أكراد سوريا يناشدون مجلس الأمن حماية «وجودهم التاريخي»

TT

أكراد سوريا يناشدون مجلس الأمن حماية «وجودهم التاريخي»

ناشد قادة أكراد سوريون الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحمل مسؤولياتها تجاه سكان شرق الفرات، وحمايتهم من التهديدات التركية التي تستهدف «وجودهم التاريخي على أرضهم»، بحسب بيان «مجلس سوريا الديمقراطية»، الجناح السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية، المنشور يوم أمس على حسابه الرسمي.
وأكد البيان أن «أي اعتداء تركي سيؤدي إلى كارثة إنسانية، وموجة نزوح كبيرة لأبناء المنطقة الآمنين، وسيترك آثاراً بالغة الجدية على صعيد محاربة الإرهاب، كما أنه سيؤثر بشكل عميق على تعقيد الوضع السياسي، والمساعي الدولية لإنهاء الأزمة».
وانتقد البيان تخاذل المجتمع الدولي باتخاذ مواقف صارمة، وموافقة البيت الأبيض على «احتلال تركيا لمناطق شمال وشمال شرق» سوريا، وسحب قواته العسكرية، والتخلي عن مسؤولياته، موضحاً: «نرفض بأشد العبارات المخططات التركية لاحتلال المنطقة، وندعو المجتمع الدولي للوقوف بجدية أمام هذا التطور الخطير، ونؤكد أن قرار البيت الأبيض بهذا الخصوص يقوض كل جهود الحرب على (داعش)». وقالت أمينة عمر، الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية، تركيا تهدد بضرب مناطقنا، وبذلك ستقوض جهود محاربة الإرهاب، كونها تستهدف مكونات المنطقة الأصيلة، إذ قامت بتهجير السكان الأصليين في المناطق التي احتلتها». وبدلاً من قيام المجتمع الدولي باتخاذ مواقف صارمة، وافق البيت الأبيض على احتلال تركيا لشمال وشرق سوريا، وسحب قواته العسكرية، والتخلي عن مسؤولياته في الحرب على الإرهاب، بحسب المسؤولة الكردية أمينة عمر التي تزيد: «واشنطن تركت المنطقة مفتوحة على احتمالات خطيرة ستترك آثاراً بالغة الجدية في محاربة الإرهاب، وستؤثر على المساعي الدولية لإنهاء الأزمة وحلها سياسياً، وستؤدي لزيادة تعقيد المشهد، ودفع أطراف إقليمية لزيادة حضورها».
ويخشى مسؤولو الإدارة الذاتية الكردية من أن يساهم أي هجوم تركي في إعادة انتعاش تنظيم داعش الإرهابي الذي ما زال يتحرك عبر خلايا نائمة تابعة له. وتحتجز «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها العسكرية، عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات، من بينهم ألف مسلح أجنبي ينحدر من 50 جنسية غربية وعربية.
وتابعت أمينة عمر حديثها، لتقول: «إذا نفذ إردوغان تهديده، فإن المنطقة ستكون بين لهيب من النار ونشر الفوضى التي لا تحمد عقباها، وسيكون من الصعوبة السيطرة على مخيم الهول، وستكون فرصة لتنظيم داعش لترتيب أوراقه».
والمنطقة المعرضة للهجوم التركي تمتد بين مدينتي راس العين وتل أبيض التابعة لمحافظة الرقة، وتقع شرق نهر الفرات، وتحاذي الحدود مع تركيا. وقد خرج الآلاف من أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في مظاهرات وتجمعات أمام قواعد التحالف الدولي بالمنطقة، ومقر الأمم المتحدة، احتجاجاً على التهديدات التركية، والموافقة الأميركية على الهجوم العسكري. وتقدمت الاحتجاجات أمهات وذوو المقاتلين الذين قُتلوا في المعارك خلال العامين الماضيين ضد تنظيم داعش شمال شرقي سوريا، ورفعوا صورهم ولافتات تطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بحماية دولية.
