غوتيريش يطالب بتمديد مهمة «مينورسو» في الصحراء

TT

غوتيريش يطالب بتمديد مهمة «مينورسو» في الصحراء

طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مجلس الأمن تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو»، داعياً الحكومة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب «البوليساريو» إلى مواصلة المحادثات، التي بدأها المبعوث الدولي السابق هورست كولر، كما طالب الطرفين بـ«الانخراط بحسن نية ومن دون شروط سابقة» في العملية السياسية، بمجرد تعيين مبعوث شخصي جديد.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أممية متعددة أن الأمين العام «يسعى إلى تعيين موفد جديد في أقرب فرصة، مع مراعاة تطبيق السياسة المتبعة في هذا الشأن منذ عقود». وأكد دبلوماسي أن «الرباط تفضل وسيطاً أممياً لا يكون من الدول الأعضاء في مجلس الأمن».
وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من أحدث تقرير لغوتيريش بشأن الوضع في الصحراء، عبر فيه عن استمرار قناعته بأن «حل المسألة أمر ممكن»، مشدداً على أنه ينبغي «إيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، من شأنه أن يوفر حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية وفقا للقرار 2440»، علما بأن ذلك «يتطلب إرادة سياسية قوية من الأطراف، ومن المجتمع الدولي».
ورأى التقرير أن مبعوثه الشخصي السابق هورست كولر «تمكن من إعادة إطلاق زخم ودينامية مطلوبين للغاية للعملية السياسية، بما في ذلك عبر عملية المائدة المستديرة»، وذلك بمشاركة المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، مطالباً بـ«عدم تضييع الاستمرارية والزخم في هذه العملية السياسية»، وحض أعضاء مجلس الأمن وأصدقاء الصحراء وغيرهم من الجهات الفاعلة ذات الصلة على «تشجيع» المغرب وجبهة البوليساريو على «الانخراط بحسن نية ومن دون شروط مسبقة في العملية السياسية بمجرد تعيين مبعوث شخصي جديد».
وإذ لاحظ التقرير أنه «لا يزال هناك نقص في الثقة بين الطرفين»، أقر بأنه «لا المغرب ولا جبهة البوليساريو يبدوان على ثقة بأن الطرف الآخر مستعد للمشاركة بجدية والقيام بالتسويات الضرورية». وحضهما على «القيام بمبادرات حسن النية تظهر استعدادهما لإحراز تقدم نحو حل سياسي للنزاع»، مع «الامتناع عن الخطابة الضارة لحل كهذا».
وأفاد التقرير أيضا بأن بعثة مينورسو «واصلت الاضطلاع بدور ثمين، رغم التحديات (...) في رصد وإعداد التقارير عن تنفيذ الاتفاقات العسكرية، وفي التعامل مع الأطراف لمنع التوترات، أو خفضها»، مشدداً على أن «هذا الدور لا يزال حاسما للحفاظ على بيئة مواتية لنجاح العملية السياسية». كما لفت إلى أن قدرة «مينورسو» على مواصلة الاضطلاع بهذا الدور «تعتمد إلى حد كبير على التزام الطرفين بدعم وتيسير تنفيذ تفويض البعثة، واحترام استقلالها وحيادها». ودعا كل الأطراف إلى «مواصلة التزامها، والمحافظة على اتصالات منتظمة مع القيادة المدنية والعسكرية للبعثة».
في السياق ذاته، رحب غوتيريش بتعاون المغرب في «معالجة الانتهاكات»، التي أشار إليها في التقرير السابق، مطالباً الطرفين بـ«التعاون الكامل» مع البعثة. وعبر عن «القلق من التوجهات الأخيرة في معبر الكركرات»، موضحاً أن «تزايد الحركة التجارية عبر المنطقة العازلة، وتنامي النشاطات المدنية لعرقلتها توجدان توترات في تلك المنطقة الحساسة». وحض الجانبين بشدة على «الامتناع عن أي إجراءات متعمدة في الكركرات، أو في أي مكان آخر بالمنطقة العازلة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».