تسيير ثالث دورية أميركية ـ تركية شرق الفرات

استمرار التباين حول المنطقة الآمنة

دورية اميركية - تركية في ريف تل ابيض شمال شرقي سوريا امس. ( أ.ف.ب)
دورية اميركية - تركية في ريف تل ابيض شمال شرقي سوريا امس. ( أ.ف.ب)
TT

تسيير ثالث دورية أميركية ـ تركية شرق الفرات

دورية اميركية - تركية في ريف تل ابيض شمال شرقي سوريا امس. ( أ.ف.ب)
دورية اميركية - تركية في ريف تل ابيض شمال شرقي سوريا امس. ( أ.ف.ب)

سيرت القوات التركية والأميركية الدورية العسكرية الثالثة في مناطق شرق الفرات في سوريا، في إطار المرحلة الأولى لاتفاق المنطقة الآمنة.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (الجمعة)، إن عسكريين من الجانبين التركي والأميركي سيروا الدورية الثالثة في المنطقة الواقعة شرق مدينة تل أبيض، على الحدود الشمالية لسوريا، وإن الدورية رافقها تحليق لطائرات مسيرة في أجواء شمال سوريا.
وجاءت الدورية بعد ساعات من اتصال هاتفي، ليل الخميس - الجمعة، بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ونظيره الأميركي مارك إسبر، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن أكار أبلغه فيه عزم تركيا على إنهاء العمل مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بإقامة المنطقة الآمنة، المقترحة، في شمال شرقي سوريا، إذا تلكأت واشنطن في تنفيذ الاتفاق المتعلق بهذا الأمر.
وبحسب البيان، أبلغ أكار نظيره الأميركي بأن تركيا تسعى لإقامة منطقة آمنة بعمق نحو 30 كيلومتراً في الأراضي السورية إلى الشرق من نهر الفرات، ودعا واشنطن لوقف دعمها تماماً لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا «منظمة إرهابية».
وأضاف البيان أن أكار أكد أن تركيا لن تسمح بإنشاء «ممر إرهابي» قرب حدودها الجنوبية، موضحا أن المنطقة الآمنة ستوفر الأمن والاستقرار ليس فقط لتركيا، بل للذين يعيشون في المنطقة من الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين والمسيحيين وغيرهم من الجماعات الدينية والعرقية، وأن بلاده تهدف إلى تطهير المنطقة من جميع التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و(الوحدات الكردية) وإنشاء «ممر سلام» لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى أرضهم ووطنهم. مطالبة بأن توقف واشنطن دعمها بالسلاح والذخيرة للوحدات الكردية.
وتواصل أنقرة وواشنطن خطوات المرحلة الأولى لتنفيذ المنطقة الآمنة على الحدود الشمالية لسوريا، بعد الاتفاق على إنشائها، في 7 أغسطس (آب) الماضي، خلال مباحثات لوفدين عسكريين تركي وأميركي في أنقرة. وإلى جانب الدوريات البرية الثلاث المشتركة، نفذ الجانبان 6 طلعات جوية مشتركة.
وتبدي أنقرة عدم رضاها بشأن الخطوات المتخذة على صعيد تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أول من أمس، إن تركيا لا تعتقد أن جهودها مع الولايات المتحدة لإقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا تحقق النتائج المرجوة، معرباً عن استعداد الجيش التركي لشن عملية عسكرية، مضيفا أنه يتعين اتخاذ خطوات لطرد «المنظمات الإرهابية» من المناطق المتاخمة للحدود التركية (في إشارة إلى الوحدات الكردية)، وإعادة النازحين إلى هناك.
وحتى الآن لا تزال حدود المنطقة الآمنة غير معروفة وسط تباين في مواقف الجانبين التركي والأميركي بشأن عمق وعرض المنطقة وبقاء الوحدات الكردية في شرق الفرات.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي، إن تركيا لم يعد بمقدورها الانتظار «ولو ليوم واحد»، وليس لديها خيار سوى الاستمرار في طريقها، في إشارة إلى العملية العسكرية في شرق الفرات.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم رئاسة الأركان الأميركية، باتريك ريدر، إن بلاده وتركيا تواصلان تطبيق «الآلية الأمنية» في شمال سوريا، وإن البلدين يواصلان تحقيق تقدم في هذا الشأن.
وأضاف ريدر، في مؤتمر صحافي مشترك الليلة قبل الماضية مع متحدث وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، جوناثون هوفمان، ردا على استفسارات حول احتمال قيام تركيا بعملية عسكرية في مناطق شمال شرقي سوريا، بداعي عدم تلبية مطالبها بشأن المنطقة الآمنة، إن القوات التركية والأميركية أجرت حتى الآن 7 دوريات جوية، ودوريتين بريتين (قبل دورية أمس) في مناطق شرق الفرات، وإن الجانبين يخططان لمزيد من الدوريات في الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية تواصل إزالة مواقعها في المنطقة، مشيرا إلى أن أنقرة وواشنطن تتعاونان أيضا للحيلولة دون ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي مجددا في المنطقة، مضيفا: «الجانب الأميركي يؤمن بأن سبيل النجاح، هو مواصلة الحوار والعمل المنسق بين أنقرة وواشنطن».
وعن موعد إخراج مقاتلي الوحدات الكردية من جميع مناطق شرق الفرات، قال ريدر: «أنقرة وواشنطن اتفقتا على العمل المشترك في مساحة جغرافية محددة، وأعلم أن هناك حوارا مستمرا بين الطرفين، وإن حصل أي تطور يستدعي الكشف عنه مستقبلا، فسنعلن عنه».
من جانبه، قال قائد القوات الأميركية في أوروبا، الجنرال تود وولتير، إن الجانبين التركي والأميركي نفذا إلى الآن 9 دوريات برية وجوية في إطار المساعي الرامية لتأسيس تلك المنطقة.
وأضاف، في تصريحات أمس، أن تلك الدوريات كانت فعّالة للغاية، وأنها كانت تهدف للاطلاع على الوضع الميداني في المناطق التي ستقام فيها المنطقة الآمنة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».