سريلانكا... أطلال تشهد على 3 آلاف سنة من التاريخ

في جُعبتها مغامرات تتنوّع بين التحليق في السماء وتسلق الجبال والغوص في المحيط

منظر لمزارع الشاي بالقرب من أنورادابورا
منظر لمزارع الشاي بالقرب من أنورادابورا
TT
20

سريلانكا... أطلال تشهد على 3 آلاف سنة من التاريخ

منظر لمزارع الشاي بالقرب من أنورادابورا
منظر لمزارع الشاي بالقرب من أنورادابورا

بين سائح وآخر تختلف الأذواق في كيفية اختيار الهوايات وأماكن ممارستها، فلكلٍ عشقه الخاص لانتقاء بلد أو مدينة يمضي فيها أوقات إجازته. وتبقى الطبيعة بنشاطاتها المختلفة مطلب الغالبية، فكيف إن كانت الوجهة سريلانكا التي لا تزال تحافظ على طبيعتها التي لم تعبث بها يد إنسان حتى الآن.
تاريخها عريق يمتدّ لأكثر من 3 آلاف سنة، وفي أرضها بعض أقدم المدن على مستوى العالم، مثل أنورادابورا وبولوناروا وديغامادولا. ولا تزال أطلال الحواضر العظيمة والقصور والمعابد والأديرة والمستشفيات التي كانت قائمة في تلك البقع بوقت مضى شاهدة على هذا التاريخ، وإن كانت اليوم مهجورة بسبب الغابات الزاحفة من حولها. وتبقى أنورادابورا أعظمها على الإطلاق. فهي العاصمة الثالثة في تاريخ البلاد وأطولها أمداً، وواحدة من أقدم مدن العالم التي لا تزال مسكونة حتى اليوم. استمرّت عاصمة للبلاد منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى مطلع القرن 11. وكانت واحدة من أبرز مراكز النّفوذ السّياسي على مستوى جنوب آسيا وأكثرها استقراراً.
بيد أن المدن المثيرة للاهتمام كثيرة في سريلانكا، فهناك سيغيريا وهي عبارة عن حصن يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس بعد الميلاد. تضم حديقة مائية متميّزة وبعض أقدم الجداريات في تاريخ البلاد. كما هناك مدينة بولوناروا، ثاني أقدم مملكة في تاريخ سريلانكا التي تميزت بأنظمة ري متقدمة للغاية، ولا تزال تستخدم حتى يومنا هذا في توفير المياه إلى المزارعين داخل وحول بولوناروا.
أمّا ديغامادولا، وهي مملكة سريلانكا الشرقية، فكانت بمثابة العاصمة الرّوحية والزراعية للبلاد خلال عهد مملكة أنورادابورا.
وكانت كاندي المملكة الأخيرة في تاريخ سريلانكا بمثابة شهادة على قدرتها على النّهوض من الرّماد وبناء نفسها من جديد، فبعد أن تعرّضت للحرق والنّهب 3 مرات على أيدي البرتغاليين الغازيين، لا تزال المنازل والقصور والمعابد الرائعة فيها، تحتفظ اليوم برونقها بعد قرابة 500 سنة.
ما لا يختلف عليه أي زائر لسريلانكا أنها قد تكون جزيرة صغيرة نسبيّاً، إلا أنّ الطبيعة وهبتها تنوعاً لا مثيل له. من شواطئها الذهبية، إلى مناطق سياحية أخرى عبارة عن مرتفعات وتلال وجبال، فضلاً عن المناطق الواقعة في قلب الجزيرة وتزدان بمزارع الشاي التي تقطعها من حين لآخر مساقط مائية رائعة. كما تتميز بطقس لطيف وسماء ضبابية بعض الأحيان ومنازل مؤلّفة من طابق واحد تشكل بقايا حقبة ولّت.
ولقلب الجزيرة مثلث ثقافي مميّزٌ في ظل وجود أطلال من ممالك قديمة مختلفة، وكهوف صخريّة مخفيّة، ومعابد قديمة مقدسة، ومبانٍ تعكس معماراً وفنوناً وهندسة قديمة مذهلة، تكاد لا تصدّقها العين لشدّة دقتها.
أمّا شمال البلاد فيتميّز على وجه التحديد بمذاقه المميّز وثقافته الفريدة. ورغم أنّه لا يزال يحمل ندبات من الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد، ففي طياته دليل ملموس على التنوع الثّري الذي تمتاز به سريلانكا. وفي شمالها تنعكس تأثيرات مختلفة وتتمازج سمات برتغالية وهولندية وتاميلية ومسلمة وبريطانية. وحتى يومنا هذا، تنتشر مجموعات من الجزر البكر أمام سواحلها بانتظار من يكشُف النّقاب عن سحرها المجهول.
وفي شرقها تنتشر حقول كثيفة، ويسود نمط الحياة الرّيفية أبطأ وتيرة عن نظيرتها الشّمالية، حيث تظهر الشّمس ساعة شروقها لتقدّم للسائح مشهداً رائعاً يختلف عن الحياة العصرية بيومياتها الراكضة. كما يزدان الشرق بأماكن عبادة يتداخل فيها كثير من الألوان المبهجة ومتنزهات وطنية وموانئ ومياه صافية براقة توفر تجارب لا تنسى للزائرين.
وهنا يستطيع السائح ممارسة ما يروق له من نشاطات التزلج على الأمواج وركوب الكاك والغطس، أو مجرد التمدد على الشاطئ للاستمتاع بحرارة الشّمس الدافئة.
وبفضل الرياح الشّمالية الشّرقية، يسود طقس مشمس السواحل جنوب الغربية وتظل الأمواج هادئة خلال الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) ومارس (آذار)، بينما تجعل الرياح الجنوبية الغربية مياه السواحل الشرقية هادئة مع سطوع مستمر ولطيف لأشعة الشّمس.
وتتضمن أفضل مناطق السواحل الجنوبية؛ تانغالا وبيروالا وميريسا وبنتوتا وأوناواتونا، وتتميز بخيارات متنوعة بما في ذلك فنادق مريحة وشعاب مرجانية متنامية وحواجز رملية.
وبينما اكتُشفت شواطئها الجنوبية منذ فترة طويلة، لا تزال شواطئ الجهة الشرقية لم تُكتشف بصورة كاملة. وتعتبر أروغام باي، أشهرها على الإطلاق كونها قبلة عشّاق التزلج على الأمواج في المنطقة.
أما على الطرف الغربي من البلاد إلى الشمال من كولومبو، فتوجد بحيرة نيغامبو. وتعتبر شواطئها مزاراً يجذب السّكان المحلّيين والأجانب منذ زمن بعيد. ويبقى شاطئ غالي فيس غرين، الممتد لمسافة نصف ميل بين غالي رود والمحيط الهندي، الوجهة المفضلة للكثيرين.

