مصريون يأملون في خفض الأسعار عقب تعريفة جديدة للوقود

ينتظرون تطبيقها على سيارات الأجرة في ظل رقابة حاسمة

TT

مصريون يأملون في خفض الأسعار عقب تعريفة جديدة للوقود

حالة من التفاؤل يعيشها غالبية المصريين، بدأت نذرها أمس (الجمعة)، مع التداعيات العملية لقرار خفض أسعار الوقود، على أمل وجود رقابة حاسمة لخفض أسعار المواصلات، التي تمثل احتياجاً يومياً لقطاع كبير منهم. عبر عن هذه الحالة محمد عبد الحميد (أربعيني)، وهو مواطن بسيط يقطن بضاحية الشرابية الشعبية القريبة من ميدان رمسيس، وهو يسأل سائق «التوك توك» عن الأجرة، فوجدها مثل الأيام السابقة، وحينما طالب عبد الحميد السائق، وهو غاضب، بخفض الأجرة، رفض السائق. وقال له في تهجم: «اللي بيغلى مش بيرخص تاني يا أستاذ».
وأعلنت الحكومة المصرية تطبيق خفض سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة في السوق المحلية، مع الساعات الأولى أمس، بمعدل 25 قرشاً للتر، ليصبح 6.5 جنيه لبنزين 80. و7.75 جنيه لبنزين 92، و8.75 جنيه لبنزين 95... كما قررت خفض سعر طن المازوت للاستخدامات الصناعية بمعدل 250 جنيهاً ليصبح 4250 جنيها، وخفض سعر الغاز المحلي لمصانع الإسمنت والسيراميك والصناعات المعدنية.
وذكرت وزارة البترول المصرية في بيان بثته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، أن «القرار يأتي في ضوء انخفاض سعر برميل برنت في السوق العالمية، خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) الماضي، ليبلغ في المتوسط نحو 62 دولاراً للبرميل، وانخفاض قيمة الدولار أمام الجنيه لتحقق في المتوسط نحو 16.60 جنيه للدولار خلال الفترة نفسها».
وكانت الحكومة رفعت أسعار الوقود خمس مرات، منذ أن وقعت برنامجاً للإصلاح الاقتصادي مدته ثلاث سنوات مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وكان آخرها في يوليو الماضي، بنسب تتراوح بين 16 في المائة و30 في المائة في بعض المنتجات، وهو ما رفع معظم أسعار الطاقة إلى المستويات الدولية.
عبد الحميد اعتاد أن يركب «التوك توك»، وهي الوسيلة الشعبية في أغلب المناطق بمصر، مرتين في اليوم، في كل مرة بـ«10 جنيهات»؛ لكنه توقع أمس أن تنخفض إلى «8 جنيهات»؛ لكن هذا لم يحدث. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «من المفترض أن يتم خفض أسعار المواصلات (التوك توك، والتاكسي، وسيارات الأجرة)، حيث إن هذه الوسائل تعتمد على البنزين، وأيضاً خفض أسعار بعض السلع في المصانع، بعد خفض سعر طن المازوت مع البنزين، خاصة أن كثيرا من الأسر تعتمد على سيارات الأجرة والتكاتك في انتقالات أبنائها يومياً للمدارس».
وحاولت أجهزة محلية، أمس، طمأنة المواطنين، بوجود حملات رقابية لتطبيق التعريفة الجديدة، إذ يظهر الأثر الفوري على أسعار زيادة أو خفض المحروقات، في تعريفة ركوب السيارات الأجرة (التي تعتمد على البنزين)، والميكروباص (التي تعتمد على السولار). ولمح مصدر محلي إلى أنه «سيكون هناك رقابة على محطات البنزين، وفي الشوارع، لمراقبة تخفيض أسعار تعريفة الركوب، خاصة لسيارات الأجرة».
عبد الحميد، لديه 3 أولاد، يأمل مع أول يوم عمل رسمي في مصر، الاثنين المقبل، (حيث الأحد إجازة رسمية بمناسبة انتصارات أكتوبر (تشرين الأول)، بأن تكون هناك أخبار سارة، ويتم إجبار أصحاب سيارات الأجرة، والتكاتك، على خفض الأسعار، وأيضاً خفض أسعار بعض السلع.
المشهد أمس كان مختلفاً مع سيارات الأجرة. وأكد نور محمد، وهو سائق سيارة أجرة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع لم يختلف كثيراً أمس، في أسعار الركوب حتى بعد خفض الأسعار»؛ لكنه قال: «أصبح هناك مرونة في طلب الأجرة من الركاب، لو منحني مبلغا أقل، بمعنى (دي تشيل دي)، في السابق، كنت أشدد على كامل الأجرة؛ لكن أمس لم أفعل ذلك».
أما عمرو توفيق، الخمسيني، فكان سعيداً أمس، حيث إنه «يمتلك سيارة خاصة، لكنه كان يستغني عنها الفترة الماضية، ويستخدم مترو الأنفاق في تنقلاته، نظراً لارتفاع أسعار الوقود». توفيق يأمل أيضاً بأن «يكون هناك خفض في أسعار تعريفة المواصلات عقب القرار الأخير، وأن يكون هناك رقابة صرامة من أجهزة المحليات لتطبيقها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.