«الاشتراكي» يعد ورقة إصلاحات لتجنب انهيار الاقتصاد اللبناني

أبو الحسن لـ «الشرق الأوسط» : تحتاج إلى إرادة ونيّة لتطبيقها

TT

«الاشتراكي» يعد ورقة إصلاحات لتجنب انهيار الاقتصاد اللبناني

أنجز «الحزب التقدمي الاشتراكي» في لبنان ورقة إصلاحات اقتصادية ومالية، تُعدّ نسخة مطورة عن الورقة الاقتصادية التي أعدها قبل أشهر وعرضها على القوى السياسية؛ بهدف إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي، منعاً للانهيار الاقتصادي في البلاد.
وتنضم هذه الورقة الاقتصادية إلى مجموعة مقترحات تقدمت بها أحزاب وقوى سياسية لإنهاء تردي الوضع الاقتصادي الذي يستنزف ميزانية الدولة ويعيق حركة الاقتصاد، وهي مقترحات تطال بشكل أساسي ترشيق الإنفاق وتخفيض العجز، وتدفع بها القوى السياسية بموازاة انكباب الحكومة على مناقشة الموازنة العامة لعام 2020، ومطالب دولية بتنفيذ الإصلاحات في البلاد.
والورقة التي عرضها وفد من «الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي» على رئيس الحكومة سعد الحريري، أول من أمس، بغرض دراستها، ينظر إليها «الاشتراكي» على أنها «فرصة أخيرة» لإنقاذ الوضع، وتسعى لتصحيح ميزان المدفوعات من خلال تخفيض القدرة الشرائية عبر تخفيض الإنفاق العام على الأجور ورواتب التقاعد والدعم والخدمات الأساسية، وعبر السعي لزيادة الضرائب على الاستهلاك. وتهدف إلى الحد من خلق النقد والطلب على العملات الأجنبية، والحد من الاستيراد واستنزاف الدولار.
وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن المقترح الذي تم تقديمه للحريري يتضمن الرؤية الاقتصادية وملاحظات حول الموازنة، وآلية تتضمن دفتر شروط لإنتاج الطاقة، لافتاً إلى أن الأوراق الثلاث تم تقديمها في الوقت نفسه، ولم يتسنّ له بعد الاطلاع عليها، وسيناقشها مع فريقه الاقتصادي.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أهمية الجهد الذي تبذله الحكومة وجدية الملاحظات التي تقدمها، فإن الأهمية الآن هي كيف ننحو صوب الإصلاحات الجدية». وأضاف: «نمرّ بأزمة كبيرة، وثمة حرص لدينا على تنفيذ الحكومة للإصلاحات»، مشدداً على أن جوهر التحرك الذي يقوم به «الاشتراكي» متعلق بكيفية تسريع الإصلاحات. وقال: «لا صعوبات بتنفيذ هذه الورقة. الصعوبة هي أن نتقبل فكرة الانهيار، وليس المبادرة إلى الإصلاحات»، مشيراً إلى أن الورقة تتضمن جملة مقترحات قابلة للتنفيذ «لكنها تحتاج إلى إرادة ونية لتطبيقها».
والورقة الاقتصادية التي تقدم بها نواب «اللقاء الديمقراطي» و«الحزب الاشتراكي»، هي نسخة مطورة عن الورقة الأولى التي أعدها الحزب قبل أشهر، وجال بها على القوى السياسية، وهي تتقاطع مع أوراق اقتصادية أخرى قدمتها أحزاب وتيارات وقوى سياسية أخرى ببعض البنود. ولا ينفي أبو الحسن هذه الوقائع، مشدداً على ضرورة أن تجتمع القوى السياسية على النقاط المشتركة والبدء بتنفيذها لتجنب الانهيار في البلد.
وعما إذا كان يتوقع إعاقة سياسية لتنفيذ بعض البنود، على ضوء مناكفات شهدتها التجارب الأخيرة بين القوى السياسية، قال أبو الحسن: «يجب ألا تكون هناك إعاقة سياسية في هذا الوقت. لا نتحمل التنصل من الأعباء. على العكس، يجب توحيد الموقف والنظرة والاستعداد لتحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات الكبرى»، مشدداً على أن البلد لا يحتمل مناكفات؛ لأنه «أمامنا خياران، إما الشروع بإصلاحات جدية والقيام بخطوات إنقاذية، وإما الانهيار».
وقال أبو الحسن، إن الورقة باتت بعهدة الرأي العام كما هي بتصرف القوى السياسية، مشيراً إلى أن نواب ووزراء الكتلة سيناقشونها في الحكومة ولجنة المال والموازنة وفي الهيئة العامة لمجلس النواب، لافتاً إلى «أننا سنبحثها لمحاولة تمريرها، وهذا حقنا الدستوري كنواب مشرعين في البرلمان».
وتتضمن ورقة «الاشتراكي» الاقتصادية وضع خطة لاستنهاض وتحفيز القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، وزيادة الرسوم على استيراد المنتجات التي يصنع مثلها في لبنان. وتشدد على وجوب تخفيض أهم أسباب العجز العام. وفيما يتعلق بالأجور، تقترح تطبيق سلسلة رتب ورواتب موحدة بين المؤسسات العامة والإدارات وكل المؤسسات ذات المنفعة العامة والمصالح المستقلة الممولة من الدولة.
وتولي الورقة اهتماماً بقطاع الكهرباء لتخفيض العجز فيه، وتشدد على ضرورة الالتزام بسقف التحويلات من الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بـ1500 مليار ليرة لعام 2020 (مليار دولار تقريباً)، كما تقترح إصلاحات ضريبية ومالية وإدارية ومؤسساتية، وإصلاح أنظمة التقاعد والتقديمات، وإصلاحات تربوية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.