فيينا تفتح أبواب متاحفها ليلاً وتجذب الزوار بأسعار مخفضة

في ليلة المتاحف السنوية

متحف التاريخ الطبيعي بالعاصمة النمساوية
متحف التاريخ الطبيعي بالعاصمة النمساوية
TT

فيينا تفتح أبواب متاحفها ليلاً وتجذب الزوار بأسعار مخفضة

متحف التاريخ الطبيعي بالعاصمة النمساوية
متحف التاريخ الطبيعي بالعاصمة النمساوية

للمرة الـ20 على التوالي، تفتح مئات المتاحف في النمسا، اليوم السبت، أبوابها للجمهور لجولات خاصة من الساعة السادسة مساء وحتى الواحدة من صباح الغد، بسعر لا يتجاوز 16 يورو لبطاقة مشتركة تمكن صاحبها من زيارة أي عدد من المتاحف، بما في ذلك استخدام وسائل المواصلات العامة، مع تخفيض للطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة.
تشارك في تنظيم ليلة المتاحف الطويلة هيئة الإذاعة والتلفزيون المملوكة للدولة، ويتم تقديمها كأمسية ثقافية شعبية أسرية تفيض فيها كبريات المدن ومواقع المتاحف عادة بأعداد غفيرة تخرج في جولات لزيارة ما تختاره من متاحف، بعضها كبير وعالمي، وبعضها صغير، وإن كان مثيراً ومتخصصاً.
تعتبر الليلة فرصة نزهة لكثيرين ممن لا تتيح ظروف عملهم أو ظروفهم الاقتصادية زيارة هذا الكم الهائل من المتاحف، ومنها ما هو تاريخي تقليدي ضخم يعرض في قصور شاسعة كالمتاحف الحربية والعلمية والفنية والإمبراطورية والصناعية.
كما هناك متاحف صغيرة، لكنها مدهشة ومميزة، كمتحف القهوة الذي يحكي تاريخها وتاريخ البن ووسائل تقديم القهوة وأصنافها ونكهاتها، وإن كانت بحليب أو كريمة، واختلافاتها.
وللشيكولاته كذلك متحف تتوسطه نافورة تصب دون توقف لإمتاع الذواقة والمحبين من المنتج الذي يفضلونه، كما هناك فرص للشراء بأسعار مخفضة. ويحكي المتحف تطور صناعة هذه الحلوى، ويوثق لرحلات مستكشفي حبوب الكاكاو من منابعها. ولبعد المتحف هناك حافلات خاصة مجانية تسير من وسط فيينا.
ومن المتاحف المميزة، متحف التعذيب الذي يضم آلات مختلفة ووسائل تم استخدامها للتعذيب في عصور مختلفة، ولمزيد من الإثارة والتشويق يتم العرض في حجرات ضيقة وسلالم ومتعرجات، كما هناك موسيقى وصرخات ألم ومجسمات لكيف يستعبد البعض آخرين ويعذبونهم.
وهناك متحف للساعات، ومتحف القبعات، كما هناك متحف خاص بقبعات الإمبراطور فرانز جوزيف.
بل هناك متحف الاختراعات غير ذات الفائدة، ومتحف لوسائل منع الحمل، وكيف كان بعضها غريباً ومخيفاً، ويضم وسائل للإجهاض الذي لا يزال قضية تثير الجدل في النمسا، خصوصاً بين المتدينين. وللفراش في فيينا متحف ويضم أكثر من 400 نوع من أنواع الفراش.
ومع انتشار المتاحف الفنية، ومنها ما يعرض في قصور كمتحف قصر ألبرتينا، ومتحف قصر البلفدير، وغيرهما، هناك متاحف أخرى شيدت بأساليب معمارية حديثة كمتحف ليوبولد بساحة المتاحف ومتحف الفنان والمهندس النمساوي الأشهر هندرت فاسر الذي يوجد ليس بعيداً عنه متحف للأعمال الفنية المزورة، ويضم لوحات بالغة الدقة تظنها لرسامين في قامة كليمنت ورامبرانت ومونيه، لكنها نسخ رسمها مبتدئون أجادوا تقليدها.
تتميز العاصمة فيينا، على وجه الخصوص، بوجود متحف لكل منطقة من مناطقها الـ23، بالإضافة لكثير من مواقع سكن مشاهير في مجالات مختلفة تم تحويلها كمتاحف خاصة بهم، هذا بجانب ما تشتهر به المدينة من متاحف ذات شهرة واسعة كمتحف تاريخ الفنون الذي يعتبر واحداً من أجمل المتاحف عالمياً، ويعتبر مبناه تحفة معمارية تستحق المشاهدة، ناهيك عما يضم من لوحات ومجسمات وتماثيل وهدايا من مختلف أنحاء العالم جمعت مما قدم لأباطرة الهابسبرغ. ولا تزال مخازن هذا المتحف تدهش الزوار فترة بعد أخرى بالإفراج عن معروضات لم يسبق عرضها، وتقديمها بأساليب ووسائل عرض مبهرة.
ومن أحدث متاحف المدينة، متحف لصور «السيلفي» يضم 24 موقعاً مجهزاً كخلفيات لالتقاط صور «سيلفي» يمكن لملتقطها نقلها مباشرة في صفحاته بوسائل التواصل الاجتماعي مثل «سناب شات» و«فيسبوك» و«وتساب». ويهدف المتحف لربط الفن بالوسائط الاجتماعية.
ويمكن وصف هذا المتحف بـ«الجوال» أو «المتنقل»، لكونه سوف يبقى في فيينا لفترة 6 أشهر فقط، ثم ينتقل إلى مدينة أخرى، وهكذا في تجارب و«سلفيات» جديدة.
من جانبه، يعتبر مركز «فن الخط» أحدث المؤسسات التي تشارك في ليلة المتاحف الطويلة في فيينا، هذا العام، إذ لم يتجاوز عمره عاماً. ويضم المركز أعمال خطاطين نمساويين وأجانب يستخدمون الحروف الأبجدية للغات مختلفة في خلق أعمال فنية وجدت رواجاً، وتشق طريقها ضمن هذا العالم الرقمي، حيث يقل عدد من لا يزالون يكتبون بالقلم. يقدم هذا المتحف الجديد نفسه كجسر عصري لكسر الحدود بين الاختلافات اللغوية، وكبوتقة لفن جميل يركز على تنميق الحروف وصفها، وتشكيلها كلوحات وأعمال فنية، مما يساعد على التركيز وتحفيز الإبداع.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».