هي معالجة نفسية بالأساس قبل أن تعمل في عالمي التسويق والتصميم. تعشق التغيير وشعارها في الحياة «قص والصق ولا ترمِ». جيهان زهاوي اكتشفت هواية التصميم وإعادة التدوير لقطع الثياب منذ نعومة أظافرها. معها تتحول هذه القطع إلى لوحات متجددة تنبض بالحياة من خلال إضافة الكروشيه وأحجار برّاقة عليها، أو من خلال تغيير قصّاتها وما شابه. تقول جيهان زهاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أعشق تغيير مظهر أي قطعة تقع بين يدي، أجددها وأضيف عليها أسلوبي». وتتابع: «كانت والدتي تعاني مني، وكانت كلما افتقدت قطعة ملابس في خزانتها، سواء كانت شلحة حرير أو تنورة أو فستان تسألني ماذا فعلت بها، لأنها كانت تعرف أنني المسؤولة عن اختفائها. فهذه الشغف الذي يتملكني للتغيير يسكنني منذ الصغر».
في محلها التجاري «جايز واي» الواقع في منطقة مار مخايل البيروتية، تلفتك تصاميمها، التي تحاول من خلالها وتأثراً بمهنتها الأساسية، كمعالجة نفسية، أن تتعاطى مع البيئة من زاوية تحافظ على «أكسجين» الحياة فيها نظيفاً.
تُطالعك قلادة يتدلى منها الخرز المشكوك بتأنٍ على قماش قصته من زي قديم ملون، أو وسادة من المخمل طرّزتها على طريقتها بمثلثات هندسية مزركشة، أو ستارة حولتها إلى عباءة تصلح لجميع المناسبات. في جهة أخرى تلفتك حقيبة يد رسمت عليها غلاف جواز السفر اللبناني.
المهم بالنسبة لجيهان عدم رمي أي شيء، فهي إما تحوله إلى قبعة أو إلى فرش طاولة أو إلى مقعد منخفض مغطى بالقماش العربي، لهذا تندرج تصاميمها ضمن ما يمكن أن يوصف بـ«صديق البيئة». «ما أقوم به يعرف عالمياً بـ«upcycling» أي إعادة التدوير للأفضل، من أغراض قديمة لم يعد يرغب فيها أحد أجدها في أسواق شعبية خلال أسفاري. قد أحول حذاء إلى قطعة ديكور، وخشبة مكتب إلى مركب صغير، وصحناً من القش إلى ثريا تتدلى منها إضاءة خافتة وهكذا». وتستغرب جيهان لماذا ترمي الناس أغراضاً لا تزال صالحة للاستعمال من دون أن تفكر في الاستفادة منها وإفادة الآخرين «فالبيئة تعاني من مشكلات كثيرة وعلينا حمايتها لكي تحمينا بدورها» حسب قولها.
بطبيعة عملها، فإنها أصبحت مدمنة على التسوق، تعود من أسفارها محملة بأغراض كثيرة، تعرف أنها ستُحولها إلى ابتكارات عملية. «أشتري من دون أن أفكر، وكوني مهتمة بالبيئة تلفتني كل الأغراض وأتصور مباشرة كيف سأصنع منها قطعاً مشغولة باليد، موقعة بعبارة (صنع في لبنان) وبأسعار مقبولة». لتحقيق هدفها، تستعين جيهان زهاوي بلاجئات عراقيات يعملن بين الأردن ولبنان يقمن إما بحياكة الكروشيه والصوف، أو تنفيذ تطريزات قديمة على قطع قديمة.
وعن طبيعة تصاميمها والأفكار التي تحملها تقول: «لكل تصميم حكايته التي أرويها بطريقتي. فهناك جاكيت قديم اضطررت إلى تمزيق قميص لزوجي باللون الأزرق كي أطعمه به. وعندما افتقده زوجي، أجبته بأنه تحول إلى جاكيت».
لا تهتم المصممة جيهان زهاوي بالماركات العالمية الشهيرة التي توقع فساتين وحقائب يد وأوشحة حرير وغيرها من الأزياء والإكسسوارات: «فأنا لدي فلسفتي الخاصة حول هذا الموضوع» حسب قولها. هذه الفلسفة تتلخص في «أن يكون الشخص متميزاً بإطلالته حتى وإن كانت عكس الموجة الدارجة، عوض ارتداء ماركات عالمية بطريقة عمياء. فمن السهل الدخول إلى محل كبير ننتقي منها كل ما يعجبنا فيه، ولكن التحدي هو كيف ننسق الإطلالة بأسلوب خاص ومختلف عن الآخر».
جيهان زهاوي... مصممة شعارها «قص والصق ولا ترمِ»
جيهان زهاوي... مصممة شعارها «قص والصق ولا ترمِ»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة