فلسطينيون في لبنان يطالبون بنقل الوصاية من «أونروا» إلى المفوضية العليا للاجئين

لاجئون فلسطينيون يتظاهرون للمطالبة بنقل الوصاية عليهم في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
لاجئون فلسطينيون يتظاهرون للمطالبة بنقل الوصاية عليهم في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
TT

فلسطينيون في لبنان يطالبون بنقل الوصاية من «أونروا» إلى المفوضية العليا للاجئين

لاجئون فلسطينيون يتظاهرون للمطالبة بنقل الوصاية عليهم في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
لاجئون فلسطينيون يتظاهرون للمطالبة بنقل الوصاية عليهم في وسط بيروت (الشرق الأوسط)

يتداول فلسطينيو المخيمات اللبنانية على نطاق واسع هذه الأيام تسجيلاً صوتياً يحث سامعه على الدعاء بالتوفيق لمسعى 17 محامياً متطوعاً، بينهم أحد العاملين في الأمم المتحدة، يناقشون في مقر المنظمة الأممية في فيينا نقل ملف اللاجئين الفلسطينيين من وصاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وجاء التحرك القانوني بعد مبادرة «الهيئة الشبابية الفلسطينية للجوء الإنساني» إلى إرسال الوثائق والصور والفيديوهات عن وضع الفلسطينيين في المخيمات، متهمة «أونروا» بـ«التقاعس»، إضافة إلى أسماء وبيانات نحو 13 ألف عائلة ترغب في نقل ملفاتها إلى المفوضية، سعياً إلى استصدار قرار ملزم من الأمم المتحدة. وبحسب الهيئة، بدأت مناقشة الطلب، على أن يُصار إلى إعلام الهيئة بالنتيجة خلال أيام.
ويقول رئيس الهيئة، كمال عقل، لـ«الشرق الأوسط»: «انطلاقاً من مأساتنا وحرماننا من جميع الحقوق المدنية والإنسانية والاجتماعية، والظروف الضاغطة في المخيمات والتجمعات، والعيش في ضياع وعدم وضوح أي رؤية للمستقبل، تجمعنا كهيئة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وقررنا البدء في الحراك المدني السلمي الشعبي للمطالبة باللجوء الإنساني والعيش بكرامة».
وأضاف: «نظراً إلى ظروف لبنان وإمكانياته المحدودة وتجاذباته الداخلية من جهة، ونظراً إلى إهمال (الأونروا) وتقاعسها ولا مبالاتها، وبعد دراسة الوضع الراهن، وبسبب عجزنا عن تغيير القوانين اللبنانية لجهة إعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، ارتأينا أن الحل الوحيد هو اللجوء الإنساني للدول الكبرى، التي تعيد توطين اللاجئين بحصص محددة من الأمم المتحدة. لذلك نحن نطالب برفع وصاية (الأونروا) عمن يرغب، ونقل ملفاتنا إلى المفوضية السامية للاجئين لقبول لجوئنا الإنساني».
وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع «أونروا»، ووافق مسؤولها الإعلامي في البداية على الإجابة عن أسئلة متعلقة باتهام الهيئة لها بالتقصير، وعن موقفها من طلب نقل الوصاية؛ لكن الأجوبة لم تصل، وامتنع المسؤول الإعلامي عن الرد على اتصالات هاتفية.
وتزداد أوضاع الفلسطينيين في المخيمات وخارجها سوءاً. ويقول المسؤول الإعلامي للهيئة، حمزة الخطيب، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأمل كثيراً في نجاح مسعى اللجوء الإنساني. ويضيف: «أتعذب منذ بدأت أعي التحديات التي يفرضها عليَّ اللجوء في لبنان. فقد كنت أعمل في إحدى الشركات، حتى صدر قرار وزير العمل بوجوب حصول الفلسطيني على إجازة عمل. حينها تم الاستغناء عني وفصلي من الشركة التي لا تريد تثبيتي بعد سنوات من العمل لديها».
ويذكر حمزة أنه اضطر إلى «إجراء عملية جراحية كلفت 1500 دولار، لم تسدد منها (الأونروا) إلا نحو 170 دولاراً، في حين تولت العائلة تجميع المبلغ المطلوب». ويضيف أن شقيقته التي هاجرت إلى الدنمارك قبل بضعة أشهر «تعيش حياة كريمة، فقد مرضت ابنتها الصغيرة، وبعد علاجها في المستشفى تولت الدولة دفع نفقات ممرضة ترعى حالتها بانتظار شفائها الكامل».