وحذر آلدار خليل، مهندس الإدارة الذاتية التي تدير معظم شمال وشرق سوريا، من التهديد التركي، وقال: «قد تكون بوابة لاقتطاع هذا الجزء من سوريا، فالإدارة لا تريد سلخها من سوريا، كما لا نريد أن تحتل تركيا هذه المنطقة، فهذه النقاط ذات حساسية بالغة لدينا»، ونقل حرصهم على أن تبقى هذه المنطقة جزءاً أساسياً من الأراضي السورية يخضع لسيادة سوريا، وحل كل القضايا العالقة داخلياً بين أبناء البلد الواحد، مشيراً إلى أن الاتفاق التركي - الأميركي الأخير جاء عوضاً عن غياب الحوار السوري - السوري، وأخبر قائلاً: «تركيا تحتل الباب وجرابلس وأعزاز، وأخيراً عفرين، وهي تريد توسيع مناطق نفوذها، وتطبيق الميثاق الملي، وإعادة أمجاد السلطنة العثمانية»، على حد تعبيره، منوهاً بأنهم لا يريدون حرباً، ولكن في حالة حدوثها «سنقاوم، وستدافع شعوب ومكونات المنطقة عن نفسها، وهذا حق مشروع»، وحث الجهود الدبلوماسية لمنع حدوث الحرب.
وحذر خليل من تبعات الهجوم التركي المحتمل، فالإدارة الذاتية تحتجز أكثر من 10 آلاف مقاتل يشتبه بانتمائه للتنظيم المتطرف مع عوائلهم، ويبلغ عددهم نحو 3500 امرأة وطفلها مهاجرين من دول غربية وعربية، وقال: «قد تخلق فرصة لإحياء (داعش).
فإذا بدأت الحرب، ستركز قوات (قسد) على خطوط الجبهة الأمامية، ويصعب السيطرة على معتقلي التنظيم بالسجون، أو أسرهم بالمخيمات، فأمن المنطقة والعالم برمته بخطر كبير».
وأخلى يوم أمس الجنود الأميركيون قاعدة عسكرية في قرية «بير عاشق»، قرب مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، كما انسحبوا من قاعدته العسكرية في منطقة «تل أرقم»، قرب مدينة رأس العين، شمال الحسكة، بالتزامن مع إعلان تركيا نيتها بدء هجوم عسكري في أي لحظة.
وقبل عام ونصف العام، شعرت «قوات سوريا الديمقراطية» بأن روسيا خذلتها في الدفاع عن مدينة عفرين الكردية، بريف حلب الشمالي. واليوم، تشعر بالخذلان نفسه من موقف الولايات المتحدة الأميركية التي تعهدت مراراً بالدفاع عنهم، فهذه القوات لعبت دور رأس الحربة والشريك الرئيسي لواشنطن ودول التحالف الدولي في القتال ضد تنظيم داعش المتطرف، لكن تركيا تنظر بعين الريبة إلى مقاتلي «الوحدات»، وصلتها بـ«حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً عسكرياً منذ 4 عقود، راح ضحيته أكثر من 40 ألفاً.
ولفت خليل إلى أنهم اعتمدوا في مشروع الإدارة على «الإرادة الجماهيرية لشعبنا. وكرسنا قيم العيش المشترك، والتآخي بين جميع المكونات، عرباً وكرداً وسرياناً وآشوريين وتركماناً وأرمناً، وإرادة الشعب وإصراره على العيش بكرامة في سوريا حرة من أي احتلال»، وقال: «قمنا بكل ما تستدعيه ضرورات الدبلوماسية لحل الخلاف مع تركيا، وكان آخرها تطبيق اتفاق (الآلية الأمنية) الذي عبر عن الإرادة الحقيقية للإدارة الذاتية و(قوات سوريا الديمقراطية) لإحلال السلام في المنطقة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.