الطبيعة البرية

مساحة سريلانكا صغيرة بوجه عام، إلّا أنّ هذا الأمر لم يمنعها من التميّز لتكون واحدة من أعلى معدلات التوطن البيولوجي على مستوى العالم، سواء من حيث النباتات أو الحيوانات. وهي من بين أكبر 5 مراكز للتنوع الحيوي على مستوى العالم. فيها 91 نوعاً من الثّدييات، مثل الأفيال والدّبب الكسلانة والفهود والصمبر والجاموس البرّي. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ اللوريس الأحمر النّحيل والمكاك القلنسوي واللنغور الرمادي أندر الثدييات فيها، وهي من الكائنات المهدّدة بالانقراض. يُضاف إلى ذلك، الطيور التي تُعتبر ذروة الحياة البرية في الجزيرة، وتضمّ قرابة 433 نوعاً منها.
لكن سريلانكا مقصد لنوع آخر من السياحة، ألا وهو السياحة الصحية بفضل شهرتها في مجال الأيورفيدا، وترجمتها «علم الحياة». منظومة من تعاليم الطّب التقليدي نشأت في شبه القارة الهندية، ويعود تاريخ هذا النظام الاستشفائي لأكثر من 5 آلاف عام. ويعتمد على الأعشاب ونظام غذائي محدد، وقد شكّل أسلوب العلاج الوحيد في المنطقة حتى إقرار العقاقير الغربية في القرن 19.
وسريلانكا تتوفر على كثير من المنتجعات التي تعتمد على تخليص الجسم والروح من أعباء الحياة اليومية وضغوطاتها، من خلال التأمل والعلاج بالتدليك والحمامات العشبية، واتباع نظام غذائي خاص.

