لم تفلح المساعي الأميركية بتسيير دوريات مشتركة مع القوات التركية في ثني تركيا عن حشد قواتها قرب الحدود السورية المتاخمة لمناطق سيطرة «الوحدات» الكردية، لفرض ما سمته «منطقة آمنة»، غير أن الرئيس المشترك للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عبد حامد المهباش، حذر من الهجوم التركي الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، ونزوح ملايين المدنيين.
ومن مكتبه، ببلدة عين عيسى، الواقعة شمال غربي مدينة الرقة، قال المهباش لـ«الشرق الأوسط» إن «أي هجوم سيخدم الإرهاب، وستكون فرصة ذهبية لتنظيم داعش لإعادة تنظيم نفسه للسيطرة على مساحات واسعة، كما سيتسبب بهجرة الملايين من أبناء المنطقة، وستكون كارثة إنسانية لا يحمد عقباها».
وتوصلت الولايات المتحدة وتركيا في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى إنشاء «منطقة آمنة» في شمال شرقي سوريا، على الحدود المتاخمة لتركيا، بهدف إبعاد مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعد العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، لكن أنقرة تتهم الولايات المتحدة، التي ساعدت «الوحدات» على إلحاق الهزيمة بـ«داعش» والقضاء على المناطق الجغرافية للتنظيم الإرهابي، بالتحرك ببطء شديد فيما يتعلق بإقامة المنطقة المزمع إنشاؤها.
وتسيطر الإدارة المدنية المُعلنة في يوليو (تموز) العام الماضي، وجناحها العسكري «قوات سوريا الديمقراطية»، على مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، تشكل ثلث الأراضي السورية. ويقول عبد المهباش إن الإدارة التزمت ببنود (الآلية الأمنية) التي تم الاتفاق عليها بين أميركيا وتركيا كافة، وسحبت جميع المبررات لأي احتلال تركي جديد في سوريا، على غرار احتلال مدن عفرين وجرابلس وأعزاز والباب.
وكانت «الوحدات» الكردية قد انسحبت في نهاية أغسطس (آب) الماضي من مواقع قريبة من الحدود التركية، وقام جنود أتراك وأميركيون بتسيير 3 دوريات مشتركة، كان آخرها قبل يومين، إلى جانب طلعات جوية، بهدف التأكد من إزالة تحصينات «الوحدات»، وانسحابها من المواقع، وتسليمها للمجالس العسكرية المشكلة من أبناء المنطقة، برعاية التحالف الدولي.
وقال المهباش: «إذا شنت تركيا هجوماً، ستزيد من تعقد أزمة معقدة أصلاً، وسيكون لها تداعيات كارثية على المنطقة برمتها»، وناشد الأمم المتحدة ودول مجلس الأمن والجهات الإقليمية الفاعلة بالملف السوري الضغط على تركيا لمنعها من القيام بأي عدوان، وأضاف: «نطالب هذه الدول والجهات باتخاذ مواقف تحد من الخطر التركي، وتجنب المنطقة حالة حرب مدمرة».
وعند سؤاله عن ردود فعل الإدارة الذاتية، في حال قيام تركيا بتنفيذ تهديداتها، شدد على أنه: «ليس أمامنا إلا أن نمارس حقنا المشروع بالدفاع عن أرضنا، ومختلف مكونات شعبنا، بما نمتلكه من قوة وإصرار وإرادة».
واتهم الرئيس المشترك للإدارة الذاتية تركيا بضرب المشروع المدني الذي يدير مناطق شرق الفرات، قائلاً: «مشروعنا مشروع وطني بامتياز، يؤمن بوحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادة أراضيها»، منوهاً بأن القوات العسكرية، وأبناء مكونات المنطقة، حاربت الإرهاب، وانتصرت عليه، وقدمت آلاف الشهداء والجرحى، وأن أي عملية سياسية لا يتم إشراكهم فيها، سواء صياغة دستور أو أي اتفاقيات، ستكون عملية منقوصة، ولن يكتب لها النجاح، لافتاً إلى أن تركيا لم تتوقف عن تهديداتها بضرب استقرار المنطقة.
وتابع قائلاً إن تركيا «لديها أهداف ومشاريع احتلال، وفي مقدمتها ضرب المشروع الديمقراطي»، لافتاً إلى «إننا لم نقبل بأي محاولة لتقسيم سوريا، أو تفتيت وحدتها المجتمعية، ولم نهدد أمن واستقرار دول الجوار؛ بالعكس: حافظنا على حسن الجوار».
وعد الرئيس المشترك للإدارة الذاتية أن خطورة تنظيم داعش تكمن في 3 نقاط رئيسية: «أولها أن التنظيم، وعبر خلاياه النائمة، يهدد أمن المنطقة، وينفذ عمليات إرهابية؛ وثانيها العدد الكبير من محتجزي التنظيم في سجون الإدارة، الذي يتجاوز 10 آلاف متطرف، بينهم ألف عنصر ينحدرون من دول غربية وعربية». وأخيراً «وجود أكثر من 70 ألفاً من عوائل التنظيم في المخيمات، منهم 4 آلاف من المهاجرات مع أطفالهن الذين كان أغلبهم في صفوف (أشبال الخلافة)، ويشكلون خطراً حقيقاً. وفي حال تعرضت المنطقة للحرب، فإن هؤلاء جميعاً قنبلة موقوتة تهدد أمن العالم بأسره».
رئيس الإدارة المدنية لـ«شمال وشرق» سوريا يناشد العالم الضغط على تركيا
رئيس الإدارة المدنية لـ«شمال وشرق» سوريا يناشد العالم الضغط على تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة