إيران تحث تركيا على «الصبر» وتجنب أي عمل عسكري في سوريا

الرئيس الإيراني: المسار الذي تتبناه أنقرة لن يخدم المنطقة * الجيش الإيراني يبدأ مناورات غير مجدولة قرب الحدود التركية

وحدة مدفعية تابعة للجيش الإيراني تجري تدريبات قرب الحدود التركية أمس (تسنيم)
وحدة مدفعية تابعة للجيش الإيراني تجري تدريبات قرب الحدود التركية أمس (تسنيم)
TT

إيران تحث تركيا على «الصبر» وتجنب أي عمل عسكري في سوريا

وحدة مدفعية تابعة للجيش الإيراني تجري تدريبات قرب الحدود التركية أمس (تسنيم)
وحدة مدفعية تابعة للجيش الإيراني تجري تدريبات قرب الحدود التركية أمس (تسنيم)

دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني تركيا، أمس، إلى إعادة النظر في أي عمل عسكري في شمال سوريا، وإلى «الصبر»، محذراً من أن المسار الذي تتبناه تركيا في حدودها الجنوبية؛ «اتفاقيات ما وراء الكواليس»، لا يخدم المنطقة، رغم أنه عدّ أيضاً أن من حق تركيا معالجة مخاوفها الأمنية، حيث تتأهب القوات التركية للتوغل في منطقة انسحب منها الجيش الأميركي.
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله في الاجتماع الوزاري الأسبوعي، إنه سبق أن أوضح خلال القمم الإيرانية - الروسية - التركية أن تحقيق الاستقرار على الحدود الشمالية السورية والجنوبية التركية؛ «يمكن فقط عبر وجود الجيش السوري»، مشدداً على ضرورة أن يغادر الأميركيون المنطقة وأن تقدم باقي الدول المساعدة، وأن يصبح «الأكراد في المنطقة إلى جانب الجيش السوري». وأضاف أن «المشكلة الأساسية ليست شمال سوريا وشرق الفرات؛ إنما مشكلتنا الأولى إدلب وكل الإرهابيين المجتمعين هناك».
وقال روحاني: «قلنا علنا إن الحل الوحيد لضمان السلم والأمن في جنوب تركيا وشمال سوريا هو وجود الجيش السوري». وتابع أن «الأسلوب الذي تم اختياره والاتفاقات التي حدثت وراء الكواليس لن تخدم المنطقة، ونحن ندعو البلد الصديق والشقيق تركيا وحكومتها إلى بذل مزيد من الدقة والصبر في مثل هذه الأمور. وإعادة النظر في المسار الذي تم اختياره». ونوه بأن الحكومة التركية «لديها مخاوف بشأن حدودها الجنوبية، ومن حقها أن تعالج تلك المخاوف، ولكن يجب أن يتم اختيار الطريق والأسلوب الصحيح».
ولم يوضح روحاني قصده من «الاتفاقيات التي حدثت وراء الكواليس».
وعرضت وزارة الخارجية الإيرانية، أول من، أمس استعدادها «لإرساء اتصالات فورية بين المسؤولين الأتراك والسوريين بهدف إزالة الهواجس القائمة، عبر السبل السلمية». وقالت في بيان إنها تعارض أي عمليات عسكرية تركية محتملة في شمال سوريا، مشيرة إلى أن «العمليات العسكرية لن تزيل المخاوف الأمنية التركية، وإنما ستؤدي إلى أضرار مادية وبشرية واسعة».
وتحث إيران، الحليف الوثيق للرئيس السوري بشار الأسد، تركيا دوماً على احترام وحدة الأراضي السورية، وتقول إنه يتعين على جميع القوات الأجنبية «ذات الوجود غير القانوني»، بما في ذلك القوات الأميركية، مغادرة سوريا.
وفي الوقت نفسه، ذكرت وكالات إيرانية أن القوات البرية في الجيش الإيراني بدأت مناورات غير مجدْولة في شمال غربي البلاد على الحدود مع تركيا؛ وهي المنطقة التي تشهد عادة نشاط الفصائل الكردية المعارضة لإيران والمقربة من «حزب العمال الكردستاني».
وشملت التدريبات العسكرية، بحضور قائد الجيش الجنرال عبد الرحيم موسوي، وحدات للرد السريع، وكتائب متحركة وهجومية، وطائرات هليكوبتر من الوحدة الجوية بالقوات البرية. ونقلت وكالات إيرانية عن قادة في الجيش أن «الهدف من التدريبات العسكرية تقييم الاستعداد القتالي لوحدات الجيش وقدرتها على الحركة وسهولة التنقل في ميدان القتال». ولم تشر للعملية العسكرية المزمعة في شمال شرقي سوريا.
وقال نائب قائد الجيش، كيومثرت حيدري، إن وحدات القوة البرية «تلقت أوامر الثلاثاء ليلاً للقيام بمناورات في شمال غربي البلاد»، لكنه أشار إلى استخدام «أجهزة جديدة محلية الصنع» في المناورات.



سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)

وسط غابة خضراء في مكان مجهول، وقف رجل سبعيني ليخاطب الإيرانيين بالفيديو باقتباسات من كبار الشعراء الفارسيين، معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي، ملك الملوك وإمبراطور إيران، آخر المتبقين من سلالة السلاجقة، ومن الأتراك الإيرانيين».
قد تبدو مزاعم الرجل في حكم إيران مثار تندر، نظراً إلى أن إمبراطورية السلالة السلجوقية التي يدعي التحدر منها أفلت قبل أكثر من ثمانية قرون. لكنه مجرد متسابق بين كثيرين يحاولون طرح أنفسهم بديلاً للنظام الحالي، في ظل تزايد السخط الشعبي على أدائه.

وتداولت فيديوهات لأشخاص يزعمون انتسابهم إلى السلاسات التي حكمت إيران بعد سقوط الصفوية في القرن الثامن عشر، وبعضهم يرشح نفسه لاستعادة عرش أجداده.
وأصبح الشغل الشاغل للإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي تتبع أخبار من يتحدرون من السلالات التاريخية التي حكمت بلادهم قبل قرون، عبر فيديوهات مزاعم حق العرش التي تثير دهشتهم أو منشورات ساخرة.

صراع على تركة القاجار

ونشر شخص يدعي بابك ميرزا قاجار يقول إنه يتحدر من السلالة القاجارية التي حكمت البلاد من 1794 حتى 1925، قبل إطاحة آخر ملوكها أحمد شاه قاجار، على يد رئيس وزرائه رضا خان بهلوي الذي جلس على العرش وأسس الحكم البهلوي.
وقبل أيام، أعادت قناة «تي آرتي» التركية في خدمتها الفارسية التذكير بتقرير نشر في عام 2016 يزعم وجود أحد أحفاد السلسلة القاجارية في إسطنبول. ونقلت عمن وصفته بأنه «بابك ميرزا أحد الباقين من سلالة القاجار الإيرانية»: «في هذا التوقيت المضطرب، أرى تقارباً في العلاقة بين تركيا وإيران... أنا قادم من إيران وأتحدث التركية، وأكثر من نصف الإيرانيين قادرون على فهم اللغة التركية».

وتداول مغردون بياناً لـ«رابطة قاجار»، ومقرها جنيف وتقول إنها تمثل أبناء السلالة القاجارية، نفى أي صلة بين بابك ميرزا والقاجار. وقالت الرابطة: «اطلعنا على مزاعم شخص يدعى بابك بيتر بادار ويدعي وراثة العرش والتاج الملكي للقاجاريين، وينوي بهذه الأوهام القيام بأنشطة سياسية. هذا الشخص غير معروف للرابطة وأطلعت على وجوده عبر وسائل الإعلام».
وأضاف بيان الرابطة: «نحن كأسرة القاجار نقف إلى جانب الشعب الإيراني، ونطرد أي شخص يحاول انتحال هوية مزيفة للوصول إلى مصالح شخصية واستغلال الأوضاع الصعبة».

«دار المجانين»

وبينما انشغل الإيرانيون بمتابعة صور وفيديوهات بابك ميرزا، ظهر فيديو الرجل السبعيني الذي وقف في الغابة معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي ملك الملوك وإمبراطور إيران».
وكتب مغرد يدعى فريد خان: «بعد بابك ميرزا قاجار، ظهر أمير سلجوقي هو الأمير عباس سلجوقي كبير أسرة السلاجقة ومن دعاة إعادة تأسيس النظام الشاهي في إيران... البلاد تحولت إلى دار المجانين».
وقال مغرد آخر: «الأمير عباس سلجوقي مستعد للتنافس مع أربعة مرشحين من السلالة الصفوية والأفشارية والقاجارية والبلهوية الذين أعلنوا استعدادهم مسبقاً لإعادة تأسيس النظام الشاهي».
وكتبت مغردة تدعى شرارة: «في سباق العودة التاريخي، ظهر أمير سلجوقي... على أمراء السلاسات الأخرى الإسراع لأن الغفلة تؤدي إلى الندم، على رضا بهلوي الانتحار لأن منافسيه يزدادون».
ورضا بهلوي هو نجل شاه إيران السابق الذي يلتف حوله أنصار والده وبعض المشاهير، لطرح بديل لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران. لكن نجل الشاه يواجه معارضة من شريحة واسعة بين أبناء الشعوب غير الفارسية، مثل الأكراد والعرب والأتراك والبلوش.
وتأتي الظاهرة الجديدة بينما تحاول السلطات الإيرانية إخماد الاحتجاجات بأساليب من بينها التوسع في عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة متظاهرين.
وكان لافتاً خلال الأيام الأخيرة نشر فيديوهات من قنوات «الحرس الثوري» تشبه النظام الحالي بالحكم الصفوي الذي حاول منافسة العثمانيين على حكم العالم الإسلامي.