الغوص

في جعبة سريلانكا مجموعة غنيّة من المغامرات، بسبب منظومتها المناخية والجغرافية المتنوعة، ما بين تسلّق أعالي الجبال إلى استكشاف أعماق المحيط والسّير في غاباتها الخضراء.يعيش السّائح لحظات لا تُنسى على شواطئها بين ممارسة رياضة غوص «سكوبا» والتزلج على الأمواج. ولرياضة «سكوبا» تاريخ طويل مع سريلانكا. واليوم، تعجّ مياه المحيط حول الجزيرة بحدائق مرجانية وأعداد ضخمة من أسماك غريبة ولافتة وحطام سفن من أزمان غابرة، ما يجعل سريلانكا موطناً لبعض أفضل تجارب الغوص عالمياً، خصوصاً حول ميناء غالي ومواقع الغوص الشهيرة في كالبيتيا وأمبارا وترينكومالي في السواحل الشرقية والغربية للبلاد، حيث رسّخ التزلج على الأمواج، لنفسه، وجوداً قوياً على مدار الـ25 عاماً الماضية. كما تعتبر المياه المحيطة بها مثالية لممارسة هواية الصيد.

مشاهدة الحيتان

تعتبر مياه المحيط موطناً لواحدة من ألطف الكائنات البحرية وأكثرها ضخامة: الدلافين. وتحرص أسراب منها على فرض وجودها بالظهور في كثير من المواقع خلال شهور ديسمبر (كانون الأول)، ويناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط)، ومارس (آذار)، وأبريل (نيسان).
جدير بالذكر أن كثيراً من طرق هجرة الحيتان والدلافين تمر قرب سريلانكا، ما يجعل من الجزيرة موقعاً مثالياً لمراقبة هجرة ما يقدر بـ26 نوعاً من الحيتان منها الحوت الأزرق، وحوت العنبر والحوت الزعنفي، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الدلافين.

تسلق الجبال

تجذب الجزيرة أيضاً عشّاق الجبال وتمكّنهم من عيش تجربة مثيرة بتسلق الصّخور والشّعور ببعض منها تنزلق أسفل قدميهم للوصول إلى ارتفاعات شاهقة تصيب الرأس بالدوار. ومن بين أشهر جبالها؛ سلسلة نكلز وإيلا وهابارانا سيغيريا وبولوناروا وسهول هورتون التي تنطوي جميعها على تحديات في تسلّقها والصّعود إلى قممها، لكنّها تبقى تجارب ممتعة للهواة، وكذلك المتسلقين المخضرمين. أمّا أحدث صيحات التسلق في سريلانكا فتجري اليوم عند الجبال التي تتفجّر منها مساقط مائية وشلالات. بالإضافة إلى السّير في غاباتها الغنية وحقولها ومتنزهاتها. تتوفر أيضاً على مجموعة غنية من الغابات المطيرة والجبال، وحدائق الشّاي والسهول التي تعجّ بأنواع نادرة من الطيور والحشرات، علاوة على تميزها بدرجات حرارة معتدلة.