من جهته، يقول عقل: «تدارسنا الموضوع من ناحية قانونية، حددنا مشكلتنا بوصاية (الأونروا) علينا كلاجئين. وكم هي وصي سيئ. فذهبنا إلى سفارات الدول التي تمولها، وقابلنا مسؤولين فيها وشرحنا الوضع برسائل سلمناها إلى المسؤولين في السفارات، وناقشنا وضع المخيمات المزري، وسرقة الحقوق الشرعية للاجئين الفلسطينيين. لذا طرحنا فكرة اللجوء الإنساني إلى دول تحترم حقوقنا. ونعمل وفق القانون».
ويوضح أن «أجوبة السفارات جاءت متشابهة. وهي أنها تدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين عبر (الأونروا). فأكدنا أن هذا الدعم لا يصل إلينا، ليبقى ضمن الإدارة. فمدير مشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد الذي لم ينجز منذ أكثر من عشرة أعوام، يتقاضى 230 ألف دولار سنوياً، في حين يتقاضى موظفو (الأونروا) من الفلسطينيين عشرة دولارات يومياً. قدمنا للمسؤولين في السفارات أدلة على فساد المنظمة وتردي أوضاعنا المعيشية. لمسنا تعاطفاً؛ لكن لا مجال للتغيير إلا عبر قنوات قانونية. لذا بدأنا مشروع اقتراح قانون يقضي بنقل ملفاتنا من (الأونروا) إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لمن يرغب، بناء على حريته الشخصية».
ويواجه هذا التحرك اتهامات فلسطينية بأنه «مدعوم من جهات أجنبية»، وبأن لديه أجندات «تخدم إسرائيل ومشروع (صفقة القرن)» الأميركي الذي يطرح تصفية «أونروا».
غير أن عقل الذي يعمل على مشروعه منذ عام 2014 ينفي هذه الاتهامات، قائلاً إن «الحق القانوني للاجئ يسمح له برفض الوصي السيئ ليقرر مصيره. خارج لبنان يمكننا الحصول على حقوق إنسانية. ولا علاقة لمطلبنا بإلغاء حق العودة، فهذا الحق منصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة، وليس تحركنا ما يبقيه أو ينهيه. نحن نطالب بتغيير واقعنا الأليم فقط لا غير».
ورد على منتقديه متسائلاً: «هل تملك الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان خطة لمحاربة إسرائيل؟ هل يستخدم السلاح الفلسطيني الموجود في المخيمات لتحرير فلسطين أم لنتقاتل فيما بيننا؟ نحن كمجموعة ناشطة ندعو إلى تقييم الوضع الفلسطيني في لبنان، من خلال اجتماعات مع القيادات لنعرض مطالبنا. ولا نخفي شيئاً. ولا لزوم لاختلاق الشائعات. ولا عداء لدينا مع أي فصيل من الفصائل أو جمعية أو حزب. فنحن خرجنا بمشروعنا من معاناة شعبنا ودرسنا أوضاعنا، فلم نجد إلا صيغة اللجوء الإنساني، وحاضرون لمناقشة هذه الصيغة».
ويقول الناشط الفلسطيني، لطيف علي، لـ«الشرق الأوسط»: «من يريد تحرير فلسطين، كيف يستطيع ذلك إن لم يكن يملك طعاماً؟ نحن لا نتهرب، ولكن افتحوا لنا الحدود لنهجم. وبالانتظار. لأولادنا الحق في حياة كالبشر». وأضاف: «لم نتخلَّ عن فلسطين؛ لكن في دولة تمنحنا حقوقنا سنكون قادرين على خدمة قضيتنا أكثر بكثير مما يمكن أن نقوم به في لبنان».
وأشار عقل إلى أن حملته تسعى إلى «نصب خيمة عند المدخل الأساسي لـ(الأونروا) كمركز لنا. وقد أخاف هذا المسعى كثيرين، فبدأت الحرب علينا، من (الأونروا) أولاً ومن الفصائل ثانياً؛ لكننا مصرون ومتفائلون بأن بالإمكان تحقيق مطلبنا؛ لأن السفارات التي تواصلنا معها أبلغتنا أن لا مانع لدولها من استقبالنا عندما تنتقل ملفاتنا من (الأونروا) إلى المفوضية، كما غيرنا من طالبي اللجوء. وحاول بعض الاعتباطيين أن يخربوا مسعانا؛ لكننا نستمد قوتنا من الناس المؤمنين بأن التغيير هو سبيل نجاتهم، من خلال قرار للأمم المتحدة ينهي معاناتهم المتفاقمة».
وأكد أن «الهيئة تلقت أكثر من 12 ألف طلب لأسر تريد اللجوء الإنساني، أي ما يفوق 73 ألف فلسطيني يريدون مغادرة لبنان. ومطلبنا بعيد عن السياسة والبروباغندا. نحن نعيش في وضع يرثى له، ونطالب بتغييره».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.