تحذيرات من استغلال تسهيلات الدولار للالتفاف على عقوبات سوريا وإيران

TT

تحذيرات من استغلال تسهيلات الدولار للالتفاف على عقوبات سوريا وإيران

قالت مصادر وزارية لبنانية إن التعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أول من أمس، لتأمين استمرارية استيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية «يحتاج إلى أن يُتبع بضبط تمارسه السلطات الأمنية والقضائية، لمنع دخول الأدوية السورية والإيرانية المعرضة لعقوبات، ولمنع استغلال المهربين إلى سوريا وفرة المشتقات النفطية في لبنان وتهريبها عبر الحدود»، محذرة من «أن يكون لبنان يؤمن العملة الصعبة للسوق اللبنانية وجزء من السوق السورية وربما الإيرانية في الوقت نفسه».
وأصدر مصرف لبنان، أول من أمس، تعميماً لحل أزمة نقص الدولار الضروري لاستيراد سلع أساسية بينها المشتقات النفطية، بعد أسبوع على أزمة بلغت ذروتها باحتجاجات في الشارع. وأعلن المصرف أنه يمكن للمصارف التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية، الطلب منه تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار، على أن تتقيّد بأن تفتح لكل عملية حسابات خاصة لدى مصرف لبنان، وأن تقدّم له نسخة عن المستندات المتعلقة بكل اعتماد.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «على رغم الحل الذي وضعه مصرف لبنان على السكة لتأمين الدولار لاستيراد المشتقات النفطية، فإن الأمور تحتاج إلى ضبط لعدم استيراد الأدوية من إيران وسوريا اللتين تعانيان من عقوبات دولية».
وتوقفت المصادر عند فاتورة استيراد المشتقات النفطية في الموازنة السورية التي لم تخصص لها حكومة دمشق أي اعتماد مالي، ما يعني أن سوريا التي تعاني نقصاً بالمشتقات النفطية، بسبب الأضرار التي لحقت بمنشآت استخراج النفط في البلاد جراء الحرب والعقوبات، «أمامها احتمالان لتأمين هذه الحاجة، إما بالاستيراد من إيران، وإما بالتهريب من لبنان».
وشددت على أنه لهذا السبب «يحتاج موضوع دعم المشتقات النفطية إلى تشدد لمنع تهريبه من لبنان إلى سوريا»، مشيرة إلى أن الاستيراد اللبناني للمشتقات النفطية في الأشهر الأخيرة «تضاعف، ما يعني أن جزءاً كبيراً من المحروقات، وخصوصاً البنزين، يجري تهريبه عبر الحدود إلى سوريا».
وحذرت من أن يتحول ما يوفره مصرف لبنان لتأمين احتياجات المشتقات النفطية، إلى «تأمين احتياجات السوق اللبنانية وجزء من السوق السورية وربما الإيرانية»، مشددة على «ضبط ذلك عبر إجراءات قضائية وأمنية وبتشدد بالغ في موضوع المشتقات النفطية والتهريب عبر الحدود».
وقالت المصادر إن هناك أزمة ثالثة فاقمت أزمة الدولار في لبنان، تمثلت في فتح سوق الصيرفة في لبنان أمام تجار العملة السوريين، لافتة إلى أن «التجار السوريين الذين يصرفون الدولار في سوريا مقابل 600 ليرة سورية، يصرفونه في لبنان بأسعار مغرية مقابل 850 ليرة سورية، بسبب ندرة الدولار في سوريا، وعليه يتم سحب الدولار من السوق اللبنانية»، فضلاً عن أن «السوريين يهربون بضائع إلى لبنان ويقبضون ثمنها بالليرة اللبنانية، ويلجأون إلى قطاع الصيرفة في لبنان لمبادلتها بالدولار، مستفيدين من الحرية التي يتمتع بها قطاع الصيرفة في لبنان». وأضافت أنه «أمام هذه المعطيات، وفي ظل غياب أدوات لدى مصرف لبنان للقيام بالضبط، يجب أن يكون الضبط قضائياً وأمنياً كي يوفر الدولار للسوق اللبنانية فقط، وليس للسوق السورية والإيرانية أيضاً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.