ركوب المنطاد

يمكن للزائر الاستمتاع بالتحليق في سماء سريلانكا ورؤية طبيعتها ومزاراتها الساحرة من أعلى. تعمل هذه المناطيد بالهواء الساخن على ارتفاعات تتراوح بين 500 وألفي متر. ويجري تنظيم رحلات خاصة في ساعات الشّروق.
- قبل تحديد فترة السفر إليها، من المهم وضع أحوال الطقس في الاعتبار، علماً أنه يشهد تقلبات من عام إلى آخر، خصوصاً في ظل التغييرات المناخية العالمية وارتفاع درجات حرارة الأرض التي تزيد المشهد العام تعقيداً.
إلا أنه طقس مستقر عموماً وعلى مدار العام. فدرجة الحرارة تتراوح في المناطق السّاحلية والمنخفضة بين 26 و30. ومع الارتفاع، تتراجع لتصل إلى ما يتراوح بين 18 و22 في كاندي. وفي نوارا إليا والأجزاء الأعلى من الجزيرة، تتراوح ما بين 14 و17. أما ليلاً وفي المناطق المرتفعة، فمن الممكن أن تنخفض درجات الحرارة بشدة ويصبح البرد قارساً. أمّا الرطوبة، فغالباً ما تكون مرتفعة ويمكن أن تصل إلى 90 في المائة في جنوب غربي البلاد، وتتراوح في المتوسط بين 60 في المائة و80 في المائة بباقي أرجاء الجزيرة.
ويعني هذا النمط المناخي أنّ الوقت المناسب لزيارة سريلانكا يعتمد على الوجهة التي تقصدها داخل الجزيرة على وجه التحديد. إذا كنت تقصد السواحل الغربية والجنوبية، فإنّ الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) ومارس هي الأمثل. أمّا إذا كنت تنوي زيارة السّاحل الشّرقي، فإن الفترة من أبريل إلى مايو (أيار) حتى سبتمبر (أيلول) هي الأفضل.
- مواطنو معظم دول الخليج العربي لا يحتاجون إلى فيزا عند السفر إلى سريلانكا، وقد يحصلون على التأشيرة فور وصولهم إلى مطارها، في حين أنّ بعض البلدان ينبغي على مواطنيها طلب فيزا إلكترونية وبتكلفة 30 دولاراً تقريباً.
- يتحدث السكّان في سريلانكا 3 لغات تعدّ رسمية في البلاد؛ وهي اللغة السنهالية، واللغة التاميلية، واللغة الإنجليزية والعملة المتداولة في البلاد هي الروبية.


مقالات ذات صلة

بتكلفة تجاوزت 112 مليون دولار... السعودية تُنفذ 20 مشروعاً في جزر فرسان

الاقتصاد صورة جوية لجانب من جزيرة فرسان جنوب السعودية (واس)

بتكلفة تجاوزت 112 مليون دولار... السعودية تُنفذ 20 مشروعاً في جزر فرسان

أعلنت أمانة منطقة جازان في جنوب السعودية، الخميس، عن تنفيذ 20 مشروعاً تنموياً بمحافظة جزر فرسان، بتكلفة إجمالية تصل إلى 112.8 مليون دولار.

سفر وسياحة مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

يهتم متابعو أعمال الدراما بأماكن تصوير المشاهد، وعادة ما يطرح هذا السؤال على أبطال المسلسل عبر الـ«سوشيال ميديا»

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة جلسات خارجية في ساحات باريس الجميلة (أ.ف.ب)

أكثر 5 مدن ديناميكية حول العالم

في عالم دائم التغير، قد يكون من الصعب تحديد المدن الناشئة والمهيئة للنجاح، وتلك التي قد يطويها النسيان قريباً.

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
الاقتصاد برانسون متحدثاً للحضور خلال المؤتمر الصحافي بمناسبة وصول أولى رحلات طيران «فيرجن أتلانتيك» إلى الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:15

طائرات «فيرجن أتلانتيك» تبدأ بربط المسافرين من أوروبا وأميركا إلى السعودية

استقبل مطار الملك خالد الدولي أولى رحلات شركة الطيران البريطانية «فيرجن أتلانتيك» والقادمة من مطار هيثرو في لندن، بعد أن اختارت التواجد والتوسع في السعودية.

بندر مسلم (الرياض)
يوميات الشرق فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)

الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان: «درب البدو» بسيناء ملهم

بعد تدريب وإعداد خاص لقطع مسافات طويلة، اجتاز العرجان شبه جزيرة سيناء المصرية ضمن «الدرب النبطي التاريخي».

نادية عبد الحليم (القاهرة )

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
TT
20

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)

يهتم متابعو أعمال الدراما بأماكن تصوير المشاهد، وعادة ما يطرح هذا السؤال على أبطال المسلسل عبر الـ«سوشيال ميديا»، وأحياناً يشير إليها منتج العمل أو مخرجه في سياق إطلالاتهم الإعلامية.

