موسكو تتوقع «صدمة نفطية» في مشروع ميزانيتها للأعوام الثلاثة المقبلة

موسكو تتوقع «صدمة نفطية» في مشروع ميزانيتها للأعوام الثلاثة المقبلة
TT

موسكو تتوقع «صدمة نفطية» في مشروع ميزانيتها للأعوام الثلاثة المقبلة

موسكو تتوقع «صدمة نفطية» في مشروع ميزانيتها للأعوام الثلاثة المقبلة

في صياغتها مشروع الميزانية للسنوات القادمة (2020 - 2022) اعتمدت الحكومة الروسية عدة سيناريوهات، يقوم كل منها على توقعات محددة لسعر النفط في السوق العالمية، بما في ذلك توقعات بانهيار سعر ماركة «أورالز» حتى 10 دولارات للبرميل، ضمن «سيناريو الصدمة».
والصدمة النفطية تعرف بانهيار الأسعار لمستويات متدنية، نتيجة عوامل لا تعتمد على العرض والطلب، وتفوق الإجراءات التي يتخذها منتجو النفط.
وقالت الحكومة إن الهدف من ذلك تحديد خسائر الميزانية، مؤكدة أنها لا ترى الآن أي مخاطر للميزانية مصدرها تقلبات سعر الخام في السوق العالمية. وركزت في توقعات مرفقة بنص الميزانية على قضايا أخرى حساسة بالنسبة للاقتصاد الروسي في هذه المرحلة، وفي مقدمتها الدخل الحقيقي للمواطنين. كما لم تستبعد ركود الاقتصاد الروسي؛ لكنها حصرت أسبابه في العوامل الخارجية، وتحديداً في احتمال تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.
وكانت وزارة المالية الروسية قد طرحت مشروع الميزانية للسنوات القادمة على البرلمان نهاية الأسبوع الماضي. ووفق تسريبات حصلت عليها، ونشرتها صحف روسية، يقوم المشروع على عدة سيناريوهات، كما جرت العادة. في السيناريو الأول، الأساسي، تم وضع فقرات الميزانية انطلاقاً من توقعات بتراجع سعر ماركة «أورالز» من 62 - 63 دولاراً للبرميل عام 2019، حتى 57 دولاراً عام 2020، ومن ثم حتى 53 دولاراً للبرميل بحلول عام 2024. وفي السيناريو المحافظ، الأقل تفاؤلاً، تتوقع الوزارة هبوط السعر حتى 42.5 دولار للبرميل عام 2020، على أن يصعد بعد ذلك تدريجياً حتى 45.9 دولار بحلول عام 2024.
علاوة على ما سبق، ذهبت وزارة المالية الروسية إلى عرض توقعاتها في حال انهار سعر النفط حتى 10 دولارات للبرميل، وتشكل عملياً «سيناريو صدمة في أسواق النفط». وحسب صحيفة «إزفيستيا»، جاءت تلك التوقعات ضمن التوجهات الرئيسية للميزانية في سياسة التعريفة الضريبية والجمركية لعام 2020، والخطة لمرحلة عامي 2021 - 2022. وتقول الوزارة في توقعاتها تلك أن الخزانة لن تحصل نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على شكل عائدات مبيعات الطاقة في العام الأول من هبوط النفط حتى 10 دولارات للبرميل. وإذا لم تعد الأسعار للصعود مجدداً، وبقيت عند هذا المؤشر على مدار عشر سنوات، فإن الخزانة ستفقد خلال المرحلة كلها إيرادات تعادل قيمتها 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
في توضيحها الأسباب التي دفعتها لوضع توقعات «سيناريو الصدمة» في أسواق النفط، وإلى أي مدى ترى أن مثل هذا السيناريو ممكن، قالت وزارة المالية لصحيفة «إزفيستيا»، إن تلك المعايير والمؤشرات ليست توقعات، وإنما «محاولة لتقدير حجم الدخل الذي سنخسره في ظروف مختلفة». مؤكدة: «لا نرى الآن أي مخاطر للميزانية مرتبطة بتقلبات أسعار النفط». وترى الوزارة أن «حالة الصدمة» الأقرب للواقع بالنسبة للميزانية تكون عندما يتراجع النفط حتى 40 دولاراً للبرميل، ونتيجة مثل هذا الوضع في سوق النفط ستكون خسائر الخزانة بقيمة «صفر».
رغم ذلك لا تستبعد الحكومة الروسية «السيناريوهات السلبية» في السوق، وهو ما تؤكده «تعليقات» وزارة المالية المرفقة بتقديراتها لتطور الوضع في حال «صدمة في أسواق النفط»، والتي تؤكد فيها أن «وفرة ما يكفي من الأصول السائلة في صندوق الرفاهة الوطني، تشكل ضامناً لتنفيذ الدولة جميع التزاماتها، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي».
وكانت هناك «وثائق» أخرى مرفقة بمشروع الميزانية للسنوات القادمة، بينها وثيقة تناولت الدخل الحقيقي للمواطنين، أعدتها وزارة المالية، وأشارت فيها إلى أن «نمو الأجور الشهرية حصيلة العام الجاري يبقى عند المستوى المتوقع بمعدل 1.5 في المائة»، وفي الوقت ذاته «تبقى دينامية الدخل الحقيقي للمواطنين سلبية، على الرغم من دينامية نمو الأجور الشهرية»، وعزت تراجع دخل المواطنين بمعدل 1.3 في المائة في النصف الأول من العام الجاري إلى «المساهمة السلبية للمدفوعات، بما في ذلك (مدفوعات المواطنين لتسديد) الفوائد عن القروض»، وتوقعت أن يستمر تأثير المدفوعات عن القروض، و«نتيجة ذلك يبقى نمو دخل المواطنين حصيلة عام 2019 عند مستوى العام الماضي، بمعدل 0.1 في المائة».
من جانبها قالت وزارة الاقتصاد، في توقعات التطور الاقتصادي لسنوات 2020 - 2022، المرفقة بنص مشروع الميزانية للمرحلة ذاتها، إن «تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي أدنى من 2 في المائة، تشكل المصدر الرئيسي للمخاطر على التطور الاقتصادي - الاجتماعي لروسيا، حتى عام 2024».
ووفق تقديرات الوزارة، فإن سياسة الاقتصاد الكلي الحالية تساعد على تجنب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بالقيمة الحقيقة، إذا تباطأ نمو الاقتصاد العالمي حتى 2 في المائة، وانخفضت أسعار النفط حتى 40 دولاراً للبرميل. وتحذر من أن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي دون 2 في المائة قد يؤدي إلى ركود الاقتصاد الروسي. وفي الوقت نفسه تقول الوزارة: «في ظل استقرار الوضع في الاقتصاد العالمي، وعدم تدهور مستوى الاحتياطيات المتراكمة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الهند والصين، سيتمكن الاقتصاد الروسي من العودة بسرعة إلى النمو».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».