غريتا تونبرغ من «إضراب المدرسة» إلى الترشح لنوبل السلام

301 مرشح للجائزة التي سيكشف عن الفائز بها يوم الجمعة المقبل

الناشطة السويدية غريتا تونبرغ تتحدّث في محمية للهنود الحمر في ولاية نورث داكوتا الأميركية (رويترز)
الناشطة السويدية غريتا تونبرغ تتحدّث في محمية للهنود الحمر في ولاية نورث داكوتا الأميركية (رويترز)
TT

غريتا تونبرغ من «إضراب المدرسة» إلى الترشح لنوبل السلام

الناشطة السويدية غريتا تونبرغ تتحدّث في محمية للهنود الحمر في ولاية نورث داكوتا الأميركية (رويترز)
الناشطة السويدية غريتا تونبرغ تتحدّث في محمية للهنود الحمر في ولاية نورث داكوتا الأميركية (رويترز)

تتجه الأنظار كالعادة إلى جائزة نوبل للسلام باعتبارها الدرّة في تاج مجموعة جوائز نوبل. وتتصدر الترشيحات، أو بالأحرى التكهّنات، للجائزة التي تُعلن الجمعة، الشابة السويدية غريتا تونبرغ الناشطة في مكافحة التغير المناخي.
وسبق للمراهقة البالغة من العمر 16 عاماً أن حصلت على جائزة منظمة العفو الدولية وجائزة «رايت لايفليهود» التي تعتبر أحيانا مرادفة لجائزة نوبل. وقالت في مقابلة مع تلفزيون «آر تي إس» السويسري: «هذا الأمر في حال حصوله سيضمن للحراك اعترافاً أكبر وقوة أصلب وشمولية أوسع».
ومن «إضراب المدرسة» الذي بدأته تونبرغ أمام البرلمان السويدي وصولاً إلى التجمعات التي يشارك فيها حالياً ملايين الشباب في العالم، تمكنت هذه الشابة خلال سنة من هز الرأي العام العالمي بشأن مسألة المناخ. وفي نهاية سبتمبر (أيلول) لفتت الأنظار حين توجهت بالسؤال إلى قادة العالم المجتمعين في الأمم المتحدة في نيويورك: «كيف تجرؤون؟ لقد سرقتم أحلامي وطفولتي»، علماً أنها وصلت إلى هناك بعدما عبرت الأطلسي على متن مركب شراعي، أي بوسيلة لا تلوّث الجوّ ولا المياه.
وعلى الرغم من الأضواء المسلطة عل الفتاة السويدية وفعالية تحركاتها، يستبعد مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو هنريك أوردال فوزها بنوبل السلام، ويعزو ذلك الى سببين: أولا أن الرابط بين الاحترار المناخي والنزاعات المسلحة غير مثبت بعد، وثانيا صغر سنها بحيث أن الجائزة قد تتحول سريعاً الى عبء عليها، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال أوردال: «الطريقة الوحيدة لكي يحصل هذا الأمر ستكون تقاسم الجائزة (مع شخصية أخرى) كم احصل مع ملالا»، الشابة الباكستانية التي نالت الجائزة عام 2014 وهي في سن السابعة عشرة مناصفة مع الهندي كايلاش ساتيارثي الناشط في مجال حقوق الأطفال.
من جهته، يقول الخبير في جوائز نوبل المؤرخ آسل سفين: «بالطبع، انها نجمة دولية، تواجه انتقادات دونالد ترمب، وسلطت الأضواء أفضل من أي شخص آخر على مسألة التغير المناخي. لكن ما يلعب ضدها هو أنها في السادسة عشرة... سأكون مندهشا جداً» إذا فازت.
في المقابل يقول دان سميث مدير المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم إن غريتا تونبرغ «مرشحة جدية لأن ما قامت به خلال السنة الماضية استثنائي... التغير المناخي مشكلة مرتبطة بشكل وثيق بالأمن والسلام».
ومن الأسماء المرشحة أيضاً للجائزة، رئيس الوزراء الأثيوبي آبيي أحمد مهندس المصالحة مع إريتريا، ومنظمات غير حكومية مثل «مراسلون بلا حدود» و«لجنة حماية الصحافيين».
ورأى البروفسور السويدي بيتر والانستين المتخصص في الشؤون الدولية أن «آبيي يعتبر مرشحا جيدا لأن جهوده عززت السلام وحدت من السلطوية في بلاده والمنطقة».
وبلغ عدد الترشيحات لجائزة نوبل للسلام 301 هذه السنة، لـ 223 فرداً و78 منظمة، لكن الاسماء لا تُكشف رسمياً. ويرى البعض أن مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ورئيسها فيليبو غراندي مرشحان، وكذلك منظمة «إس أو إس المتوسط».
كذلك رشّحت مجلة «تايم» الأميركية رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن التي تعاملت بحكمة مع تداعيات المجزرة التي ارتكبت بحق مسلمين في مدينة كرايستشيرش، وزعيم إحدى قبائل السكان الأصليين في البرازيل راووني ميتكوكتير الذي قام بجهود كبيرة لحفظ غابات الأمازون.
وسيكشف اسم الفائز الجمعة عند الساعة 9.00 بتوقيت غرنتش في معهد نوبل في العاصمة النرويجية أوسلو.
ومن الأخبار على «هامش» نوبل السلام، تلقت غريتا تونبرغ دعماً مطلقاً من نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان التي قالت، وفق موقع «ديلي ميل»، إنها تتمنى تناول العشاء مع الناشطة السويدية وأن يلتقيها أولادها الأربعة.
وقالت كيم لوكالة «رويترز» إنها شخصياً تفعل ما بوسعها لحماية البيئة، من إعادة التدوير إلى شراء أكياس القمامة القابلة للتسميد واستخدام الحاويات الزجاجية في مطبخها. ووصفت تونبرغ بأنها «شجاعة للغاية. إنها فتاة مدهشة وقفت بوجه هؤلاء الكبار الذين يمكن أن يكونوا مخيفين للغاية، وكانت منفتحة وصادقة جداً. هذا ما نحتاج إليه بالضبط».


مقالات ذات صلة

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

يوميات الشرق توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

مُنحت «جائزة نوبل للسلام» لعام 2024 لمنظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والمعروفة أيضاً باسم «هيباكوشا».

«الشرق الأوسط» (أوسلو - القاهرة)
أوروبا جائزة نوبل للسلام (رويترز) play-circle 00:46

فوز منظمة «نيهون هيدانكيو» بجائزة نوبل للسلام

فازت منظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية، وهي حركة شعبية من الناجين من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغاساكي، بجائزة نوبل للسلام اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
آسيا محمد يونس يحمل باقة ورد لدى وصوله إلى مطار دكا الخميس (أ.ف.ب)

محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام... رئيساً لحكومة بنغلاديش الانتقالية

أدى محمد يونس، الحائز جائزة نوبل للسلام، اليمين الدستورية رئيساً لحكومة انتقالية لبنغلاديش، الخميس.

آسيا الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)

محمد يونس... «مصرفي الفقراء» الذي ينتظره متظاهرو بنغلاديش

يضغط الطلاب الذين نظّموا الاحتجاجات في بنغلاديش من أجل إشراف محمد يونس -الحائز جائزة «نوبل»- على الحكومة المؤقتة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
يوميات الشرق الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تقرير: ماسك وأسانج مرشحان لجائزة نوبل للسلام

ذكرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية أن رجل الأعمال إيلون ماسك والصحافي جوليان أسانج رشحا لجائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.