وفي السنوات الأخيرة، وبسبب كثافة تصوير هذه الأعمال في لبنان، تحوّل إلى قرية سياحية كبيرة، من شماله إلى جنوبه.

وتطول لائحة الأعمال الدرامية التي اختارت شارعاً أو بلدة معينة للتصوير فيها. في السنوات القليلة الماضية حطّت كاميرا مخرجين عدة في جبال لبنان. فمسلسل «ثورة الفلاحين» اختار مخرجه فيليب أسمر «قصر سرحال» في جزين ليشهد على أحداثه. فيما ارتأى مخرج مسلسل «روبي» رامي حنا منطقة الأشرفية ليصور فيها مشاهد حي شعبي ألا وهو «كرم الزيتون».

قصر سرحال في جزين قبل وبعد مسلسل "ثورة الفلاحين" (إنستغرام)
قصر سرحال في جزين قبل وبعد مسلسل "ثورة الفلاحين" (إنستغرام)

من ناحيته، اختار المخرج جو بو عيد تصوير غالبية مشاهد مسلسل «صالون زهرة» في بيروت. وبالتحديد في شارع مار مخايل العريق. بينما دارت كاميرا مخرجة مسلسل «تغيير جو» مريم أبو عوف، في منطقة بدارو، البيروتية أيضاً.

وتنقلت كاميرا مخرجين آخرين في عدد من مناطق لبنان، بينها إهدن ودوما وغيرها. وكان أحدثها في البترون التي احتضنت تصوير مسلسل «بالدم». وتحول أحد أزقتها القديمة كما مرفأها عنواناً سياحياً. فراح يقصدها اللبنانيون ليستكشفوا بيوت أبطاله ومن بينهم روميو وجانيت.

إهدن ومسلسل «للموت»

تعدّ بلدة إهدن في شمال لبنان واحدة من أجمل المواقع التصويرية الطبيعية. وقد اختارها مخرج مسلسل «للموت» فيليب أسمر لتنفيذه فيها. تنقّل بين عدد من مواقعها الطبيعية في فصل الشتاء المغمورة بالثلج. وكذلك استأجرت الشركة المنتجة للعمل منازل فخمة لتحتضن أبطال عملها في مشاهد شيقة.

تقع بلدة إهدن في قضاء زغرتا شمال لبنان. وترتفع نحو 1500 متر عن سطح الأرض. وفي طقسها البارد دارت كاميرا أسمر لتصوّر أبطال العمل من ماغي بو غصن ودانييلا رحمة ومحمد الأحمد في درجات حرارة تحت الصفر. يومها تساءل المشاهد أين تم تصوير هذا العمل؟ سيما وأن المنطقة بدت رائعة بتضاريسها الطبيعية. فردّت ماغي بو غصن معلنة بأنها بلدة إهدن. وكتبت عبر حسابها على تطبيق «إكس»: «كثيرون تساءلوا عن موقع تصوير (للموت). فقد لفتتهم البيوت والمشاهد الخارجية التي تم التصوير فيها. وأجيبهم بكل فخر أن التصوير تم في لبنان وبالتحديد في بلدة إهدن. وكذلك في مناطق أخرى في الجنوب. فبلدنا جميل جدّاً، وما ينقصنا هو تقديره من قبل حكّامه».

وتشتهر إهدن بازدهار السياحة البيئية والدينية فيها. ومحمية حرج إهدن من أهم المحميات والمعالم البيئية في المنطقة. وتبلغ مساحتها 1000 هكتار وتمتاز بالتنوع البيولوجي، وكذلك بالتنوع الحيواني الذي يشمل الزواحف والطيور والبرمائيات.

