تسعى فرنسا لإقناع شركائها الأوروبيين بإرسال قوات خاصة إلى منطقة الساحل الأفريقي من أجل تدريب قوات الجيوش الوطنية، وخصوصا الجيش في دولة مالي، التي واجهت في الأيام الأخيرة هجوما أسفر عن سقوط 25 قتيلا في صفوفها. وتعتبر باريس التي تنشر قوات في تلك المنطقة منذ 2013، يصل قوامها حالياً إلى 4500 جندي، الرهان كبيرا، فتعزيز القدرات العسكرية لجيوش مالي والنيجر وبوركينا فاسو شرط مسبق لبدء أي عملية انسحاب عسكري فرنسي، وهو انسحاب تخطط له وزارة الدفاع الفرنسية على «المدى البعيد». وتنشر فرنسا قواتها في منطقة الساحل الأفريقي منذ يناير (كانون الثاني) 2013، عندما تدخلت عسكرياً بطلب من الحكومة المالية لمنع سيطرة الجماعات الإرهابية على العاصمة باماكو، وذلك بعد أن سيطرت على مناطق واسعة من شمال البلاد. وتعتمد الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في دولة مالي على شقين، كما قال رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر في تصريحات أدلى بها يونيو (حزيران) الماضي، أولهما إضعاف الجماعات الإرهابية «بما يسمح بجعلها في مستوى القوات المسلحة المالية التي يجب أن تواجهها بمفردها أو بمواكبة أقل من قوة برخان الفرنسية لمكافحة الإرهابيين».
وفي الوقت نفسه، تعزيز هذه القوات للتخفيف عن الجيش الفرنسي «وقبل بدء التفكير على الأمد الطويل، بانسحابنا»، وقد نجح الفرنسيون في إلحاق ضربات موجعة بالجماعات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، إذ تم القضاء على كثير من قياداتها البارزة. أما فيما يتعلق بتأهيل القوات المحلية، ورغم جهود الاتحاد الأوروبي في إطار مهمة التدريب وقوة برخان، فما زال الجيش المالي هدفا سهلاً لهذه الجماعات، فالهجومان اللذان وقعا مطلع الأسبوع الحالي واستهدفا معسكري موندورو وبولكيسي في منطقة استراتيجية لتحركات ونفوذ الإرهابيين على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، سببا سقوط أكبر عدد من القتلى منذ مارس (آذار) الماضي عندما أوقع هجوم على معسكر في ديارا (وسط مالي) نحو ثلاثين قتيلا.
ومنذ أسابيع تسعى باريس إلى حشد شركائها الأوروبيين للمشاركة في مواكبة الجيش المالي في المعركة، وكانت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أول من تحدث عن هذه الفرضية في بداية يونيو الماضي، بدعوتها إلى إرسال قوات خاصة أوروبية إلى منطقة الساحل لدعم جهود أربعة آلاف عسكري فرنسي في قوة برخان، بينهم مئات من أفراد القوات الخاصة؛ وقالت بارلي: «يجب علينا أن نواكب القوات المسلحة في الساحل بعد تأهيلها. إذا لم يفعل الأوروبيون المعنيون مباشرة بالأمر ذلك فمن سيقوم به؟».
وذكر مصدر قريب من الملف أن مهمات هذه القوات التي تسمى «قوة العمل المشتركة للعمليات الخاصة» ستكون مشابهة لتلك التي قامت بها فرق التدريب في «فريق الارتباط العملاني التوجيهي» التي كانت تعمل في أفغانستان. وقال ضابط كبير طلب عدم كشف هويته إن «هؤلاء الرجال سيوضعون تحت قيادة فرنسية لكن كما يحدث في كل تحالف، مع تحفظات»، أي الشروط التي تضعها كل دولة لعمل قواتها في الخارج.
وأضاف أن «أحد الأهداف الرئيسية التي نسعى إلى تحقيقها هو التمكن من الاعتماد على طاقات جديدة لمواكبة القوات المحلية»، محذرا في الوقت نفسه من أن هذه القوة «يجب ألا تثقل على برخان التي تنشط بشكل كبير» في منطقة تعادل مساحتها مساحة القارة الأوروبية. وحتى الآن، لم تتعهد سوى إستونيا التي تشارك بخمسين جنديا أصلا في قوة برخان، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بإرسال قوات خاصة إلى مالي؛ لكن مصدرا حكوميا قال إن «مشاورات ما زالت جارية مع دول عدة»؛ وتملك دول أوروبية كثيرة قوات خاصة داخل جيوشها، مثل بريطانيا وإيطاليا وجمهورية التشيك والدول الإسكندنافية.
باريس تسعى إلى تشكيل قوات خاصة أوروبية لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي
ستتولى تدريب الجيوش المحلية وتمهد لانسحاب فرنسي تدريجي
باريس تسعى إلى تشكيل قوات خاصة أوروبية لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة