صحافة الهواتف... سرعة التفاعل مع المتلقي

صحافة الهواتف... سرعة التفاعل مع المتلقي
TT

صحافة الهواتف... سرعة التفاعل مع المتلقي

صحافة الهواتف... سرعة التفاعل مع المتلقي

بات عدد كبير من الصحافيين في مصر والعالم العربي، يعتمدون بشكل واسع ورئيسي على صحافة الهواتف الجوالة (المحمولة)، وذلك لسهولة بث ونقل الأحداث فور وقوعها من موقع الحدث، وتحقيق السبق الصحافي بذلك. وأكد صحافيون مصريون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» أن «كاميرات الهواتف الجوالة تتيح التقاط صور وفيديوهات احترافية بجودة عالية»، لافتين إلى أن «الإقبال على صحافة الجوال في ازدياد».
وقبل عام كشف المخرج الأميركي ستيفن سودربرغ عن فيلمه «الجنون» الذي صور بالكامل باستخدام الهاتف الجوال فقط، وحين سأل أحد الصحافيين المخرج عن سبب لجوئه للجوال بعيداً عن الإمكانات غير المحدودة للكاميرات الاحترافية الأخرى، أجاب دون تردد: «أرى في كاميرات الجوال - التي تتطور يوماً بعد آخر - مستقبل التصوير السينمائي».
وقد سبقت الصحافة السينما بسنوات في اكتشاف الإمكانات المتنامية للهاتف الجوال؛ حيث استفاد الصحافيون من قدرة هواتفهم في إعداد مواد صحافية قابلة للنشر، فيما عرف بصحافة الجوال «الموجو»، وذلك منذ التسعينات من القرن الماضي، حين بدأت وكالات الأنباء في نقل المادة الصحافية وتحريرها بالجوال، سواء كانت صورة، أو نصاً، أو فيديو.
ويشار إلى أنه في الوطن العربي تأخر الانتباه لصحافة الجوال كثيراً، بينما زاد الإقبال على تعلمها، والعمل بها خلال العامين الماضيين. وأكد أسامة الديب، وهو مدرب صحافة الجوال، رئيس قسم الوسائط المتعددة بموقع «مصراوي» في مصر، «إقبال الصحافيين على صحافة الجوال لسهولة بث ونقل الأحداث فور وقوعها من موقع الحدث، وتحقيق السبق الصحافي بذلك، فضلاً عن العامل الاقتصادي؛ حيث تتيح كاميرات الجوال التقاط صور وفيديوهات احترافية بجودة عالية، بينما لا يتعدى ثمنها ربع ثمن مثيلتها من الكاميرات الاحترافية، إضافة إلى سهولة مونتاج الفيديوهات على الجوال نفسه، دون الحاجة إلى وحدات مونتاج باهظة التكاليف».
ويرى الديب، الذي يشارك في تدريس مادة صحافة الجوال، في أول دبلومة معتمدة عبر الإنترنت لتدريس الصحافة الرقمية في الشرق الأوسط، والمقدمة من قبل مركز «كمال أدهم للصحافة» التابع للجامعة الأميركية بالقاهرة، أن «صحافة الهاتف هي صحافة المستقبل، وأبرز دليل على ذلك هو أن أشهر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، تم تصويرها بالهاتف الجوال، بعضها من قبل مواطنين غير متخصصين، بينما باتت تتيح أغلب القنوات العالمية بث الأخبار بالهواتف الجوال؛ خصوصاً في مناطق النزاعات».
أما الصحافي محمد فوزي بمجلة «7 أيام» المصرية، فيرى في صحافة الجوال «طريقاً أسرع للتفاعل مع المتلقي؛ حيث يمكن أن تعكس حجم المشاهدة على الموقع فور بث المادة الصحافية، إضافة إلى تكلفتها الرخيصة بالمقارنة بجودة المنتج المقدم، كما أنه يسهل تعلمها، وتزيد من مهارات الصحافي وقدرته على سرد القصة الصحافية بطريقة إبداعية».
وبسبب الاستخدام المتزايد لصحافة الجوال من قبل الصحافيين المصريين والعرب، باتت المعدات الخاصة بتحويل الهواتف إلى كاميرات احترافية متاحة بشكل كبير؛ حيث يمكن الحصول على حامل خاص بالجوال لا يتعدى ثمنه 50 جنيهاً (الدولار يساوي 16.3 جنيه)، بينما يبدأ سعر الميكروفون الاحترافي من 300 جنيه، أما العدسات التي تزيد من قدرة الهاتف، ووحدات الإضاءة، فما زالت غير متوفرة على نطاق واسع.
التطبيقات الخاصة بصحافة الجوال تشكل بعض الصعوبات أيضاً، فبعضها يحتاج إلى رسوم شهرية، والبعض الآخر يحتاج إلى مساحة متوفرة في الهاتف، وهو الأمر الذي يتطلب شراء هاتف جوال بمساحة تخزين مناسبة.
ويعد الاهتمام بالتدريب على صحافة الجوال أمراً أساسياً بالنسبة للصحافيين، وترى الصحافية سوزان عبد الغني، في صحافة الجوال مهارة ضرورية لتنمية قدرتها على سرعة النقل والبث من مكان الحدث، للتماشي مع الإيقاع السريع لعصر المعلومات غير المحدودة عبر الإنترنت.
وتعد جائزة صحافة الجوال السنوية التابعة لمؤسسة «طومسون رويترز» واحدة من أهم الجوائز الصحافية المتخصصة في هذا المجال؛ حيث تشترط المسابقة الدولية أن يكون الفيديو المقدم تم إعداده بالكامل باستخدام الجوال فقط، على أن يكون عملاً فردياً... وخلال الثلاث سنوات الماضية وصل ثلاثة مصريين لمراكز متقدمة للجائزة، من بينهم الصحافية علياء أبو شهبة، بصحيفة «روز اليوسف» المصرية، بتقريرها الأول الذي أنتجته بالكامل بواسطة الهاتف الجوال.
وتقول علياء إنها «عقب حصولها على دورة تدريبية حول صحافة الجوال، قررت إنتاج تقرير بواسطة الهاتف، وكانت في البداية تشعر بعدم الثقة في قدرات هاتفها على إتمام القصة بجودة جيدة؛ لكن النتيجة النهائية كانت مرضية بالنسبة لها».
أكثر ما واجهته علياء من عقبات تمثل في عدم اقتناع المصادر بالهاتف الجوال كبديل عن الكاميرات الاحترافية، إضافة إلى صعوبات واجهتها خلال التصوير ليلاً بواسطة الهاتف، واضطرارها إلى التوقف المؤقت لإعادة شحن الهاتف. بينما تتابع علياء المستجدات الدائمة في صحافة الجوال، لتطوير فعالية استخدام هاتفها في العمل الصحافي.



«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».