"صالون زهرة" تم تصويره في شارع مار مخايل (إنستغرام)
"صالون زهرة" تم تصويره في شارع مار مخايل (إنستغرام)

شارع مار مخايل يحب الكاميرا

من أشهر الأماكن السياحية في العاصمة بيروت شارع مار مخايل. يتفرّع منه عدة أحياء وهو موازٍ لشارع الجميزة الشهير. يقصده زواره لتمضية أحلى السهرات، وكذلك لتناول أشهى الأكلات في مطاعم تتوزع فيه. اختار المخرج جو بو عيد واحداً من متفرعات مار مخايل، ليصور فيه مشاهد مسلسل «صالون زهرة». وتمّ تجهيز الشارع بشكل كامل ليتناسب مع أجواء المسلسل الجريء على مستوى الطرح والمعالجة. وجرى استحداث «صالون زهرة» لتصفيف شعر النساء والعناية بجمالهن. وترك بو عيد ديكورات الشارع كما هي كي يضفي الواقعية على العمل. وكانت الناس تتجمع في الشارع ليلاً للوقوف على أحداثه التي تصور مباشرة من هناك. وصار فيما بعد هذا المكان مقصوداً من قبل الصغار والكبار، يلتقطون الصور التذكارية إلى جانب الصالون. وإذا ما حالفهم الحظ ووجد أبطال العمل هناك، كانوا يتجمعون لأخذ صورة «سيلفي» مع أحد منهم.

مطعم جانيت من مسلسل "بالدم" في البترون بعد انتهاء التصوير (إنستغرام)
مطعم جانيت من مسلسل "بالدم" في البترون بعد انتهاء التصوير (إنستغرام)

دوما احتضنت فيلم «هلّأ لوين»

اختارت مخرجة فيلم «هلّأ لوين» نادين لبكي عدة مناطق لبنانية كمواقع تصوير لفيلمها «هلأ لوين»، من بينها بلدة الطيبة قرب بعلبك كون جامع القرية يقف جنباً لجنب كنيستها. كذلك تم التصوير في كل من قرية مشمش ودوما. وشكّلت هذه الأخيرة محط أنظار اللبنانيين. وصاروا يقصدونها للتمتع بطبيعتها والتفرّج على أسواقها القديمة، حيث دارت كاميرا لبكي. وفي ممر جانبي من السوق أغلقته لبكي وملأته بالحجارة. استخدمت دكاناً قديماً وحوّلته إلى مخبز. وغنى فيه الممثلون تلك الأغنية المشهورة في الفيلم (حشيشة قلبي). وفي مقهى مجاور تم التصوير أيضاً، ليؤدي فيه أبطال الفيلم معظم مشاهدهم. وكان سبق لبكي إلى هناك الرحابنة عندما اختاروا البلدة نفسها لتصوير فيلم «سفر برلك» في عام 1965.

«ثورة الفلاحين» وقصر سرحال

في مسلسل «ثورة الفلاحين» لم يلاق مخرجه فيليب أسمر أفضل من «قصر سرحال» ليحتضن أحداث العمل التاريخية. هذا القصر الذي يعود إلى الطبيب الجنوبي المشهور الراحل فريد سرحال يقع في بلدة جزين. وكان يشكّل مقصداً للسيّاح العرب والأجانب في سنوات ماضية. فهو بمثابة متحف لما يتضمن من قطع أثرية ومشهدية معمارية خلّابة. وأمضى الطبيب المذكور نحو 30 عاماً وهو يبنيه وقد طغى عليه الفن الإسلامي، فازدانت قاعاته بالأشعار العربية والمنمنمات اليدوية. ومن أجل هذا المتحف زار الطبيب سرحال الشرق الإسلامي كله، واشترى الكثير من الأنتيكا والأثاث. ومن منطقة البسطة في بيروت اشترى الأراكيل والأثاث القديم، وزار أوروبا الشرقية والهند والشام وسوريا ومصر. وجلب منها «الأوبالين» والخشبيات من تركيا. أما السجاد العجمي والنحاسيات فحملها من طهران. واختار الحجر الأزرق من أفغانستان، والأحمر من الهند، كي يزود بيته بمشهدية معمارية تخرج عن المألوف.

واضطر أسمر أن يبدّل في حالة القصر المهجور منذ سنوات طويلة والفارغ من أثاثه فأعاده إلى الحياة على طريقته مستحدثاً فيه ديكورات تناسب المسلسل.