بدأت في إصلاح هذا القطاع. وأضاف أن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي «تتوازى مع معركة مكافحة الفساد»، وشدد بالقول: «الفساد في زمن الحرب خيانة عظمى».

تعهد بمحاربة الفساد

تعهد رئيس الوزراء اليمني بأن يظل ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى لحكومته، وأن تواصل حكومته اتخاذ خطوات مدروسة لضمان محاسبة الفاسدين، حتى وإن تعالت الأصوات المعارضة. مؤكداً أن معركة مكافحة الفساد ليست سهلة في الظروف الاستثنائية الحالية، لكنها ضرورية لضمان الحفاظ على مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة والمساءلة.

ووصف بن مبارك الفساد في زمن الحرب بأنه «خيانة عظمى»؛ لأنه يضر بمصلحة الدولة في مواجهة ميليشيا الحوثي. واتهم بعض المؤسسات بعدم التعاون مع جهاز الرقابة والمحاسبة، ولكنه أكد أن مكافحة الفساد ستستمر رغم أي ممانعة. ونبه إلى أن المعركة ضد الفساد ليست من أجل البطولات الإعلامية، بل لضمان محاسبة الفاسدين والحفاظ على المؤسسات.

الصعوبات الاقتصادية في اليمن تفاقمت منذ مهاجمة الحوثيين مواني تصدير النفط (إعلام محلي)

وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قد سَلَّمَ رئيس الحكومة تقارير مراجعة أعمال «المنطقة الحرة عدن»، وشركة «مصافي عدن»، و«المؤسسة العامة لموانئ خليج عدن»، وشركة «النفط اليمنية» وفروعها في المحافظات، و«مؤسسة موانئ البحر العربي»، والشركة «اليمنية للاستثمارات النفطية»، و«الهيئة العامة للشؤون البحرية»، و«الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية»، و«الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري»، والشركة «اليمنية للغاز مأرب»، إضافة إلى تقييم الأداء الضريبي في رئاسة مصلحة الضرائب ومكاتبها، والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وفروعها في المحافظات.

ووجه رئيس الحكومة اليمنية الوزارات والمصالح والمؤسسات المعنية التي شملتها أعمال المراجعة والتقييم من قِبَل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالرد على ما جاء في التقارير، وإحالة المخالفات والجرائم الجسيمة إلى النيابات العامة لمحاسبة مرتكبيها، مؤكداً على متابعة استكمال تقييم ومراجعة أعمال بقية المؤسسات والجهات الحكومية، وتسهيل مهمة فرق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للقيام بدورها الرقابي.

وألزم بن مبارك الوزارات والمؤسسات والمصالح والجهات الحكومية بالتقيد الصارم بالقوانين والإجراءات النافذة، وشدد على أن ارتكاب أي مخالفات مالية أو إدارية تحت مبرر تنفيذ التوجيهات لا يعفيهم من المسؤولية القانونية والمحاسبة، مؤكداً أن الحكومة لن تتهاون مع أي جهة تمتنع عن تقديم بياناتها المالية ونتائج أعمالها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لمراجعتها والعمل بشفافية ومسؤولية، وتصحيح كل الاختلالات سواء المالية أو الإدارية.

وكانت الدول المانحة لليمن قد طالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عملية لمحاربة الفساد وإصلاحات في قطاع الموازنة العامة، وتحسين موارد الدولة وتوحيدها، ووقف الجبايات غير القانونية، وإصلاحات في المجال الإداري، بوصف ذلك شرطاً لاستمرار تقديم دعمها للموازنة العامة للدولة في ظل الصعوبات التي تواجهها مع استمرار الحوثيين في منع تصدير النفط منذ عامين، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد.