مظاهرة في القامشلي احتجاجاً على إقصاء الأكراد من «الدستورية»

مظاهرة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في القامشلي أمس (الشرق الأوسط)
مظاهرة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في القامشلي أمس (الشرق الأوسط)
TT

مظاهرة في القامشلي احتجاجاً على إقصاء الأكراد من «الدستورية»

مظاهرة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في القامشلي أمس (الشرق الأوسط)
مظاهرة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في القامشلي أمس (الشرق الأوسط)

شارك نحو 5 آلاف شخص من أكراد سوريا، يوم أمس، في وقفة احتجاجية أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في مدينة القامشلي، الواقعة أقصى شمال البلاد، تنديداً بإقصاء ممثلي الإدارة الذاتية و«مجلس سوريا الديمقراطية» عن تشكيلة اللجنة الدستورية التي ستعقد أولى جلساتها في 30 من الشهر الحالي.
ورفع مشاركون لافتات أمام بوابة المبنى الأممي، الذي كان من دون حراسة أمنية، كُتب على إحداها: «لن نقبل أبداً بعدم مشاركتنا بكتابة دستورنا»، وكُتب على لافتة ثانية: «من حقنا المشاركة في صياغة مستقبل بلدنا»، وكتبت عبارة على لافتة أخرى تقول: «الدستور الذي لا نشارك بصياغته لا يعنينا»، وتقدمت وقفة الاحتجاجات أمهات وذوو المقاتلين الذين قُتلوا في المعارك التي خاضتها «وحدات حماية الشعب» الكردية، العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، خلال العامين الماضيين ضد تنظيم «داعش» شمال شرقي سوريا، ورفعوا صورهم ولافتات تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر بهذه الخطوة، التي وصفوها بغير العادلة.
وقالت كليستان، السيدة الخمسينية التي قُتل ابنها ذو العشرين عاماً في معارك القضاء على التنظيم، وكانت تحمل صورته: «نحن هنا لنقول للأمم المتحدة ومبعوثها لماذا أقصيتم أكراد سوريا عن التشكيلة، نطالب بإشراكنا في كتابة مستقبل بلدنا، هذه الخطوة مجحفة بحق مليونين ونصف مليون كردي».
وأعرب شاب يدعى لقمان (23 سنة) والذي كان يرفع لافتة تطالب بمشاركة الأكراد وباقي مكونات شمال شرقي سوريا في اللجنة الدستورية، أن عدم مشاركة شريحة واسعة من أبناء المنطقة «سيجعل مصيرها (اللجنة الدستورية) الفشل حتماً» على حد زعمه، وقال: «أي دستور يكتب ويصاغ ويتم إقراره من دون مشاركة مكونات شمال شرقي سوريا لا يعنينا».
وتسيطر الإدارة الذاتية، المُعلنة في يوليو (تموز) من العام الماضي، وقواتها العسكرية، على مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، وتتلقى الدعم من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، لكن ممثليها غير مشاركين في خطوة اللجنة الدستورية التي طال انتظارها في عملية السلام المتعثرة، وأكدت في بيان نشر على حسابها الرسمي: «فيما يتعلق بإقصاء الإدارة، فهو غياب للعدالة والمساواة، وتناقض تام مع القرار الأممي (2254) القاضي بحل الأزمة السورية بمشاركة كل السوريين»، وانتقدت منظمة الأمم المتحدة والدول الفاعلة بالملف السوري الرضوخ للضغوط التركية، ولفتت: «لا يمكن تجاوز مكونات مهمة أساسية في الحل وفي الدستور بسبب حساسيات تركيا، مع أن دعمها للتطرف وتطويرها لسياسات الاحتلال والتقسيم في سوريا تدركها الأمم المتحدة والدول الأخرى كافة»، بحسب بيان الإدارة الذاتية المنشور قبل يومين.
واعتبر بدران جيا كورد، كبير مستشاري الإدارة الذاتية، أن «إقصاءنا له مؤشران، الأول محاولة تقسيم سوريا، أما الثاني فهو إطالة أمد الأزمة وكسب الوقت لإقناع الأطراف بقبول الدستور القديم»، مشيراً إلى أن هذه المحاولات لن تُفضي إلى حلّ الأزمة السورية المعقدة، وشدّد قائلاً: «تجب مشاركة كل الأطراف في هذه المرحلة بقرار واتفاق بين جميع السوريين، فروسيا وإيران وتركيا تسعى إلى وضع دستور دون مشاركة السوريين أنفسهم، وهذا غير مقبول».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.